أعلن قاضي القضاة عبد الكريم الخصاونة، عن توجه دائرة قاضي القضاة بفتح مكاتب لصناديق تسليف النفقة للمطلقات في إربد ومعان والزرقاء، للتسهيل عليهن ليتمكنّ من الصرف على أنفسهن وأبنائهن في حالات عسر الزوج "الطليق" أو في حال هروبه إلى الخارج، أو كان مجهول مكان الإقامة.

وبين الخصاونة في ندوة حوارية حول تعديلات قانون الأحوال الشخصية نظمتها جمعية الفكر والحوار والتنمية بغرفة تجارة إربد السبت، أنه تم إنشاء الصندوق، لكنه يحتاج إلى دائرة وموازنة، وحاليا يوجد به 25 موظفاً، ويعمل فقط في العاصمة عمّان، ويهدف إلى حفظ كرامة المطلقة وأنوثتها وحقوقها؛ ولذلك لا بد من مساعدة المطلقات عبر إعطائهن مبالغ من صندوق تسليف النفقة لتسيير أمورهن المعيشية والحياتية.

وأضاف أن "قانون الأحوال الشخصية المؤقت جاء للحفاظ على تماسك الأسرة، وتحقيق المزيد من العدالة لأفرادها، ومعالجة بعض التشريعات التي كانت تحرم أفراد الأسرة سواء الأبناء أو الزوجة من حقوقهم، وهو مصلحة أسرية ومجتمعية".

وأشار إلى أن القانون المعدل خلاصة جهود فكرية كبيرة من القيادة وعلماء المملكة؛ لأنه يهم كل عائلة وأسرة، مشيرا إلى أن دائرة قاضي القضاة تواجدت من أقدم المؤسسات الدينية والشرعية في المملكة وقوانينها مستمدة من مجلة الأحكام العدلية العثمانية تبعا لمذهب الإمام أبي حنيفة، ولا شك أن المجلة تحتاج لدراسة؛ لأن هذا القانون ينظم حياة الأسرة، ويعمل على بنائها واستقرارها، باعتباره ركيزة أساسية لنجاح المجتمع.

وقال إن "مخرجات الحوار بين العلماء وأساتذة الجامعات والإفتاء والأوقاف وطلبة العلم في الأردن، والجمعيات النسائية والمهتمين بحقوق الإنسان والمرأة توافقوا على بنوده الاساسية".

وأوضح أن هذا القانون دخل مراحله الدستورية بعد إقراره من مجلس النواب، وإحالته إلى مجلس الأعيان مرجحا إقراره بصورته النهائية في الدورة البرلمانية الحالية.

وأوضح أن القانون عرض على اللجنة القانونية في مجلس النواب بكل حيثياته وتفاصيله، واللجنة لها اعتراض على أمور شكلية.

"اللجنة لها رأيها ونحترمه، فالقانون السابق مأخوذ من المذهب الحنفي، كتحريم الرضعة الواحدة، وبعض التغيرات بالقانون المعدل جاءت من أجل حل مشاكل المجتمع الأردني"، بحسب الخصاونة.

وعرض على سبيل المثال، أنه "بعد زواج الابن، وقدوم الأبناء، تتذكر الأم أنها قامت برضاعة زوجته، وهذه مشكلة، وهنا بمذهب أبي حنيفة يفسخ الزواج، والآن قانون الأحوال المعدل أخذ برأي الإمام الشافعي، ولم يأخذ برأي إمام واحد؛ فالشافعي يجيز خمس رضعات متفرقات، وليس رضعة واحدة؛ ولذلك لا بد من قانون معدل، فعند الذهاب للمحكمة تقوم بتطبيق القانون، ولذلك فلا بد من تغيير المادة لخمس رضعات بدلا من رضعة واحدة كما هو الحال بأمور عديدة تتطلب التغيير".

وأضاف أن "الطلاق ولكثرة وقوعه، والاستهتار بالعلاقة الزوجية، حيث إن الأسرة بها أبناء، والقانون المعدل جاء من أجل جعل فسحة، فإذا تم الطلاق بالتهديد فإن بعض المذاهب تحتسبها كطلقة واحدة، لكن توجد فرعيات واجتهادات بهذه المسألة، ولا بد من إيجاد حل لهذه الأمور، وهي ليست قطعية الثبوت والدلالة، فما دام يوجد نص فكري، وعلماء مجتهدون، فإنه لا بد من مرونة بقانون الأحوال الشخصية، بحيث يراعي التغيرات والتطورات والمستجدات ".

ولفت الخصاونة إلى "وجود مادتين بالقانون المعدل محل خلاف حاليا، وهي المادة العاشرة المتعلقة بسن الزواج، والمادة 257 المتعلقة بالوصية الواجبة بالإرث، وسن الزواج محدد للثامنة عشرة للذكر والأنثى، وهنالك استثناءات بحالات إذا بلغت السادسة عشرة من عمرها، حيث توجد ظروف مجتمعية قاهرة مختلفة بهذه المسألة تحديدا، وليس من المعقول أن نقف عند هذه المادة، مبينا أن البعض كان يلجأ لدول أخرى لعقد الزواج".

من جانبه، قال رئيس المجلس القضائي الشرعي ورئيس المحكمة العليا الشرعية كمال الصمادي، إن "قانون الأحوال الشخصية المعمول به هو لعام 2010 المؤقت، وقبله قانون لسنه 1967، وبقي معمولا به مدة 34 سنة، وخلال هذه الفترة طرأت تغيرات جديدة على المجتمع الأردني، وهو ما استوجب من دائرة قاضي القضاة إعادة النظر بالقوانين، ومن أهمها قانون الأحوال الشخصية".

وأضاف أن "القانون المعدل لا يزال يتردد بين الأعيان والنواب، ويوجد خلاف مع مجلس الأعيان على مادتين فقط، وهما العاشرة و257، مؤكدا أنه تم وضع القانون بشكل محايد، ولم نميل لاتجاه معين، وإنما حرصنا أن يخدم الأسرة الأردنية مع الحفاظ على ثوابت ومقاصد الشريعة دون أن نصطدم بنص شرعي ثابت".

الصمادي أوضح أن الخلاف على المادة 257 من قبل الأعيان بمسألة الوصية الواجبة، وهي: إذا توفي أحد الأشخاص ولديه أطفال فإنهم يأخذون من ورثة الجد، حيث يطالب الأعيان أن يتم إعطاء أبناء البنت عند وفاتها من ورثة الجد أيضا.

وأكد الصمادي أنه "توجد ظروف استثنائية تستوجبها الضرورة، ويجب أن يعالج التشريع جميع الحالات في الأردن المتعلقة بسن الزواج، حيث توجد ضغوطات علينا لحل الاشكالات، كوجود شخص لديه عشر بنات، ويتقدم لخطبة إحداهن شخص، وهي بعمر 17، فالقانون يمنع ذلك إلا بأذونات، في حين أن جميع دول العالم تتيح الزواج للأنثى بعمر 14 و15 و17"، مبيناً أمله أن يقر مجلسي النواب والأعيان قانون الأحوال الشخصية كما أرسلته دائرة قاضي القضاة باعتباره يخدم جميع الحالات التي تمت دراستها بشكل مستفيض، واستنادا لما يواجه القضاة من حالات يومية يتم استقبالها في المحاكم.

وكان رئيس جمعية الحوار والفكر والتنمية حميد بطاينة أكد أن الحوار حول قانون الأحوال الشخصية المعدل، جاء نظرا لأهميته البالغة للأسر والعائلات الأردنية، وأن الجمعية تحرص على وضع المواطنين بصورة المستجدات على القوانين لإبداء آرائهم وملاحظاتهم حيالها عبر عرضها مباشرة على أصحاب القرار.

بترا