قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مستهلّ زيارة للسعودية الأربعاء، إن الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين في السعودية السبت هو "عمل حربي" شنّته إيران، وليس المتمرّدون الحوثيون الذين هدّدوا من جهتهم بضرب "عشرات الأهداف" في الإمارات.

وقال بومبيو لصحفيين كانوا يرافقونه في الطائرة التي أقلّته الى جدّة، إن الهجوم "لم يكن مصدره الحوثيون. كان هجوماً إيرانياً. إنّها ليست مسألة يمكنك تلزيمها لتدمير 5% من إمدادات الطاقة في العالم، والاعتقاد أنه بإمكانك التنصّل من المسؤولية".

ووصف بومبيو الهجوم بأنه "عمل حربي"، مؤكداً أن ما "يزعمه كذباً" الحوثيون عن مسؤوليتهم عنه، لا يخفي بصمات الإيرانيين عن اعتداء "هدّد إمدادات الطاقة العالمية".

وأوضح أن الأسلحة التي تم استخدامها في الهجوم "ليست أسلحة يمكن أن تكون في حوزة الحوثيين" مشدّداً على أنّ مصدر الهجوم "لم يكن من الجنوب" أي من اليمن، وأن السلاح المستخدم ليس موجوداً إلا داخل إيران.

وقال أيضاً إنّ "لا إثبات على أن (الهجوم) مصدره العراق".

ومساء الأربعاء التقى الوزير الأميركي في جدة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للبحث في سبل الرد على الهجمات التي استهدفت منشآت "أرامكو".

وقال الوزير الأميركي للصحفيين قبيل اللقاء "نعمل على بناء تحالف لوضع خطة لردعهم (الإيرانيين)".

وتعرضّت السبت أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم في بقيق وحقل خريص النفطي في شرق المملكة لهجوم غير مسبوق بطائرات مسيرة وصواريخ عابرة، بحسب ما قال الأميركيون، تسبب بخفض الإنتاج السعودي.

وبعثت إيران برسالة إلى الولايات المتحدة نفت فيها أي دور لها في الهجمات، محذرة من أي تحرّك ضدها، حسبما أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية الأربعاء.

من الشمال

من جهتها أكّدت الرياض الأربعاء، أن الهجوم على شركة أرامكو تمّ "بدون أدنى شك" بدعم من إيران ولم ينطلق من اليمن، بل استهدف المملكة من جهة الشمال من موقع يجري التحقق منه.

وقال المتحدث العسكري العقيد الركن تركي المالكي في مؤتمر صحفي في الرياض عرضت فيه بقايا صواريخ وطائرات مسيرة "الهجوم انطلق من الشمال (...) وبدعم من إيران بدون أدنى شك".

وأضاف: "نواصل تحقيقاتنا لتحديد الموقع الدقيق الذي انطلقت منه الطائرات المسيرة والصواريخ" مشيرا إلى أن المهاجمين استخدموا 18 طائرة مسيّرة، و7 صواريخ من طراز "كروز".

وسارع حسام الدين آشينا، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، في تغريدة عبر تويتر إلى انتقاد المؤتمر الصحفي السعودي، واصفاً إياه بـ “الكارثة الإعلامية" لأنّ الرياض لم تعلن خلاله أين صنعت الصواريخ التي استخدمت في الهجوم، ولا حدّدت المكان الذي أطلقت منه.

الحوثيون يهدّدون الإمارات

وفي اليمن هدّد المتمردون الحوثيون الأربعاء، بشن هجمات ضد مدن إماراتية بينها أبوظبي ودبي، مؤكّدين أن لديهم "عشرات الأهداف" في الإمارات، بعد أقل من أسبوع على الهجوم غير المسبوق ضد شركة أرامكو السعودية.

وقال يحيى سريع المتحدث باسم قوات المتمردين في مؤتمر صحفي في صنعاء: "لدينا عشرات الأهداف ضمن بنك أهدافنا في الإمارات منها في أبوظبي ودبي، وقد تتعرض للاستهداف في لحظة".

وأضاف: "للنظام الإماراتي نقول: عملية واحدة فقط ستكلفكم كثيراً، ستندم نعم ستندم إذا ما قررت القيادة إصدار توجيهاتها للقوات المسلحة بتنفيذ أي عملية رد خلال الأيام أو الأسابيع القادمة".

والإمارات عضو في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وسبق أن هدد المتمردون بضرب أهداف في الإمارات. كما أعلنوا استهداف مطاري أبوظبي ودبي، وهو ما نفته السلطات الإماراتية.

محققون أمميون

على صعيد متّصل، أفادت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس، أن خبراء من الأمم المتحدة سيصلون إلى السعودية لإجراء تحقيق دولي في الهجمات.

وقال أحد هذه المصادر مشترطا عدم نشر هويته، إن "إجراء تحقيق دولي هو أمر جيد جدا"، فيما أكد دبلوماسي أن هؤلاء الخبراء هم في طريقهم إلى السعودية أو قد يكونون وصلوا إليها.

وأوضح دبلوماسيون أن مهمة هؤلاء الخبراء تستند بشكل خاص إلى القرار الذي صادق على الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وإلى القرار الذي فرض حظرا على الأسلحة في اليمن.

وينص القرار الأول الذي اعتمد على 2015 على إمكان إرسال خبراء من قسم الإدارة السياسية في الأمم المتحدة عند العثور على مواد ذات صلة بأسلحة مصنّعة في إيران في بلد ما.

وأرفق القرار المتعلق باليمن الذي اعتمد كذلك عام 2015 بتشكيل لجنة خبراء مكلفة تنفيذ حظر الأسلحة. وتقدم هذه اللجنة تقاريرها بشكل دوري. وقال مصدر دبلوماسي إنه تم استدعاء خبراء اللجنة بسبب تبني المتمردين الحوثيين لهجمات السبت.

ردّ "دبلوماسي"

دبلوماسياً، بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في اتصال هاتفي الأربعاء ضرورة توصل المجتمع الدولي إلى "ردّ دبلوماسي موحد" على هجمات أرامكو، مشدّدين على "وجوب عدم تمكين (طهران) من حيازة السلاح النووي"، بحسب ما أعلنت لندن.

وأتى الاتصال عقب إعلان ترامب عن تشديد "كبير" للعقوبات المفروضة على إيران.

وتضاف هذه العقوبات، التي لم تصدر تفاصيل عن طبيعتها بعد، إلى تدابير عقابية غير مسبوقة فرضتها واشنطن على طهران منذ أن انسحبت إدارة ترامب من الاتفاق حول الملف النووي الإيراني المبرم في أيار/مايو 2018، والذي يعتبره ترامب غير كاف لمنع الجمهورية الإسلامية من حيازة قنبلة نووية وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

وردّاً على تغريدة ترامب قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إنّ واشنطن "تتعمد استهداف" المدنيين الإيرانيين.

وفي تصريح للصحفيين أكّد ترامب أنّ لديه "خيارات عديدة" للرد على إيران. وقال "هناك خيارات عديدة. هناك الخيار الأخير وهناك خيارات أقل من ذلك بكثير"، موضحاً أن تفاصيل العقوبات الجديدة على إيران سيتم إعلانها "خلال 48 ساعة"، وذلك بعد بضع ساعات من تشديده هذه العقوبات.

وينتقل بومبيو الأربعاء إلى الإمارات حيث يلتقي ولي العهد محمد بن زايد. وأبو ظبي عضو في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

أ ف ب