لا تزال الهدنة الجزئية غير المسبوقة في أفغانستان صامدة بشكل عام الثلاثاء، في يومها الرابع ما يسمح للولايات المتحدة بإبداء تفاؤلها بالتوقيع السبت، على اتفاقية "تاريخية" مع طالبان.

ورغم ذلك، وجه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحذيرًا شبه مبطن للسلطات في كابول، بعد خلافاتها حول نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حتى لا تعرقل هذه "الفرصة السياسية المهمة".

وقال بومبيو في واشنطن "نحن على مشارف فرصة تاريخية للسلام. إن الحد من العنف يتم احترامه بشكل غير تام لكنه ينجح"، في حين أكد قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر "اتجاهاً تنازليا في أعمال العنف".

وفي تصريح للصحافيين في الهند التي زارها في اليومين الماضيين قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن بلاده "على وشك" التوصل لاتفاق بعد أن مرّ يومان شهدا تراجعاً "إلى أدنى حدّ لأعمال العنف".

واشتكى ترامب من تحوّل الجنود الأميركيين إلى "قوة شرطة" بدلاً من السعي لتحقيق هدف عسكري.

وقال "يمكننا الانتصار بكل سهولة لو كنت أريد قتل الملايين. لا أريد أن أقتل الملايين من الأبرياء".

في كابول، أعلنت وزارة الداخلية عن انخفاض في "هجمات العدو" منذ بدء سريان هذه الهدنة الجزئية التي تستمر أسبوعًا بين الولايات المتحدة والقوات الأفغانية من جهة وطالبان من جهة أخرى.

وقال مصدر أمني ردا على سؤال لوكالة فرانس برس إن هجمات طالبان قد انخفضت من 75 إلى 15 يوميا كمعدل منذ بداية مرحلة "الحد من العنف".

لكن 5 من عناصر قوات الأمن الأفغانية قتلوا الثلاثاء في ثلاث هجمات نسبتها الحكومة لطالبان التي أعلنت مسؤوليتها عن اثنين من هذه الهجمات.

وهذه الحوادث لا تعرّض للخطر الهدنة التي اعتبر بومبيو أنها "التوقف الأول لمدة أسبوع في أعمال العنف من جميع الأطراف خلال 19 عاما من الحرب".

أصوات النساء

إذا صمدت حتى السبت، فستوقع الولايات المتحدة مع طالبان في قطر اتفاقا تم التفاوض عليه طوال عام ونصف عام.

وسيسمح ذلك للجيش الأميركي ببدء انسحابه كما يرغب ترامب، فضلا عن جزء كبير من الطبقة السياسية والرأي العام الأميركي.

وفي مرحلة أولى، سينخفض عديد القوات في أفغانستان من حوالى 13 ألفا حاليا إلى 8600، قبل انسحابات بالتدريج لن تحدث إلا إذا احترمت طالبان التزاماتها.

في الواقع، يعد المتمردون مقابل رحيل الأميركيين كما يطالبون منذ فترة طويلة، بتوفير ضمانات أمنية في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، والبدء فوراً في مفاوضات سلام مباشرة غير مسبوقة مع السلطات في كابول.

فالسلام في هذا البلد المنهك إثر سنوات عدة من النزاع، لن ينبثق من اتفاق السبت، ولكن من هذه المحادثات بين الأفغان التي ستكون معقدة مع استمرار الانقسامات في الطبقة السياسية الأفغانية حيال طالبان.

وأعلن الرئيس المنتهية ولايته أشرف غني فوزه في انتخابات أيلول/سبتمبر الماضي، لكن رئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله يعترض على النتائج ويدعي أيضا الفوز.

كان الرجلان يستعدان لأداء اليمين في اليوم ذاته الخميس، على رأس حكومتين متنافستين.

وقد شكل ذلك عقبة من شأنها المخاطرة بعرقلة الجهود الأميركية.

لكن في النهاية، وافق الطرفان على تأجيل احتفالي التنصيب، وفقا لواشنطن ومعسكر عبد الله.

وحضت وزارة الخارجية الأميركية "جميع الأطراف" على الوحدة لتشكيل وفد "يحظى بصفة تمثيلية تامة" للتفاوض مع طالبان.

واللافت أن الولايات المتحدة لم تهنئ الرئيس غني بإعادة انتخابه، مؤكدة أنها أخذت "علما" بالنتائج والاعتراضات.

لكن بدون أن يتوجه إلى طرف محدد، حذر بومبيو أولئك الذين "يريدون إخراج عملية السلام عن مسارها"  لأن لديهم "كل مصلحة في الحفاظ على الوضع الراهن... لكن لن ندعهم يفعلون ذلك".

وتجاهل وزير الخارجية الأميركي مسألة حقوق الإنسان، وخصوصا حقوق المرأة التي يخشى العديد من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني الأفغاني أنها ستكون في خطر إذا شاركت طالبان في المؤسسات مستقبلا.

وقال إن "مهمتنا هي ضمان توصل الأفغان إلى حل يكون حلا أفغانيا".

وتابع متهربا من السؤال إنه "واثق" بأن هذه العملية ستسمح بإسماع "أصوات النساء" و "الأقليات".

أ ف ب