حين ضرب نيبال زلزال قوي في العام 2015، لاذ بودوما شيربا بالفرار كالمجنون، ليس خوفاً من اهتزاز الأرض، بل ذعراً من أن تُغرق البحيرة الجليدية الواقعة فوق قريته المنطقة بأسرها.

فبسبب الاحترار المناخي، يؤدي ذوبان الجليد في هذا البلد الواقع في جبال هملايا إلى تشكل المزيد من البحيرات المتجمدة التي يرى خبراء أنها أشبه بقنابل موقوتة يمكن أن يؤدي تكسر سطحها إلى فيضانات تغرق المناطق المجاورة.

وفي نيبال، يزداد خطر الفيضانات بسبب الزلازل، فهذا البلد واقع على فالق زلزالي يجعله عرضة لهزات عنيفة كالتي وقعت في العام 2015، بقوة سبع درجات وثمانية أعشار الدرجة، وأوقع تسعة آلاف قتيل.

وهذا البلد من الأقل في العالم مساهمة في انبعاثات الغازات المسببة للاحترار، لكنه من الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة التي تغير وجه المناخ على الأرض.

يعيش بوندوما شيربا في قرية سورك الجبلية الواقعة على سفح بحيرة إيمجا المتجمدة، وهي تمتد اليوم بطول كيلومترين اثنين.

ويعيش أكثر من 12 ألف شخص في ما يشكل مجرى ماء هذه البحيرة، بحيث أن أي ارتجاج عنيف قد يولد فيضاناً مائياً مدمراً يصل مداه إلى جنوب البلد، وفقاً للخبراء.

ويقول بودوما شيربا البالغ من العمر 46 عاماً لمراسل وكالة فرانس برس "نحن نخشى أن يسبب اهتزاز الأرض فيضاناً في البحيرة، ولذا صرنا نجري حين وقع الزلزال" في أبريل من العام 2015.

وصحيح أن البحيرة حينها لم تتأثر، لكن هذه المسطحات المتجمدة تبقى كابوساً يؤرق السكان المحليين.

مشاريع مكلفة

أحصى تقرير للمركز الدولي لتنمية الجبال وجود ألف و466 بحيرة جليدية في النيبال في العام 2014، منها 21 بحيرة خطرة.

ويقول خبراء إن العدد الحقيقي يرتفع إلى ألفين.

في ظل هذا الواقع، يزداد الخطر في الوديان لأنها تصبح أكثر فأكثر مأهولة بالسكان، ولأن مشاريع البنى التحتية فيها ومشاريع توليد الكهرباء من السدود صارت أكثر انتشاراً، بحسب أرون باكتها شريستا الخبير في شؤون التغير المناخي في المركز.

قبل عامين، تنفس السكان في جوار بحيرة إيمجا الصعداء حين خفضت السلطات منسوب البحيرة ثلاثة أمتار و40 سنتيمتراً، بفضل قناة صرف ونظام تحذير.

ويقول بودوما "نشعر باطمئنان أكثر من ذي قبل".

ويشرح ديباك كي سي الخبير في برنامج الأمم المتحدة للتنمية "الآن هناك قناة، أي تراكم للمياه سيجري تصريفه، وهكذا قلص الخطر".

وبحيرة إيمجا هي الثانية التي يُصرف ماؤها على هذا النحو. ففي العام 2000 خفضت السلطات النيبالية منسوب بحيرة تشو روبلا التي كانت تشكل خطراً على شمال شرق البلاد.

لكن هذه المشاريع في المناطق الجبلية صعبة ومكلفة على بلد فقير مثل النيبال.

ويقول ريشي رام شارما المدير العام للهيئة الوطنية للعلوم المائية والأحوال الجوية "نحن كبلد صغير لا يمكننا أن نفعل كثيراً من الأشياء مع بحيراتنا المتجمدة، لكن علينا أن نبذل جهدنا للتكيف مع وجودها ولحماية شعبنا".

أ ف ب