وصف صندوق النقد الدولي جائحة فيروس كورونا المستجد، بأنها "أزمة لا مثيل لها، تبدو وكأنها حرب في نواح متعددة"، داعيا إلى تدابير تضمن عمل القطاعات الأساسية، وتحول دون الاضطراب الاقتصادي المفرط.

وقال الصندوق، في مدونة نشرها الأربعاء، إن "الناس يموتون، وممارسو المهن الطبية في الصفوف الأمامية، ومن يعملون في مجال الخدمات الضرورية، كتوزيع الغذاء، والتوصيل، والمرافق العامة، يعملون ساعات إضافية لدعم هذا الجهد.

وأضاف أن "الجنود المخفيين الذين يحاربون الوباء محصورون في منازلهم، غير قادرين على المساهمة الكاملة في الإنتاج"، موضحا أن "السمة المشتركة زيادة دور القطاع العام".

الصندوق، قال إن "نجاح وتيرة التعافي سيعتمد بشكل كبير على سياسات متبعة خلال الأزمة على مرحلتين؛ الأولى مكافحة الوباء لإنقاذ حياة الناس عبر تدابير تقلص بشدة النشاط الاقتصادي".

وأوضح أن المرحلة الثانية "تبدأ بالتعافي بعد مكافحة الوباء، وتدابير الاحتواء المستمرة مع رفع القيود تدريجيا إلى أن يعود إلى الأداء بشكل تدريجي"، داعيا إلى أن تضمن هذه السياسات ألا يفقد العمال وظائفهم، ولا يتم إخلاء المستأجرين وأصحاب المنازل، وتجنب إفلاس الشركات، والحفاظ على شبكات الأعمال والتجارة.

وأوضح الصندوق أن هذه السياسات تشكل تحديًا كبيرًا لاقتصادات متقدمة تستطيع حكوماتها تمويل زيادة غير عادية في النفقات حتى مع انخفاض إيراداتها، والتحدي الأكبر سيكون للاقتصادات منخفضة الدخل والناشئة التي تواجه هروب رأس المال؛ والتي سوف تتطلب منحا وتمويلا من المجتمع العالمي.

تدابير لمحاربة الفيروس

يشير خبراء الصندوق إلى أنه على خلاف فترات الهبوط الاقتصادي الأخرى، لم يأتِ هبوط الناتج في هذه الأزمة مدفوعا بالطلب؛ إنما هو نتيجة لإجراءات الحد من انتشار المرض، ومن ثم فإن دور السياسة الاقتصادية ينصب على ثلاثة أهداف.

الهدف الأول يضمن عمل القطاعات الأساسية، من حيث الحفاظ على الرعاية الصحية المنتظمة، وإنتاج الغذاء وتوزيعه، والبنية التحتية الأساسية والمرافق، وقد يتضمن حتى إجراءات استثنائية من قبل الحكومة لتوفير الإمدادات الرئيسية، وقد يكون هناك ما يبرر التقنين ومراقبة الأسعار والقواعد ضد الاحتكار في حالات النقص الشديد.

ويبرز الهدف الثاني في توفير موارد كافية للأشخاص الذين تضرروا من الأزمة، حيث ستحتاج الأسر التي تفقد دخلها بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب تدابير احتواء انتشار الفيروس إلى دعم حكومي، يجب أن يساعد الدعم الأشخاص على البقاء في المنزل، مع الاحتفاظ بوظائفهم (الإجازة المرضية الممولة من الحكومة تقلل من حركة الأشخاص، وبالتالي خطر العدوى)، لذا، ينبغي توسيع نطاق استحقاقات البطالة، والحاجة إلى تحويلات نقدية إلى العاملين لحسابهم الخاص، ومن ليس لديهم وظائف.

وأوضح الخبراء أن الهدف الثالث، يتمثل في منع الاضطراب الاقتصادي المفرط، حيث تحتاج السياسات إلى حماية شبكة العلاقات بين العمال، وأصحاب العمل والمنتجين والمستهلكين والمقرضين والمقترضين، بحيث يمكن استئناف العمل بشكل جدي عندما تختفي حالة الطوارئ الطبية.

وتوقع الصندوق، أن يؤدي إغلاق الشركات إلى فقدان المعرفة التنظيمية، وإنهاء المشاريع الإنتاجية طويلة الأجل، ومن شأن الاضطرابات في القطاع المالي أن تزيد من الضائقة الاقتصادية، لذلك تحتاج الحكومات إلى تقديم دعم استثنائي للشركات الخاصة، بما في ذلك إعانات الأجور بشروط مناسبة، بحيث تشمل السياسات الداعمة للأسر والشركات والقطاع المالي مزيجًا من تدابير السيولة من خلال توفير الائتمان، وتأجيل الالتزامات المالية وتدابير الملاءة المالية.

* محلل مالي

المملكة