اصدرت محكمة مكافحة الفساد الباكستانية في اسلام اباد حكما غيابيا بالسجن عشر سنوات على رئيس الوزراء السابق نواز شريف، بحسب ما ذكر محاموه، في ضربة لحزبه الذي يخوض حملة لانتخابات 25 يوليو.

واثار الحكم، الذي من المرجح ان يعزز موقف حزب المعارضة الرئيسي بقيادة عمران خان، التساؤلات حول ما اذا كان نواز سيعود الى باكستان من لندن حيث تتلقى زوجته العلاج من مرض السرطان. 

والعام الماضي امرت المحكمة العليا بعزل شريف عقب تحقيق في تهم فساد، كما حظرت عليه ممارسة السياسة طوال حياته. الا انه يظل رمزا لحزبه الحاكم، حزب الرابطة الاسلامية-نواز. 

ويقول شريف انه ضحية مؤامرة وراءها الجيش المتنفذ الذي حكم باكستان لنحو 35 عاما منذ استقلالها قبل 70 عاما. 

وخرجت احتجاجات صغيرة عقب صدور الحكم في اسلام اباد، الا ان اعدادا كبيرة من قوات الامن احاطت بها. كما خرجت احتجاجات في مدن اخرى من بينها مولتان في البنجاب، وهي ولاية عائلة شريف. 

وكان شريف سلم زعامة الحزب الى شقيقه شهباز الذي يقود حملة الحزب استعدادا لانتقال السلطة الديموقراطي الثاني في تاريخ باكستان. 

وقال شهباز شريف في مؤتمر صحافي متلفز في لاهور عقب صدور الحكم "نحن نرفض هذا القرار .. فهو مبني على الظلم". 

واضاف "هذا القرار سيكتب في التاريخ بحروف سوداء".

اما عمران خان فقد رحب بالقرار في تجمع انتخابي في وادي سوات شمال غرب باكستان. 

وقال وسط ابتهاج الاف من انصاره "اليوم يجب ان يؤدي الباكستانيون صلاة الشكر لأن اليوم هو بداية عهد جديد لباكستان. الان لن يتوجه اللصوص الى البرلمانات بل الى السجون". 

- "موقف صعب" -

حكمت المحكمة على شريف بدفع غرامة ثمانية ملايين جنيه استرليني (10 ملايين دولار) لشرائه عقارات فاخرة في لندن، بحسب ما صرح محامي الدفاع محمد اورانغزيب لوكالة فرانس برس. 

وذكر ممثل النيابة سردار مظفر ان المحكمة امرت بان تصادر الحكومة الفدرالية الممتلكات في منطقة مايفير الفاخرة في لندن. 

وقال محللون ان الحكم سيضر بحملة حزب شريف وسط محاولة شهباز الذي يفتقر الى الكاريزما لمواجهة حزب خان "حركة العدالة" وغيره من الاحزاب. 

وقال المحلل رفعت حسين لوكالة فرانس برس "مهما قال حزب الرابطة الاسلامية-نواز، فإن القرار سيضر بقاعدة اصواته"، مرجحا الا يعود شريف الى باكستان. 

واظهرت استطلاعات اجريت مؤخرا ان ما يصل الى 22% من الناخبين الباكستانيين لم يحسموا رأيهم بعد قبل الانتخابات التي ستجري في 25 يوليو، بحسب المحلل، الذي اضاف انه بعد توجيه تهم الفساد الى قيادة حزب الرابطة الاسلامية-نواز فإن فرص شريف ضعيفة في استخدام "عامل التعاطف" لاستقطاب الاصوات.

ورأى المحلل رسول بوخش رايس ان الحكم وضع شريف في "موقف صعب". 

واضاف "اذا لم يعد شريف يكون حزبه قد انتهى. واذا عاد فعليه الطعن في القضايا ضده وسيعاني كثيرا ولكنه سينقذ حزبه". 

ومنذ الاطاحة به يتهم شريف الجيش بالتدخل في السياسة. وقد سعى اثناء توليه رئاسة الوزراء الى تحسين العلاقات مع الهند، العدو اللدود لباكستان. 

وتحدث صحافيون ونشطاء عن ضغوط من الجيش لمراقبة التغطية الايجابية لحملة حزب الرابطة الاسلامية-نواز وسط مزاعم ب"انقلاب صامت". وقال الجيش انه لا يتدخل في الاعلام. 

وشهد الحزب كذلك سلسلة من الانشقاقات بين مسؤوليه البارزين في الاسابيع التي سبقت الحملة الانتخابية، وهو ما دفع الحزب الى القول أنه مستهدف من المؤسسة الأمنية. 

وظهرت اتهامات الفساد العام الماضي بعد نشر 11,5 مليون وثيقة من شركة "موساك فونسكا" البنمية تكشف تعاملات خارج البلاد للعديد من اثرياء العالم وشخصياته السياسية البارزة.

ودانت تلك الوثائق ثلاثة من ابناء شريف الاربعة هم مريم التي كان من المفترض ان تكون وريثته السياسية، وولداه حسن وحسين.  

والجمعة حكمت المحكمة على مريم بالسجن سبع سنوات.

وواجه شريف العديد من التحديات في الماضي الا انه تمكن من تجاوزها. 

ففي عام 1993 اقيل من منصبه رئيسا للوزراء اثناء ولايته الاولى بتهم فساد، وفي 1999 تم الحكم عليه بالسجن المؤبد بعد ولايته الثانية التي انتهت بانقلاب عسكري. 

وعقب الانقلاب سمح له بالتوجه للعيش في المنفى في السعودية، وعاد منها في 2007 ليصبح رئيسا للوزراء لولاية ثالثة في 2013. 

أ ف ب