تجتاح مئات الحرائق الجديدة غابات الأمازون بشمال البرازيل، وفق بيانات رسمية السبت، بعد تعبئة آلاف الجنود للمساعدة في مكافحة نيران هي الأسوأ منذ سنوات إثر غضب دولي متصاعد.

وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس خلال تحليق جوي الجمعة عدة حرائق في منطقة واسعة بولاية روندونيا في شمال غرب البرازيل.

وقال العديد من سكان بورتو فاليو عاصمة الولاية لوكالة فرانس برس السبت إن ما بدا كغيوم خفيفة تخيم على المدينة، كان في الواقع دخان الحرائق.

وقالت ديلمارا كونسيساو سيلفا لوكالة فرانس برس "أشعر بغاية القلق إزاء البيئة والصحة".

وأضافت "ابنتي تعاني من مشكلات تنفس وزادت معاناتها بسبب الحرائق".

والحرائق التي تجتاح أكبر غابة استوائية في العالم أثارت غضبا دوليا وستكون من أهم مواضيع النقاش في قمة مجموعة السبع في بياريتس في جنوب فرنسا.

وبحسب الأرقام الرسمية تم تسجيل 78 ألفا و383 حريق غابات في البرازيل هذا العام، هي الأسوأ منذ 2013.

ويقول الخبراء أن جرف الأرض خلال أشهر الجفاف الطويلة إفساحا في المجال أمام زراعة المحاصيل أو لرعي الماشية، فاقم المشكلة.

وأكثر من نصف الحرائق كانت في الأمازون، حيث يعيش أكثر من 20 مليون شخص. واندلع قرابة 1663 حريقا جديدا بين الخميس والجمعة، بحسب المعهد البرازيلي لأبحاث الفضاء.

وتأتي الأرقام الجديدة بعد يوم على سماح بولسونارو بمشاركة الجيش في مكافحة الحرائق والتصدي للنشاطات الإجرامية في المنطقة.

وطلبت ست ولايات بينها روندونيا مساعدة الجيش في الأمازون حيث ينتشر 44 ألف جندي للمساعدة في مكافحة الحرائق ومؤازرة عناصر الإطفاء وطائرات مكافحة الحرائق.

ترحيب بالمساعدة

وعرض كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون، واللذين يحضران قمة مجموعة السبع، مساعدة بلديهما في مكافحة الحرائق.

وقال وزير الدفاع البرازيلي فرناندو ازيفيدو اي سيلفا للصحافيين السبت "نرحب بأي مساعدة فيما يتعلق بالحرائق".

وأثارت الحرائق غضبا على الصعيد الدولي، مع احتجاج الالاف في البرازيل واوروبا الجمعة. وينظم مزيد من التظاهرات في البرازيل الأحد.

وكان بولسونارو الذي حُمّل خطابه المناهض للبيئة منذ توليه الرئاسة في كانون الثاني/يناير مسؤولية إلحاق الضرر بغابة الأمازون والسكان الأصليين، قد ألقى باللائمة في الحرائق على منظمات غير حكومية معتبرا أنها أضرمت النار عمدا بعد وقف تمويلها.

وتهدد الأزمة بنسف اتفاق تجارة مهم بين الاتحاد الأوروبي ودول في أميركا الجنوبية بينها البرازيل، استغرق التفاوض عليه 20 عاما.

وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك للصحافيين في قمة مجموعة السبع السبت إنه من الصعب تصور دول أوروبية تصادق على اتفاق تجارة مع كتلة ميركورسور فيما تخفق البرازيل في إخماد الحرائق التي تلتهم الغابات المعروفة بـ "رئة الأرض" بسبب دورها الرئيسي في الحد من التغير المناخي.

واتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس البرازيلي بـ "الكذب" حول تعهداته في مجال البيئة.

ورد عليه بولسونارو متّهما إياه بالعمل "بعقلية استعمارية".

ويقول خبراء البيئة إن الحرائق تأتي وسط تزايد تآكل الغابات في منطقة الأمازون، والذي بلغ في تموز/يوليو نسبة تزيد بأربع مرات مقارنة بنفس الشهر العام الماضي، بحسب أرقام المعهد الوطني لأبحاث الفضاء.

وكان بولسونارو شن هجوما على المعهد ووصف بياناته بالأكاذيب ودفع لإقالة رئيسه.

والجمعة شدد على أن الحرائق يجب ألا تستخدم ذريعة لمعاقبة البرازيل.

وقال بولسونارو في تصريحات مقتضبة لقناة تلفزيونية "هناك حرائق غابات في كل العالم، ولا يمكن استخدام هذا الأمر كذريعة لفرض عقوبات دولية"، رداً على الضغوطات الدولية المتصاعدة لإنقاذ غابة الأمازون التي يقع 60% منها ضمن الأراضي البرازيلية.

وعبر قطاع الزراعة النافذ في البرازيل -- والداعم القوي لبولسونارو -- عن القلق إزاء خطاب الرئيس وسط مخاوف من مقاطعة أسواق رئيسية لمنتجاته.

وفي مقالة افتتاحية السبت حذرت صحيفة فولها دي ساو باولو المرموقة من أن "تبجح" بولسونارو فاقم الأزمة التي تسبب بها تآكل الغابات المتزايد.

وكتبت الصحيفة إن "الضرر الذي لحق بصورة (البرازيل) قد حصل ويمكن أن تكون له تداعيات تجارية".

وأضافت أن "التبجح الوطني لن يربح اللعبة هذه المرة".

أ ف ب