يهدّد التنقيب عن الذهب توازن غابة الأمازون، وحياة جماعات السكان الأصليين فيها المعرضين أيضا لمخاطر استخراج النفط.

في بلدة بوكا باريامانو في قلب الأمازون في البيرو، يحتفي هنود أماهواكا بنصر أحرزوه بعد نزاع دام سنوات مع مزارعي جوز الأمازون، وهم أعادوا العمل بسند ملكية يخصّهم يشمل 4400 هكتار من الغابة.

وهذا السند أساسي "لمراقبة الأراضي، ولجم انتشار المناجم غير القانونية وقطع الأشجار" بحسب ما يقول خوليو رولين زعيم بلدة تضمّ نحو 100 نسمة يمكن الوصول إليها من بويرتو مالدونادو، عاصمة مقاطعة مادري ديوس (جنوب-شرق) بعد ساعتين بالسيارة والزورق.

وتعدّ جماعة أماهواكا (نحو 250 شخصا) واحدة من 38 جماعة للسكان المحليين في هذه المقاطعة الواقعة في الأمازون الأكثر تأثّرا بتداعيات المناجم والتلوث بالزئبق المستخدم لاستخراج الذهب. والبيرو هي خامس منتج عالمي للذهب.

وتقول أديلا أغويره، وهي ربة منزل في الثالثة والعشرين من العمر، إن "المناجم تلوث المياه، ولم نعد نجد السمك. وهذا يدمر الغابة".

بحسب "فيناماد" المنظمة الجامعة للسكان الأصليين في مادري ديوس، منحت الحكومة المحلية رخص امتياز منجمية على أراضي 11 جماعة من مجتمعات السكان الأصليين البالغ عددها 38.

فوهات وحل

تنص التشريعات في البيرو على أن الموارد المتوافّرة في باطن الأراضي تبقى ملكا للدولة المخوّلة البتّ في مسألة منح رخص امتياز منجمية أو نفطية حيثما شاءت.

ويقول خوليو كوسوريتشي رئيس فيناماد: "نطالب بعدم منح حقوق لأطراف ثالثة على الأراضي التابعة للسكان الأصليين".

وأزيل 11 ألف هكتار من الغابة سنة 2017، وهي أوسع مساحة يتم إزالتها منذ العام 2014 وفق الأرقام الرسمية.

ويكفي عبور نهر باريامانو لمعاينة المساحات الجرداء الشاسعة وفوهات الوحل التي يخلّفها عمّال المناجم. ويمكن أيضا سماع هدير الآلات التي تحفر الأرض بلا هوادة.

وفي ظل انتشار المناجم غير المرخّص لها، قررت الحكومة في شباط/فبراير إرسال جنود لتفكيك هذه الشبكات التي نشأت من عدم سنة 2008 في خضمّ الأزمة الاقتصادية العالمية، عندما كان الطلب على الذهب في أوجه.

لكن هذه التدابير لم تكن كافية لطمأنة السكان المحليين. ويقول خوليو كوسوريتشي "رحلوا 30 ألف شخص. أين عساهم يذهبون؟ وهم سينتقلون إلى أراض أخرى للسكان الأصليين".

ضغوطات شديدة

في الجهة المقابلة من الحدود في المنطقة التابعة لجماعة تاكانا (340 ألف هكتار) في الأمازون البوليفية، يثير حقل نفطي أعطت الحكومة موافقتها لاستغلاله قلق السكان.

ويؤيد الرئيس إيفو موراليس هذا المشروع الذي من المفترض أن يستخرج في إطاره 50 مليون برميل من النفط، فضلا عن استخراج الغاز الطبيعي.

ويقول رولاندو جوستينيانو الذي يدير دائرة تاكانا الثانية التي تضمّ 4 بلدات لا يمكن الوصول إليها إلا بالزورق "كان بإمكانهم منع هذا المشروع، لكن الضغوطات والتهديدات كانت كثيرة".

وبدأت أعمال التنقيب في العام 2018، بعد 3 سنوات من المفاوضات الصعبة بين السكان المحليين وشركة النفط الوطنية "يي بي إف بي".

وحصلت دائرة تاكانا الثانية على 500 ألف دولار تقريبا تعويضا على الأضرار البيئية التي قد تنجم عن المشروع، أي نحو 500 دولار لكلّ واحد من السكان المقدّر عددهم بنحو 1000.

أ ف ب