أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بتشكيل لجان فرعية من لجنة الصحة الرئيسية المشرفة على متابعة ملف كورونا المستجد من خبراء الصحة العامة والأمراض الوبائية لتحليل البيانات وقراءة الواقع، بما يرفد اللجنة الرئيسية بالتوصيات اللازمة لإدارة الأزمة. 

وشدد، في ورقة سياسات بعنوان "سياسات التعاطي مع كورونا في الأردن: البدائل والخطوات المستقبلية"، على أهمية تفعيل وتأطير شراكة القطاعين العام والخاص للتعاطي مع هذه الأزمة خاصة فيما يتعلق بفرق التقصي الوبائي، والعلاج، وحملات التوعية المختلفة، وإيجاد آلية دائمة للتشاور وتوظيف مقدرات القطاع الخاص خلال هذه الأزمة.

الورقة، بينت أن التعاطي مع الفيروس يتطلب مزيجاً من السياسات الرامية إلى منع انتشار المرض من خلال خفض معدلات المخالطة بين السكان والتوصل إلى الحالات المصابة لعزلها، وتقديم العلاج لها لمنعها من نقل العدوى إلى غيرها، إضافة إلى السيطرة على المرض تتطلب رفع كفاءة الاستقصاء الوبائي للتأكد من الوصول إلى أي بؤر محتملة لتفشي الوباء. 

وأكدت ورقة المنتدى أهمية البيانات في المساعدة على فهم أعمق لجائحة كورونا في الأردن، حيث أكدت الورقة ضرورة توفير المعلومات حتى لو كانت تلك البيانات أولية (raw data) للمختصين من الوزارة وخارجها (الجامعات وغيرها) بهدف تحليلها واستخلاص النتائج مع الحفاظ على مبدأ خصوصية المصابين والمبادئ والمواثيق المتبعة في هذا السياق.

كما أوصت الورقة بالعمل على رفع وعي المواطنين وتوجيه السلوك العام قدر الإمكان نحو تعزيز ممارسات التباعد الاجتماعي، والتقليل من الازدحام في الأماكن العامة، إضافة إلى الحد من المناسبات الاجتماعية، والاحتشاد فيها (مثل: الجاهات وبيوت العزاء). 

ودعت إلى ضرورة العمل على قوننة العمل عن بعد، والمضي قدما في التشريعات الناظمة للتجارة الإلكترونية، وأتمتة الخدمات العامة والخاصة، والعمل على رفع وعي المواطنين بضرورة اتباع نمط حياة صحي معزز لمناعة الجسم من خلال الابتعاد عن التدخين، وممارسة الرياضة وتناول الأطعمة التي تحتوي على معادن وفيتامينات معززة لوظائف جهاز المناعة. 

على صعيد الاستقصاء الوبائي، أوصت الورقة بفحص شريحة ممثلة للمجتمع للوقوف على حجم المشكلة الحقيقي، وصياغة استراتيجية لمواجهة كورونا بناء على ذلك.

وأوصت بتوظيف التكنولوجيا لتتبع المصابين والمخالطين لهم، ومعرفة تاريخهم المرضي، حيث يمكن هنا الاستفادة من تجربة برنامج "حكيم للحوسبة الطبية" في استصدار إحصاءات حول التاريخ الطبي للمرضى، والتعرف على المرضى الأكثر عرضة للخطر.

وأشارت الورقة إلى أهمية القيام بفحص عينات مخبرية لجميع مرضى الالتهابات الرئوية الحادة التي تراجع المستشفيات، للتحري عن وجود حالات مرضية بينهم بغض النظر عن سبق مخالطتهم لحالات مرضية مثبتة لفيروس كورونا المتجدد، وهذا من شأنه تحسين عملية الرصد الوبائي، والتأكد من عدم انتشار المرض بين أفراد المجتمع، مع ضرورة التركيز على مناطق البؤر الساخنة، بالإضافة إلى تطوير آلية من قبل وزارة الصحة والجهات المعنية لمتابعة أي مستجدات للتحوط من عودة فيروس كورونا في مرحلة ما بعد انتهاء الأزمة الحالية.


وأكدت الورقة أهمية العمل على تخصيص الموارد المتاحة من وحدات عناية حثيثة، وأجهزة تنفس اصطناعي لمعالجة الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الوفاة جراء الإصابة بالفيروس، وتوفير بيانات واضحة حول هذه الفئات، والعمل على تحضير مستشفيات رديفة لعزل المرضى في القطاعين العام والخاص في حال تفاقم الوباء وازدياد عدد إدخال الحالات المرضية، إضافة إلى العمل على بناء قدرات الكوادر العاملة في القطاع الطبي حتى تتمكن من التعامل مع الحالات المرضية بحرفية عالية، وإعداد نشرات توعية علمية للعاملين في القطاع الصحي والخدمات المساندة لحمايتهم ووقايتهم ونشرها.

وطالبت الورقة بضرورة الاستعداد والتخطيط لاستعادة الحياة تدريجيا لطبيعتها في أقرب فرصة ممكنة بشرط استقرار أعداد الحالات المسجلة وتسجيل عدد متناقص يومياً مع ضمان تطبيق أساليب الوقاية الصحية الشخصية للمواطنين، مع تفعيل منظومة الاستقصاء الوبائي، وتزويد العاملين بأجهزة الفحص السريع للتعرف على المصابين فوراً. 

المنتدى، بيّن أن السيطرة على جائحة كورونا يحتاج إلى إجراءات متشددة وذات كلف اقتصادية، ولكن انتشار الوباء سيؤدي إلى أزمة صحية ينجم عنها تداعيات اجتماعية واقتصادية سلبية، ولذلك من الضروري العمل على كبح المرض، وتمكين الاقتصاد من الحفاظ على استمرارية بعض الأنشطة للتخفيف من الآثار الاقتصادية والمالية اللاحقة. 

شارك في إعداد الورقة مجموعة أطباء، وخبراء صحة عامة، وهم: سعد الخرابشة، عزمي محافظة، رائدة القطب، زيد بقاعين، أنور بطيحة، هاشم الجدوع، ويوسف القاعود. 

المملكة