أبلغ المشير الليبي خليفة حفتر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي استقبله في باريس الأربعاء أن "الشروط لم تكتمل" بعد لإقرار وقف لإطلاق النار بين قواته التي تحاول منذ شهر ونصف السيطرة على العاصمة طرابلس وقوات حكومة الوفاق الوطني التي تتصدّى لها.

وبينما كان الرجل القوي في شرق ليبيا يلتقي ماكرون في باريس، كان رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج يدعو من تونس "بعض الدول لأن تراجع موقفها، وأن تنحاز للشعب الليبي وليس لطرف بعينه"، في إشارة إلى حفتر.

وقال الإليزيه في بيان إنّ حفتر شدّد أمام ماكرون على ضرورة استئناف الحوار السياسي للخروج من الأزمة، في حين شدّد الرئيس الفرنسي على ضرورة التوصّل إلى وقف لإطلاق النار "في أقرب وقت ممكن".

"انعدام الثقة" 

لكنّ الإليزيه أشار إلى "انعدام الثقة بين الجهات الفاعلة الليبية أكثر من أي وقت مضى"، مؤكّداً في الوقت ذاته أنه "يرى جيّداً المأزق بين رغبة المجتمع الدولي في وقف الأعمال القتالية ورؤية المشير حفتر".

ولم يدل حفتر بأيّ تصريح في نهاية الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعة بقليل.

وبحسب بيان الإليزيه فإنّه أثناء الاجتماع الذي حضره أيضاً وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، قدّم المشير الليبي "شرحا مطوّلاً ومبرّرات" للهجوم العسكري الذي يشنّه منذ الرابع من نيسان/ أبريل على طرابلس، قائلا إنّه يحارب "الميليشيات الخاصة والجماعات المتطرّفة" التي يتوسّع نفوذها في العاصمة الليبية.

ومع ذلك، فإن قواته تواجه مقاومة من قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

كما قدّم حفتر شرحاً للوضع على الأرض أمام ماكرون، مؤكّداً أنه "يحرز تقدما" ويعزّز "مواقعه تدريجياً"، بحسب البيان الرسمي الفرنسي.

وأعلن الإليزيه أن الدبلوماسية الفرنسية ستكون "نشطة للغاية في الأسابيع المقبلة" في محاولة لتشجيع التوصّل إلى حلّ"، عبر الإبقاء على "حوار مستمر" مع الأمم المتحدة وإيطاليا والعواصم الأوروبية الأخرى، وواشنطن والجهات الإقليمية، مثل مصر.

وكان ماكرون التقى في 8 أيار/ مايو رئيس الحكومة الليبية فايز السراج، الذي اتّهم فرنسا بدعم المشير حفتر، ما اعتبرته باريس "غير مقبول ولا أساس له من الصحة".

السراج في تونس 

من جهته أعرب السرّاج خلال زيارة إلى تونس عن أمله في أن "تراجع بعض الدول موقفها، وأن تنحاز للشعب الليبي وليس لطرف بعينه"، في إشارة إلى حفتر.

وقال السراج إثر لقائه الرئيس الباجي قايد السبسي "لقد طالبنا بأن يكون هناك وضوح وأن تسمّى الأشياء بمسمياتها ... نحن دعاة سلام، كنا وما زلنا، نرى أن الحل في ليبيا هو حل سلمي ولا يوجد حل عسكري".

ومنذ بدء هجوم قوات المشير حفتر في 4 نيسان/ أبريل للسيطرة على طرابلس، أدّى القتال إلى سقوط 510 قتلى و 2467 جريحا، وفقاً للأمم المتحدة.

وقد حذّر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في مجلس الأمن الثلاثاء من "بداية حرب طويلة ودامية يمكن أن تؤدي إلى تقسيم دائم للبلاد".

والتقى السراج في العاصمة التونسية عدداً من سفراء الدول المعتمدين في ليبيا والمقيمين في تونس، في اجتماع طالب خلاله "الدول الشقيقة والصديقة بتحمل مسؤولياتها، وتسمية الأشياء بمسمياتها، بإدانة المعتدي"، مؤكّداً أنّ "الدعوة لوقف إطلاق النار يجب أن تقترن بعودة القوة المعتدية من حيث أتت"، بحسب بيان أصدره مكتبه الإعلامي.

"فرضت علينا" 

وأكّد السرّاج أن حكومته المعترف بها دولياً "حرصت على أن تكون على مسافة واحدة من جميع الدول، وأن لا تتورّط في الخلافات بينها"، مؤكّداً أنّه "يتفهّم أن تبحث الدول عن مصالحها الاقتصادية الخاصة، ولكن هناك طريقة صحيحة وأخلاقية للقيام بذلك".

وتابع السرّاج "إنّنا في حكومة الوفاق الوطني نخوض حرباً فرضت علينا دفاعاً عن أهلنا في عاصمة كل الليبيين".

وأضاف أنّ "هذا الاعتداء الذي فقدنا خلاله أرواح المئات من شبابنا الليبيين من الطرفين ليس له مبرّر، فقد كنّا على أبواب الحلّ السلمي للأزمة"، مؤكدا أنّ هجوم قوات حفتر على طرابلس "مدفوع برغبات شخصية ونزوات فردية".

أ ف ب