مع دخول أول مسافر عبر بوابة الدخول الأولى لمعبر جابر، يبدأ يوم شاق من العمل لموظفي الجمارك ورجال الأمن الأردنيين مستمرا حتى المساء. 

فما إن عادت البوابة، التي استمر إغلاقها لثلاثة أعوام، تفتح من جديد لاستقبال المغادرين عبرها في طريقهم إلى سوريا على الجانب الآخر، حتى بدأ المسافرون بالتدفق بشكل لم يكن يخطر ببال إدارة المركز الحدودي وموظفي دائرة الجمارك أن الأمر سيكون بهذا الزخم وبهده السرعة.

يصل موظفو الجمارك المكان في تمام 07:30 صباحا، ليستقبلوا أول مسافر في الـ 08:00 صباحاً، فيما يستمر عملهم حتى الـ 08:00 مساء، رغم إغلاق بوابة الدخول قبل ذلك بساعات.

واضطرت الجهات المعنية إلى الإعلان، الخميس، أن البوابة ستقفل عند الـ3:00 بعد الظهر، بدل الـ4:00 حسب ما تم إعلانه قبل ذلك ببضعة أيام، حتى يتسنى لهم إنجاز أوراق المسافرين الذين ما زالوا يتوافدون على النقطة الحدودية بقصد السفر حتى بعد إغلاق المعبر بساعات.

يقول أحد موظفي الجمارك، وقد أنهكه التعب مساء اليوم الرابع من فتح الحدود والابتسامة تعلو وجهه، إنه لم يتمكن من الحصول على استراحة ولو لدقائق خلال الأيام السابقة.

"أقسم أني لم أتمكن من تناول أي من الطعام، أو حتى سندويشة"، يقول الموظف.

يعمل 70 موظفاً يتبعون دائرة الجمارك من أصل 235 كانوا يعملون في المكان ذاته  قبل بدء الأزمة السورية وإغلاق الحدود عام 2011.

على امتداد الطريق الدولي وبالقرب من بلدة جابر الحدودية تترامى مكاتب صرف العملات، وما يسمى استراحات المسافرين، حيث بدت مهجورة وقد نال منها الإهمال.

إلا أن تدفق المسافرين المفاجئ اضطر أصحابها إلى العودة حالا إلى أعمالهم وترميم استراحاتهم والعمل على تشغيلها بالسرعة الممكنة.

يقول مراد عماري، الذي يدير استراحة وصيرفة قرب المعبر، إن إعادة فتح المعبر اضطرته أن يترك ما كان يشغله في الأعوام الثلاثة الماضية، وأن يسارع في إعادة فتح محل الصرافة والاستراحة على وجه السرعة.

ويقول وهو يشرف على أعمال الصيانة السريعة، "إن المسافرين يتوقفون ويستفسرون عن توفر الليرة السورية، حيث شهدت الأيام الأولى إقبالا فاق التصور، حيث باع أحد تجار العملات في فجر اليوم الأول لفتح الحدود 24 مليون ليرة سورية".

ويبلغ سعر صرف الليرة نحو 615 ليرة مقابل الدينار الواحد، في حين كان آخر سعر صرف قبل الأحداث يصل إلى 70 ليرة مقابل الدينار. 

على الجانب الآخر يقول مسافرون أردنيون عادوا من سوريا، "إن الجهات الرسمية وكذلك المواطنين السوريين يستقبلونهم بالترحاب والبهجة لقدومهم".

ويسود "بحسب العائدين من السفر" شعور بالاطمئنان وبالأمان في الداخل السوري على طول الطريق إلى العاصمة دمشق.

على غرار سيارات الركوب الصغيرة الخاصة، تصل كذلك بضعة مركبات نقل الركاب العمومية السورية بلونها الأصفر تنقل راكبا أو اثنين، كما بدأت حركة مرور الشاحنات بين البلدين حيث وصلت بعض تلك الشاحنات المحملة بالخضار والفاكهة من سوريا.

في الدقائق الأخيرة قبيل إغلاق بوابة المعبر أمام المسافرين إلى سوريا تصل سيارة صغيرة لنقل البضائع "بك أب" تقل إلى جانب سائقها امرأة شابة و5 من الأطفال واليافعين في غرفة القيادة، إضافة لما استطاعت حمله من حقائب ومقتنيات منزلية وأغطية في الجانب الخلفي للسيارة.

تقول رشا وهي متوجهة لقريتها في محافظة درعا "أشعر بالسعادة، كنت أحلم بهذه اللحظة منذ وقت طويل، إلا أن الوضع الأمني لم يكن على ما يرام".

وتضيف "الآن يبدو أن الأمور تسير بشكل جيد، يقولون أن الوضع آمن .. أنا سعيدة بالعودة لبيتي". 

يأتي رجل أمن مستأذنا ويخبر رشا وسائق الـ"بك أب" أن عليهم أن يغادروا بعد أن أنجزوا معاملاتهم ويدخلوا إلى سوريا، ويضيف فيما بدا أنه على علم بحالهم، أن عليهم أن يقرروا في الحال إما إكمال الطريق إلى الداخل السوري، أو العودة إلى الأردن، وأن لا متسع لديهم لانتظار سيارة "بك أب" أخرى، لم تصل بعد، محملة بباقي أغراض رشا إذ إن المعبر سوف يغلق خلال دقائق.

 حينها تقرر رشا الانطلاق لبلدها في الحال لتتبعها سيارة البك أب الأخرى في اليوم التالي.  

المملكة