شهد ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الروسي فلاديمير بوتينن الاثنين، على توقيع ميثاق التعاون وتبادل اتفاقيات بين حكومتي البلدين،وذلك أثناء زيارة يقوم بها بوتين ووفد مرافق للرياض.

وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيزإن البلدين بدأتا مرحلة جديدة من التعاون والتكامل في مجالات تنموية كثيرة تهدف إلى تحقيق الازدهار والتقدم في البلدين.

وأضاف: "في اللجنة السعودية الروسية المشتركة، نعمل معاً للمواءمة بين طموحات رؤية المملكة 2030 وأهدافها الاستراتيجية، وطموحات وأهداف الخطط التنموية الاستراتيجية في روسيا، وكان ذلك ثمرة الاتفاقية السعودية الروسية للتعاون الاستراتيجي رفيع المستوى التي سيتم تبادلها اليوم".

وقال إن الاتفاقيات التي تم توقيعها تهدف إلى تطوير العديد من المجالات الاقتصادية والتنموية التي تشمل: صناعة البترول، وقطاعات الطاقة الأخرى، والبحث العلمي، والفضاء، والعدل، والخدمات الصحية، والإدارة الضريبية، والثروة المعدنية، والسياحة، وصناعة الطيران، والتعاون الثقافي، وتعزيز العلاقات التجارية.

"ستسهم الجهات الحكومية ذات العلاقة والصناديق الاستثمارية السيادية والمؤسسات المملوكة للدولة والقطاع الخاص في كلا البلدين بجهد كبير في هذا المجال"، وفق الوزير السعودي.

وأوضح أن أسواق البترول العالمية لا تزال تتأثر كثيراً بتقلبات العرض والطلب كما تتأثر أيضاً بعوامل خارج السوق منها عوامل سياسية واقتصادية ومالية وطبيعية، لذا كان من الضروري وجود "إطار مؤسسي قوي يساعد على استقرار سوق البترول العالمية ويراعي مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء".

بوتين وصل الاثنين إلى السعودية في أول زيارة من نوعها منذ أكثر من 10 سنوات، فيما يسلط الضوء على نفوذ موسكو المتنامي في الشرق الأوسط، بالاستفادة من المكاسب العسكرية الروسية في سوريا والعلاقات القوية مع إيران خصم الرياض الرئيسي في المنطقة والتعاون في سياسات الطاقة.

وكانت موسكو قد اكتسبت نفوذا في الشرق الأوسط في 2015 بإرسال قواتها إلى سوريا حيث قامت هي وإيران بدور رئيسي في دعم الرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة. 

وعشية زيارة بوتين كانت القوات الأميركية تنسحب من شمال سوريا في الوقت الذي أبرم فيه حلفاؤها الأكراد اتفاقا مع الجيش السوري المدعوم من روسيا بهدف صد هجوم عسكري تركي.

كما عملت روسيا على تقوية العلاقات مع السعودية وإيران اللتين اقتربت خلافاتهما من حد الصراع الصريح بعد سلسلة أخيرة من الهجمات على منشآت نفطية في الخليج قالت الرياض وواشنطن إن طهران تقف وراءها. ونفت إيران هذه الاتهامات.

وارتفعت حدة التوترات مع إيران إلى مستويات جديدة بعد أن انسحبت الولايات المتحدة في 2015 من الاتفاق النووي الدولي مع طهران وأعادت فرض العقوبات عليها.

ويرافق بوتين في الزيارة وزير الطاقة ورئيس صندوق الثروة السيادي الروسي.

والتقى الرئيس الروسي مع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي يقول بوتين إن علاقات ودية تربطه به.

ويزور بوتين السعودية لإبرام اتفاق بين موسكو والرياض حول النفط، لكنه سيوظف كذلك نفوذه سعيا للتخفيف من حدة التوتر المتصاعد في المنطقة بين إيران والسعودية.

ستشهد الزيارة إبرام حوالى 30 اتفاقا وعقدا، بينها 10 في قطاعات التكنولوجيا المتطورة ولا سيما الذكاء الاصطناعي والطاقة والبنى التحتية بقيمة تزيد عن ملياري دولار، سيوقعها الصندوق السيادي الروسي.

وقام تعاون وثيق في السنوات الماضية بين السعودية، أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك وأكبر مصدّر في العالم، وروسيا رغم أنها ليست من أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط، بهدف خفض العرض على النفط سعيا لرفع الأسعار.

وكان التقارب ملفتا خلال السنوات الأخيرة بين موسكو والرياض، حليفة الولايات المتحدة التقليدية. وزار الملك سلمان روسيا في تشرين الأول/أكتوبر 2017، في زيارة كانت الأولى من نوعها.

وعشية زيارته، أعلن بوتين خلال مقابلات صحفية، "بالطبع، سنعمل مع السعودية ومع شركائنا وأصدقائنا الآخرين في العالم العربي من أجل تحييد وتقليل محاولات زعزعة استقرار السوق إلى الصفر"، مشيدا بعلاقاته "الطيبة مع الملك ومع الأمير ولي العهد".

موسكو في "دور صانعة السلام"

وتوقع المحلل السياسي الروسي فيودور لوكيانوف أن يراهن بوتين على علاقات موسكو الجيدة مع الدول العربية من جهة، وعلى تحالفها من جهة أخرى مع إيران، خصم السعودية في المنطقة، ليحاول "لعب دور صانع السلام" في التوتر الإيراني السعودي في الخليج.

وتفاقم الخلاف بصورة خاصة مع الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية سعودية في أيلول/سبتمبر.

وتبنى الحوثيون اليمنيون المدعومون من طهران هذه الهجمات. ويخوض الحوثيون حربا ضد تحالف عسكري بقيادة السعودية دعما لحكومة الرئيس اليمني المعترف به عبد ربه منصور هادي.

وحمّلت السعودية والولايات المتحدة ثم ألمانيا وبريطانيا وفرنسا إيران مسؤولية الضربات، لكن إيران نفت أي دور لها وحذرت من "حرب شاملة" في حال تعرضت لهجوم على أراضيها.

وتفادت روسيا الوقوف بجانب طرف ضد آخر، بل دعت إلى "عدم الخروج باستنتاجات متسرعة" عارضة على الرياض شراء منظومات روسية للدفاع الجوي بهدف حماية أراضيها.

وقال بوتين في المقابلات، إن "هذه القوة الكبيرة، إيران الموجودة على الأرض منذ آلاف السنين - فالإيرانيون والفرس عاشوا هنا منذ قرون- لا يمكن ألا تكون لديهم مصالحهم الخاصة، ويجب أن يعاملوا باحترام".

وأضاف "أما بالنسبة لروسيا، فسنبذل قصارى جهدنا لخلق الظروف اللازمة لمثل هذه الديناميكية الإيجابية".

الموضوع السوري 

في سوريا، تقف روسيا بجانب الرئيس بشار الأسد مع إيران، فيما تدعم السعودية المعارضة، لكن موضوع النزاع سيدرج رغم هذا التعارض في المواقف على جدول أعمال محادثات بوتين مع القادة السعوديين، وفق ما أوضح مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

وفي هذا السياق، من شأن الهجوم الذي باشرته تركيا الأربعاء، ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا بموازاة سحب الولايات المتحدة قواتها من المنطقة، أن يعيد خلط عدد من الأوراق.

وقال لوكيانوف بهذا الصدد "من المهم بالنسبة لروسيا أن تشارك دولة عربية في التسوية السياسية في سوريا"، في حين أن جهود التسوية السياسية تجري حتى الآن بين "ثلاث دول غير عربية حصرا" هي روسيا وإيران، حليفتا دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، ضمن محادثات أستانا.

ووقعت روسيا والسعودية في تشرين الأول/أكتوبر 2017 بروتوكول اتفاق يمهد لشراء أنظمة صواريخ روسية مضادة للطيران من طراز إس-400.

غير أن الصفقة لم تتم في نهاية المطاف، إذ اختارت السعودية شراء أنظمة صاروخية أميركية.

وبعد السعودية، يتوجه بوتين الثلاثاء، إلى الإمارات العربية المتحدة حيث سيلتقي ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان.

المملكة + رويترز + أ ف ب + واس