مع نزوح حوالي 160 الف شخص في جنوب سوريا، التي تشهد تصعيداً عسكريا، تطفو على السطح مخاوف من حصول أزمة إنسانية جديدة "قد تزيد من حجم اللاجئين في الأردن" الذي يستضيف حوالي 1.3 مليون سوري في ظل أزمة اقتصادية.

 

وتزايدت الغارات الجوية لقوات الحكومة السورية على محافظة درعا، ما أدى الى سقوط عشرات القتلى والمصابين ونزوح عشرات الالاف، فيما يؤكد الأردن رفضه استقبال مزيد من اللاجئين، واستعداده للمساهمة بإغاثة النازحين السوريين داخل بلادهم.

 

رئيس الوزراء عمر الرزاز صرح بأن الأردن "لن يستقبل أي لاجئين عبر حدوده، فقد استقبل الأردن أكثر من حصته سابقاً".

 

أما وزير الخارجية أيمن الصفدي فقد أعلن على حسابه الموثق في تويتر ان المملكة "تجري اتصالات مستمرة مع كل المعنيين لوقف القتال ولضمان تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته نحو المدنيين ولإيصال المساعدات لهم في بلدهم".

 

"من الطبيعي أن يتخوف الأردن من استقبال المزيد من اللاجئين، في وقت يشكل فيه اللاجئون ما نسبته 20% من اجمالي السكان في الأردن"، وفق المحلل الاقتصادي حسام عايش، حيث تعد هذه النسبة الأعلى بعد لبنان، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

 

"المزيد من اللاجئين يعني المزيد من الانفاق، وبالتالي المزيد من الاقتراض و ضغط أكبر على خزينة الدولة التي يسدد جزء من عجزها بفرض المزيد من الضرائب" يقول عايش.

 

ولم تتعدى نسبة التمويل الدولي منذ بداية 2018 لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية %7.2 والمقدر كلفتها السنوية بنحو 2.5 مليار دولار، فيما بلغ حجم التمويل للخطة العام الماضي %64.8.

 

"افتحو_الحدود"

 

المتحدث باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن محمد الحواري أكد أن المفوضية "مستعدة للوقوف بجانب الأردن في حال قرر استقبال لاجئين جدد".

 

ويضيف حواري بأن أعداد النازحين السوريين المتجهين نحو الحدود الأردنية بلغ نحو 160 ألف نازح.

 

وطالبت منظمات إنسانية الأردن بفتح حدوده أمام النازحين السوريين، منها منظمة العفو الدولية والمجلس النرويجي للاجئين، فيما دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف المتقاتلة في سوريا والدول المجاورة إلى تيسير وصول المدنيين إلى مناطق آمنة.

 

وتصدر وسم "افتحو_الحدود" في الأردن على منصة تويتر بعشرة آلاف تغريدة، حيث يدعو إلى فتح الحدود الأردنية أمام اللاجئين.

 

وزيرة الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات قالت إن الأردن "مستعد للتعاون مع الأمم المتحدة للقيام بدورها بإغاثة النازحين السوريين داخل الأراضي السورية".

 

وجهزت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مركزين للخدمات الاجتماعية في شرق وغرب درعا لاستقبال 60 ألف نازح، حسب الحواري.

 

لكنه أشار الى وجود أزمة تمويلية تعاني منها المفوضية، ما يجبرها على تغطية خطة الطوارئ المعدة للتعامل مع التطورات في جنوب سوريا من ميزانيات برامج إغاثية أخرى تقدمها المفوضية في بعض الدول.

 

اتفاق خفض التصعيد

 

ولم تتوقف تحديات الأردن على النازحين المتجهين نحوه حدوده، بل شملت احتمال فشل اتفاق خفض التصعيد في جنوب سوريا الذي وقع في 2017 بين الأردن وروسيا والولايات المتحدة في العاصمة عمان، ما يهدد المنطقة التي اعتبرت مستقرة نسبيا مقارنة بباقي مناطق سوريا.

 

الاتفاق أنشأ منطقة خفض تصعيد في جنوب سوريا بما في ذلك محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، في خطوة للوصول الى تسوية تمهد لوقف إطلاق نار شامل وحل سياسي ينهي النزاع المستمر منذ 7 سنوات.

 

النائب السابق والعميد المتقاعد من المخابرات الأردنية محمود الخرابشة يرى أن المنطقة الجنوبية في سوريا "كانت مستقرة طوال الفترة الماضية بعد تهديدات عدة تعرضت لها الحدود الأردنية".

 

ويرى الخرابشة أن الأردن " لديه مخاوف منطقية من انهيار اتفاق مناطق خفض التصعيد في جنوب سوريا"، لكن الخبير اتفق مع المسؤولين الأردنيين أن حدود المملكة آمنة بالكامل حيث يمتلك الأردن "القدرة على تأمين حدوده عسكرياً من أي تهديد أمني."

 

"للأردن نفوذ مؤثر على بعض الدول ويدفع نحو الحل السلمي للنزاع بين النظام السوري والمعارضة والحفاظ على منطقة خفض التصعيد"، يقول الخرابشة.

 

مخيم الركبان

 

الأزمة المحتملة على الحدود مع سوريا قد تطال نحو 50 ألف نازح سوري في مخيم الركبان، الذي يعاني ازمة إنسانية بسبب قلة المساعدات.

 

الأردن قرر في 2016 إغلاق حدوده عسكريا مع سوريا، بعد حادثة تفجير تبناها تنظيم الدولة، أدت لاستشهاد 7 جنود أردنيين كانوا يحرسون مركز خدمات انساني، ما أدى الى توقف المساعدات الانسانية التي تعبر إلى المخيم من الأراضي الأردنية.

 

مسؤول الإغاثة في مخيم الركبان أبو سيف السعيد يقول إن المخيم يعيش حالة وصفها بـ "الصعبة جداً"، مشيراً الى معاناة الالاف من نقص الادوية والغذاء.

 

"بمجرد أن تقول الركبان فهو أمر كاف لتعرف المعاناة" يقول ابو سيف، مضيفاً أن المساعدات "لن تأتي" من الداخل السوري بسبب الحصار المفروض على المخيم من قوات الحكومة السورية وبعض الميليشيات المنسوبة لتنظيم الدولة، بحسب قوله.

 

وأعلن الجيش الاردني في 24 فبراير 2018 أنه يسعى إلى زيادة أعداد المراجعين من المرضى والمصابين السوريين في مخيم الركبان الحدودي مع سوريا الى المراكز الطبية في الأردن، لتصبح 300 حالة يومياً، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، العاملة في منطقة الخدمات القريبة من المخيم.

 

وكان الاردن قد اتفق مع منظمات الامم المتحدة في يناير 2018 على ادخال مساعدات انسانية لمرة واحدة الى مخيم الركبان، على ان تقوم الامم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة السورية ليتم نقل المساعدات الى المخيم من الداخل السوري مستقبلاً.