تمكنت قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، الأربعاء من طرد تنظيم الدولة "الإرهابي"، المعروف بـ "داعش"، من آخر بلدة صغيرة كانت تحت سيطرته في محافظة دير الزور شرقاً، ليقتصر وجوده حالياً في هذا الجيب على مزرعتين صغيرتين، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

وتقود هذه القوات المؤلفة من فصائل كردية وعربية، منذ 10 سبتمبر هجوماً بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لطرد التنظيم من هذا الجيب الواقع في ريف دير الزور الشرقي بمحاذاة الحدود العراقية.

ورغم الهجمات المضادة التي شنّها التنظيم، تمكّنت هذه القوات من السيطرة على القسم الأكبر من هذا الجيب، لكنه لا يزال، رغم خسائره الميدانية، قادراً على شنّ اعتداءات دموية، استهدف آخرها القوات الأميركية في شمال سوريا.

وأفاد المرصد السوري الأربعاء عن سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على الباغوز، آخر بلدة صغيرة كانت تحت سيطرة التنظيم عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات.

وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى "عمليات تمشيط مستمرة في البلدة بحثاً عن المتوارين من عناصر التنظيم" متوقعاً تقدم قوات سوريا الديموقراطية "باتجاه الأراضي الزراعية في محيط الباغوز".

ولا يزال التنظيم يسيطر وفق المرصد، على قريتين صغيرتين هما عبارة عن مزرعتين وحقول في محيط هذه البلدة.

مقاتلون شرسون

وبعدما كان التنظيم في العام 2014 يسيطر على ساحات شاسعة في سوريا والعراق المجاور، تقلص نفوذه تباعاً ليقتصر وجوده حالياً على البادية السورية المترامية والممتدة من وسط البلاد حتى الحدود العراقية.

وقال المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن شون راين "نرى أن كثيرين من مقاتلي العدو يفرون".

وأوضح أن قوات سوريا الديموقراطية "باتت على بعد أقل من 10 كيلومترات عن الحدود العراقية لكنها لا تزال تواجه مقاومة مقاتلين شرسين"، مؤكداً أن "مهمتنا تبقى إلحاق الهزيمة الكاملة بالتنظيم".

وأشار الى أنه "من الصعب تحديد المدة اللازمة لذلك رغم التقدم" مضيفاً "نحاول تجنب الحديث عن مهل، ذلك أن الأمر يتعلق أكثر بإضعاف قدرات الأعداء".

ومنذ بدء الهجوم في سبتمبر، قتل أكثر من 900 متطرف و600 من قوات سوريا الديموقراطية، وفق المرصد الذي وثق أيضاً مقتل أكثر من 380 مدنياً، بينهم نحو 140 طفلاً.

وشهدت المنطقة موجات نزوح للمدنيين ولعائلات مقاتلي التنظيم هرباً من المعارك والغارات، كما سلم مئات الجهاديين أسلحتهم، وفق المرصد.

وقدر المرصد خروج نحو 5 آلاف شخص من هذا الجيب منذ الاثنين، بينهم 470 مقاتلاً جهادياً.

هجمات انتحارية

ورغم تصديه للهجوم في دير الزور الشرقي، تبنى التنظيم تنفيذ هجومين داميين في أقل من أسبوع استهدفا دوريات للقوات الأميركية بمواكبة قوات سوريا الديموقراطية في شمال سوريا، متوعداً بتنفيذ مزيد من الهجمات.

واستهدف تفجير انتحاري الأربعاء الماضي دورية أميركية وسط مدينة منبج (شمال) التي يسيطر عليها مقاتلون عرب وأكراد ينضوون في صفوف مجلس منبج العسكري، التابع لقوات سوريا الديموقراطية.

وتضم المدينة ومحيطها مقار لقوات التحالف لا سيما الأميركية.

وقتل في التفجير 10 مدنيين 5 مقاتلين محليين بالإضافة إلى 4 اميركيين هما جنديان وموظف مدني يعمل لصالح وزارة الدفاع الأميركية وموظفة متعاقدة مع الوزارة.

ويعد هذا التفجير الأكثر دموية بين التفجيرات التي استهدفت القوات الأميركية في سوريا منذ العام 2014 استناداً الى الاحصاءات التي ينشرها البنتاغون تباعاً.

والاثنين، أقدم انتحاري على تفجير نفسه داخل سيارة مفخخة مستهدفاً رتلاً أميركياً يرافقه مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية، أثناء مروره في منطقة الشدادي، جنوب مدينة الحسكة (شمال شرق)، ما تسبب بمقتل 5 مقاتلين أكراد، وفق التحالف.

وتوعد التنظيم في بيان على تطبيق تلغرام مساء الاثنين، القوات الأميركية وحلفائها برؤية "ما تشيب من هوله رؤوسهم"، مؤكداً أن "ما حلّ بهم في الحسكة ومنبج أول الغيث".

ووقع التفجيران بعد أسابيع عدة من اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره المفاجئ بسحب كافة قواته من شمال سوريا والمقدر عددها بنحو ألفي جندي، بعدما حققت هدفها بـ “الحاق الهزيمة" بالتنظيم على حد قوله.

ورغم الضربات المتلاحقة على جبهات عدة وتقلص مساحات سيطرته، لا يزال التنظيم المتطرف قادراً على شن هجمات دموية داخل سوريا وخارجها.

وفي المناطق التي تمّ طرده منها، يتحرّك التنظيم من خلال "خلايا نائمة" تقوم بوضع عبوات أو تنفيذ عمليات اغتيال أو خطف أو تفجيرات انتحارية تستهدف مواقع مدنية وأخرى عسكرية.

وتشكل المعارك ضد "داعش" مؤشراً الى طبيعة النزاع المعقد في سوريا والذي تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبني التحتية، وأدى الى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

أ ف ب