طُلب من جميع الكنائس الكاثوليكية في سريلانكا أن تغلق أبوابها وتعلق الصلوات إلى أن تستتب الأوضاع الأمنية بعد الاعتداءات التي أوقعت 359 قتيلا في عيد الفصح، وفق ما أعلن مسؤول كنسي لوكالة فرانس برس الخميس.

وقال رجل الدين "بناء على توصية قوات الأمن سنغلق جميع الكنائس" مضيفا "لن تُقام قداديس للمؤمنين حتى إشعار آخر".

وتم تشديد الاجراءات الأمنية حول الكنائس في أنحاء البلاد، كما ذكر مسؤولون حكوميون.

واستهدفت سلسلة تفجيرات انتحارية ثلاث كنائس -- اثنان منها كاثوليكية -- وثلاثة فنادق يوم أحد الفصح. وأدت الاعتداءات أيضا إلى إصابة المئات بجروح.

ووقعت التفجيرات فيما كانت الكنائس مكتظة بالمصلين خلال إحياء قداس عيد الفصح.

الى ذلك أقرّت سلطات سريلانكا الأربعاء بوجود "تقصير" من جانب الدولة على المستوى الأمني، حال دون منع اعتداءات نفذها متطرفون، الأحد، وأوقعت نحو 360 قتيلا، وذلك رغم معلومات مسبقة عن اعتداءات محتملة كانت حصلت عليها أجهزة الاستخبارات.

وتتعرض إدارة السلطات خلال الأيام التي سبقت الاعتداءات الانتحارية التي تبناها "تنظيم الدولة" الإرهابي، المعروف باسم "داعش"، إلى انتقادات متعاظمة في ظرف سياسي يتميز باحتدام الصراع على السلطة بين الرئيس السريلانكي مايثريبالا سيريسينا ورئيس وزرائه رانيل ويكريميسينغي.

ونفذ انتحاريون مجزرة صباح الأحد في 3 كنائس خلال قداس الفصح في كولومبو وفي 3 فنادق فاخرة في العاصمة وأماكن أخرى في البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 21 مليون نسمة. وفشلت محاولة اعتداء على فندق رابع.

وكانت الأجهزة الأمنية تلقت قبل 15 يوما مذكرة تتضمن معلومات استنادا إلى "وكالة استخبارات أجنبية"، حذرت من أن حركة "جماعة التوحيد الوطنية" الإسلامية المحلية تعد لتنفيذ اعتداءات. ولم يتم إبلاغ رئيس الحكومة ولا كبار الوزراء بها.

وأقرّ نائب وزير الدفاع ريوان ويجواردين بأنه "كان هناك بوضوح تقصير في نقل المعلومات. على الحكومة تحمل مسؤولياتها لأنه لو تمّ إبلاغ المعلومات إلى الأشخاص المعنيين، كان ذلك سيتيح تفادي أو تخفيف" هذه الاعتداءات.

اعتقالات جديدة 

وفي حين تتالت الجنازات لتشييع ضحايا الاعتداءات التي حصدت العدد الأكبر من القتلى منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، واصلت سلطات سريلانكا الأربعاء ملاحقة المشتبه بهم.

وخلال عمليات دهم ليلية، أوقفت قوات الأمن 18 شخصا إضافيين، بعد 40 تمّ اعتقالهم منذ الأحد. وارتفعت حصيلة ضحايا الاعتداءات المروعة من 320 إلى 359 قتيلا ونحو 500 جريح.

ونسبت الحكومة الاعتداءات إلى "جماعة التوحيد الوطنية" الإسلامية التي لم تعلن مسؤوليتها. فيما نشر "داعش" الإرهابي على حساباته على تطبيق "تلغرام" صورا وأشرطة فيديو قال إنها للمهاجمين السبعة الذين نفذوا الاعتداءات.

ولم تؤكد السلطات تورط التنظيم في العملية الأشد دموية (خارج العراق وسوريا) التي يتبناها التنظيم المتطرف. 

وقال نائب وزير الدفاع في مؤتمر صحافي الأربعاء إن الاعتداءات دبرها "فصيل منشق" عن "جماعة التوحيد الوطنية"، دون مزيد من التفاصيل.

وأضاف "زعيم (هذا الفصيل) الذي قاد الهجوم، هو أحد الانتحاريين وقد قتل"، موضحا أنه فجر نفسه في فندق شنغري-لا بكولومبو.

تسعة انتحاريين 

وأعلنت الحكومة السريلانكية الأربعاء أن "تسعة انتحاريين" قضوا في ذلك اليوم. وتم التعرف على أسماء 8 منهم دون كشفها.

وبين المواقع الثمانية التي استهدفت، 6 كنائس (3 في كولومبو ونيغومبو وبيتاكالاو و3 فنادق فاخرة بكولومبو)، شهدت تفجيرات انتحارية صباحا.

ثم سجلت انفجارات عند منتصف النهار في مكانين منفصلين عند أطراف كولومبو، نفذها مشتبه بهم فجروا أنفسهم للإفلات من الاعتقال. وكان أحدهم مكلفا بتنفيذ اعتداء في فندق فاخر رابع محاذ للثلاثة الأخرى، لكنه لم يفجر نفسه لسبب غير معروف. وحين حاصرته قوات الأمن بعد ساعات في الضاحية الجنوبية لديوالا، فجر نفسه.

وفي التوقيت ذاته تقريبا، فجر رجل وامرأة نفسيهما خلال عملية أمنية في منزل مشبوه بالضاحية الشمالية لاوروغوداواتا، بحسب مصادر مطلعة على التحقيق.

ولا يعرف مصير الزعيم المفترض لحركة التوحيد الوطنية زهران هاشم.

وبحسب نائب وزير الدفاع، فإن "معظم" الانتحاريين "متعلمون ويتحدرون من الطبقة المتوسطة أو المتوسطة العليا، وبالتالي هم غير محتاجين ماديا وأسرهم مستقرة"، معتبرا هذا "عاملا مثيرا للقلق".

ودرس أحد الانتحاريين في المملكة المتحدة وحصل على تعليم عال في أستراليا.

ويمكن أن يؤدي التقصير في الإبلاغ عن معلومات بالغة الأهمية، إلى تجدد الصراع على السلطة في البلاد.

وتتبع الشرطة الرئيس السريلانكي الذي يخوض صراعا مفتوحا مع رئيس الحكومة. وكان الرئيس أقال رئيس الحكومة في خريف 2018 لكنه أُجبر على إعادته بعد 7 أسابيع من الفوضى السياسية.

وبين الرجلين عداوة متبادلة ويعرقل كل منهما عمل الآخر.

وأعلن الرئيس أنه سيجري الأربعاء "تغييرات مهمة" على رأس أجهزة الأمن.

المملكة + أ ف ب