اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل عام 1967 لا يغير وضع الهضبة القانوني كأرض محتلة، ولا يعطي مشروعية لإسرائيل، لكنه قد يمنح حصانة لممارساتها، وفقا لمختصين قانونيين أردنيين.

ترامب وقّع الاثنين إعلانا يعترف فيه بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، وذكر أن الوقت قد حان للولايات المتحدة لأن "تعترف تماماً" بسيادة إسرائيل على الأرض.

"الاعتراف الأميركي بالجولان والقدس المحتلتين لا يغير وضعيهما القانونيين، أو أوضاع الأراضي العربية المحتلة قاطبة؛ ستبقى تلك الأراضي محتلة وخاضعة للقانون الدولي، وستبقى إسرائيل دولة قائمة بالاحتلال؛ مما يفرض عليها التزامات قانونية دولية" يقول الخبير في القانون الدولي، أنيس فوزي قاسم.

"تصرف إسرائيل بخلاف ذلك يعد ارتكاباً لجريمة حرب، كما تفعل حالياً" يضيف قاسم لـ "المملكة".

إسرائيل احتلت هضبة الجولان السورية في حرب يونيو 1967، وضمتها عام 1981، في خطوة لا يعترف بها العالم، فيما تستمر سوريا في المطالبة باستعادتها.

"أي إجراء داخلي من دولة، حتى لو كانت له انعكاسات دولية، يخص تلك الدولة وحدها، ولا يؤثر على قرارات الشرعية الدولية الملزمة الصادرة عن الأمم المتحدة" يقول وزير الدولة للشؤون القانونية الأسبق، إبراهيم الجازي.

"قانونياً، لن يؤثر الاعتراف على وضع الجولان، وهو محتل وفقا للقانون الدولي والمفهوم الشعبي. أما سياسياً فقد يغير الاعتراف الأميركي في تعامل دول مع إسرائيل بشكل قد يصب في مصلحتها" يضيف الجازي، وهو محام دولي يحمل شهادة الدكتوراه في القانون الدولي.

"مبادئ آمرة"

في 22 نوفمبر 1967 أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 242 بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب 1967، بما في ذلك الجولان. المجلس أصدر قرارا حمل الرقم 497 في عام 1981 أكد فيه الوضع القانوني للجولان السوري كأرض محتلة، رافضا ضمها لإسرائيل.

قرار ترامب يتعارض مع مبدأ في القانون الدولي "أكثر إلزامية" من القرارين 242 و497.

"لا يجوز اكتساب أراضي الغير بالقوة. هذا مبدأ ثابت منذ أكثر من 100 عام" يقول قاسم، موضحا أن مجلس الأمن الدولي استند في قراريه على هذا المبدأ.

ويبين قاسم أن قرار ترامب "قرار باطل بطلاناً مطلقاً؛ لتعارضه مع ذلك المبدأ، وهو من المبادئ الآمرة، أي لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على مخالفتها".

ويعتبر الجازي أن القرار الأميركي "ارتداد على قرار 242 الذي وافقت عليه 5 دول دائمة العضوية في مجلس الأمن".

وزير الخارجية أيمن الصفدي قال الاثنين، إن "الجولان أرض سورية محتلة وفقاً لجميع قرارات الشرعية الدولية".

مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية قال، إن "قرار ترامب يمثل أعلى درجات الازدراء للشرعية الدولية، وصفعة مهينة للمجتمع الدولي ..."

وذكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن "إعلان (ترامب) باطل شكلاً وموضوعاً"، ويعكس حالة من الخروج عن القانون الدولي روحاً ونصاً، مشيراً إلى أن "الإعلان الأميركي لا يغير من وضعية الجولان القانونية شيئاً".

نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إريك غولدستين، قال: "يبدو أن الرئيس ترامب يستعد لتدمير القانون الدولي الذي يحمي سكان الجولان المحتل. إذا تابع ترامب ذلك، قد يشجع دولا أخرى محتلة على تصعيد ضمّ الأراضي، وإنشاء المستوطنات، ونهب الموارد".

"خداع ذاتي"

تحاول واشنطن من خلال قرار اعترافها إضفاء صفة شرعية على احتلال إسرائيل للجولان، وعدم اعتبارها سلطة محتلة، وفق قاسم.

"إسرائيل تحاول ممارسة خداع ذاتي معتقدة أن ممارساتها، بما في ذلك إقامة مستوطنات في القدس والجولان، ليست جرائم دولية" يقول قاسم.

"بالتالي تشعر إسرائيل أن القرار الأميركي يعطيها صك براءة، وحماية من المساءلة القانونية، طالما الوضع الدولي القائم منحاز لسلطة الدولة الواحدة أو القطب الواحد" يضيف قاسم.

في ديسمبر الماضي، صوت الأردن لمصلحة قرار ناقشته الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلنت فيه أن إسرائيل فشلت حتى الآن في الامتثال لمجلس الأمن رقم 497 لعام 1981.

فرض إسرائيل قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل "باطل ولاغٍ، وليس له شرعية على الإطلاق" وفق القرار.

ويرى قاسم أن الولايات المتحدة ستعرقل أي جهد لمقاضاة إسرائيل.

"قرار الاعتراف قد يُعطي إسرائيل حصانة، لكنه لا يعطيها مشروعية بالمطلق ... ممارسات إسرائيل في الأراضي المحتلة تبقى جرائم حرب لا تتقادم بمرور الزمن" يؤكد قاسم.

الجازي يعتقد أن "الخطر يكمن" في ارتفاع عدد الدول التي ستعترف بسيادة إسرائيل.

"الولايات المتحدة لها تأثير ونفوذ، وبعض الدول لها علاقة خاصة معها، لكن هذه الدول قد تتخذ قرارات محاباة لواشنطن وإسرائيل" وفق الجازي.

المملكة