أغلقت مراكز الاقتراع بانتخابات الرئاسة الجزائرية أبوابها اليوم الخميس وسط حركة احتجاج كبيرة.

ومن المتوقع ظهور النتائج الأولية الجمعة، على أن تُعلن النتائج الرسمية في وقت لاحق هذا الشهر، وتجرى جولة الإعادة المحتملة في يناير/كانون الثاني.

قال رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالجزائر محمد شرفي الخميس، أنّ نسبة المشاركة بلغت 20,43% في الساعة الثالثة (14:00 تغ) بينما كانت 7,92 في الساعة 11 صباحاً.

وبالمقارنة مع نسبة المشاركة في آخر انتخابات رئاسية سنة 2014 فإن النسبة بلغت 23,25% في الساعة الثانية (13:00 تغ) بينما كانت النسبة النهائية50,7%. وتوقع المراقبون نسبة امتناع كبيرة بسبب دعوة الحراك الشعبي الى مقاطعة الانتخابات.

الجزائريون بدأوا التصويت الخميس، في الانتخابات الرئاسية لاختيار خلف للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي استقال تحت ضغط الشارع، بعد نحو 10 أشهر من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة وغير المسبوقة، فيما يتوقع أن تشهد نسبة مقاطعة واسعة. 

وفتح نحو 61 ألف مركز تصويت عبر أنحاء البلاد أبوابه كما كان منتظرا عند الساعة 8 (7,00 ت غ) بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وفي باب الواد، الحي الشعبي في العاصمة الجزائرية، تقدّم نحو 100 ناخب أغلبهم شباب، للإدلاء بأصواتهم في أكبر مكتب انتخاب في البلدية، وهو مركز ثانوية الأمير عبد القادر، كما نقل مراسل وكالة فرانس برس. 

ولم يتراجع زخم الحراك الاحتجاجي المناهض للنظام الذي بدأ في 22 شباط/فبراير، ولا يزال معارضاً بشدة للانتخابات التي تريد السلطة بقيادة الجيش، أن تُجريها مهما كلّف الثمن. ويتنافس خلالها 5 مرشحين، يعتبر المحتجون أنهم جميعاً من أبناء "النظام".

ويندّد المتظاهرون بـ"مهزلة انتخابية" ويطالبون أكثر من أي وقت مضى بإسقاط "النظام" الذي يحكم البلاد منذ استقلالها عام 1962، وبرحيل جميع الذين دعموا أو كانوا جزءاً من عهد بوتفليقة الذي استمرّ 20 عاماً، وأُرغم على الاستقالة تحت ضغط الشارع في نيسان/أبريل.

والجمعة، ضمّت التظاهرة الأسبوعية الأخيرة قبل الانتخابات حشداً هائلاً، مما أظهر مدى اتساع نطاق الرفض.

وقبل 24 ساعة من موعد الانتخابات، أظهر آلاف المتظاهرين أيضاً الأربعاء في العاصمة الجزائرية تصميمهم هاتفين بصوت واحد "لا انتخابات!". وفرضت الشرطة طوقاً أمنياً وسط المدينة، ولم تتمكن من تفريق المتظاهرين إلا من خلال استخدام العنف.

ويرتقب أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها عند 7 مساء (18,00 ت غ). وخلال الانتخابات السابقة، أُعلنت نسبة المشاركة في وقت متأخر مساءً، أما النتائج فكُشف عنها في اليوم التالي. 

واستناداً إلى النتائج، قد تُجرى دورة 2 في الأسابيع المقبلة.

نداء للتهدئة

في غياب استطلاعات الرأي في الجزائر، من الصعب توقع عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم من أصل 24 مليون ناخب، في بلد عُرف تقليدياً بتدني نسب المشاركة. إلا أن غالبية المراقبين يتوقعون امتناعًا واسعًا عن التصويت.

وأعطت مراكز الاقتراع في القنصليات الجزائرية في الخارج، حيث بدأت عملية الاقتراع السبت، لمحة إلى ما يمكن أن تشبه انتخابات الخميس: إذ إنها كانت شبه خالية فيما هتف متظاهرون أمامها محاولين التأثير على العدد القليل الذي جاء ليصوّت.

ويقول مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "فيريسك مابلكروفت" الاستشارية أنطوني سكينر "لا يمكن لأي من المرشحين الخمسة التأمل في أن يُعتبر شرعياً" من جانب المحتجين و"ستتمّ مقاطعة التصويت على نطاق واسع".

وحذّرت الأربعاء مجموعة شخصيات مقرّبة من الحراك بينها المحامي مصطفى بوشاشي والأستاذان الجامعيان ناصر جابي ولويزة آيت حمدوش، من إجراء الانتخابات في سياق "توترات شديدة"، مطلقين نداء للتهدئة.

ودعوا في بيان السلطات إلى "الابتعاد عن الخطابات الاستفزازية ولغة التهديد وتخوين كل من يخالفها الرأي في كيفية الخروج من الأزمة، ونحملها مسؤولية أي انزلاق قد تؤول إليه الأمور في قابل الأيام".

وحثّت هذه المجموعة المحتجين على "الحفاظ على سلمية" الحراك عبر "تجنّب أي احتكاك أو الردّ على الاستفزازات من أي جهة كانت" و"عدم التعرض لحقوق الآخرين في التعبير الديمقراطي عن آرائهم".

تحطيم صناديق 

وبمجرد بداية عملية التصويت، اقتحم معارضون للانتخابات مركزي تصويت في بجاية إحدى أكبر مدن منطقة القبائل، وقاموا "بتحطيم صناديق التصويت، وخربوا قوائم الناخبين" بحسب شهود تحدثوا لوكالة فرانس برس.

تظاهرات

تظاهر مئات في وسط العاصمة الجزائرية الخميس، احتجاجا على الانتخابات الرئاسية، بعد ساعات من فتح مراكز الاقتراع، وطالب المحتجون بمقاطعة التصويت الذي يصفونه بأنه مجرد مسرحية.

وقال شهود وسكان، إن المحتجين شاركوا في مسيرات ببلدات في منطقة القبائل اليوم الخميس، حيث أغلقت بعض مراكز الاقتراع.

ضد "النظام"

ونفذ المرشحون الخمسة (عبد العزيز بلعيد، وعلي بن فليس، وعبد القادر بن قرينة، وعز الدين ميهوبي، وعبد المجيد تبون) حملة انتخابية - انتهت منتصف ليل الأحد- متوترة وشديدة التعقيد، في ظل أجواء من القمع المتصاعد.

ووجد المرشحون صعوبة في ملء القاعات حتى الصغيرة منها خلال تجمعاتهم التي منع كل معارض عنها، وجرت تحت حماية بارزة من الشرطة. ومع ذلك، واجهتهم مظاهرات معادية أثناء تنقلاتهم. 

ويتهمهم المحتجون بأنهم يؤيدون "النظام" من خلال ترشحهم، ويأخذون عليهم دورهم في رئاسة بوتفليقة، فبينهم رئيسا وزراء ووزيران في حكوماته.

وكتبت متظاهرة على لافتة في العاصمة الأربعاء "كيف نثق بمن خان البلاد، وساعد بوتفليقة؟".

ومنذ استقالة بوتفليقة، يدير البلاد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، وهو أيضًا كان داعماً وفياً للرئيس بوتفليقة.

وتصرّ قيادة الجيش على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للخروج من الأزمة السياسية والمؤسساتية التي تعصف بالبلاد. مقابل رفض تام لأي حديث عن مسار "انتقالي" مثلما اقترحت المعارضة والمجتمع المدني لإصلاح النظام، وتغيير الدستور الذي أضفى الشرعية على إطالة أمد حكم عبد العزيز بوتفليقة.

وفي غياب المرشحين، تم إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في الرابع من تموز/يوليو، ليبقى على رأس الجزائر منذ ذلك الحين رئيس مؤقت قليل الظهور هو عبد القادر بن صالح انتهت ولايته القانونية منذ 5 أشهر، وحكومة تصريف أعمال عينها بوتفليقة قبل يومين من استقالته، برئاسة نور الدين بدوي أحد الموالين له.

وقال سكينر، إن قايد صالح "لا يريد أن يتحمل مسؤولية التوقعات الاقتصادية السلبية على نحو متزايد".

وأضاف "هو يفضّل أن يكون هناك رئيس منتخب سيجد نفسه على خط المواجهة (مع الحراك)، وسيكون لديه مهمة لا يُحسد عليها هي إصلاح اقتصاد" أكبر دولة في القارة الإفريقية تعدّ أكثر من 40 مليون نسمة.

ويشير مراقبون إلى غياب شرعية الرئيس الذي سيُنتخب والذي سيخلف رسمياً الرئيس المؤقت بن صالح، ويتوقعون تواصل الاحتجاجات بعد الانتخابات.

المملكة + أ ف ب +رويترز