دعا عشرات الآلاف من المتظاهرين في عدة مدن بأنحاء الجزائر الجمعة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى التنحي في أكبر مظاهرات مناهضة للحكومة منذ احتجاجات الربيع العربي قبل 8 سنوات.

وقال شهود إن الاحتجاجات كانت سلمية في معظمهما لكن مشادات وقعت بين الشرطة ومحتجين قرب القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر بعد تراجع أعداد المتظاهرين عصر الجمعة.

وقال مصدر مطلع إن شخصا واحدا لقي حتفه خلال تدافع أثناء اشتباك بين الشرطة ومحتجين. وذكرت وسائل إعلام محلية أن الرجل يبلغ من العمر 60 عاما دون أن تقدم مزيدا من التفاصيل.

وذكر التلفزيون الرسمي، دون الخوض في تفاصيل، أن عددا من المحتجين ورجال الشرطة أصيبوا في الاشتباكات التي وقعت في العاصمة.

وفي وقت سابق غصت الشوارع بالمتظاهرين وبينهم شبان ومسنون عقب صلاة الجمعة ينادون برحيل بوتفليقة ويهتفون "سلمية .. سلمية". ولوح كثير منهم بالعلم الجزائري ورفعوا شعارات ولافتات.

وبدأت في الأسبوع الماضي احتجاجات ضخمة نادرة الحدوث في الجزائر ضد اعتزام بوتفليقة الفوز بفترة رئاسية خامسة خلال انتخابات أبريل لكن مظاهرات الجمعة كانت الأكبر حتى الآن.

وأصيب بوتفليقة (81 عاما) بجلطة في عام 2013 ومنذ ذلك الحين لم يظهر على الملأ سوى مرات قليلة. وأثار سعيه لإعادة انتخابه استياء بين الجزائريين الذين يرونه غير مؤهل صحيا للحكم.

وقال حمدان سالم وهو موظف في القطاع العام (45 عاما) "انظروا للشباب الجزائري... كل ما يطالبون به هو رئيس قادر على أداء مهامه ويمكنه أن يتحدث إلى الشعب". وقالت خديجة التي شاركت في الاحتجاجات مع زوجها وأطفالها "عشرون عاما كافية".

وكانت من بين المحتجين واحدة من أشهر أبطال حرب التحرير ضد فرنسا في الفترة من 1954 وحتى 1962 وهي جميلة بوحيرد التي تبلغ من العمر الآن 83 عاما. وقالت للصحفيين "أنا سعيدة لأنني هنا".

وبعد ساعات من السير، بدأ كثير من المحتجين في العودة إلى منازلهم لكن ظل آخرون في أماكنهم يرقصون ويرددون الأغاني.

وقال علي سلمي "إنه احتفال وليس احتجاجا. نحن نحتفل بميلاد الجزائر من جديد". وقال شاب آخر يدعى محمد سعدي "معركتنا ستستمر حتى الفوز".

وفي وقت لاحق أظهرت لقطات لتلفزيون رويترز قوات الأمن تواجه محتجين في شارع قرب القصر الرئاسي بعد إطلاق قنابل غاز. وقال شهود إن الاشتباكات أسفرت عن سقوط مصابين من الجانبين.

وقال سكان ووسائل إعلام محلية إن مدنا أخرى في البلاد شهدت احتجاجات منها وهران وسطيف وتيزي وزو والبويرة وقسنطينة.

ولم يوجه بوتفليقة، الذي سيكمل عامه الثاني والثمانين السبت، أي خطاب مباشر للمحتجين. وقالت السلطات إنه سيسافر إلى جنيف لإجراء فحوص طبية لم يكشف عنها على الرغم من عدم صدور تأكيد رسمي بشأن سفره.

وتناولت محطات تلفزيونية محلية الاحتجاجات لكن لم ترد تغطية مباشرة. وحتى ظهر الجمعة، لم تكن وكالة الأنباء الرسمية ذكرت شيئا عن المسيرات. وبدأت وسائل إعلام رسمية يوم الثلاثاء في تغطية الاحتجاجات بعدما ضغط صحفيون على إداراتهم.

ولسنوات تجنب كثير من الجزائريين الحديث العلني في السياسة خشية التعرض لمشاكل مع الأجهزة الأمنية أو لأنهم ببساطة فقدوا اهتمامهم بالشأن السياسي بعد أن بقيت بلادهم تحت إدارة نفس الرجال الذين تولوا الحكم بعد حرب التحرير ضد فرنسا.

وردد البعض الجمعة هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" وهو من هتافات الربيع العربي في 2011 الذي شهد الإطاحة بقادة مصر وليبيا وتونس.

مواجهات الجمعة أوقعت 56 جريحا بين عناصر الشرطة وسبعة بين المحتجين، بحسب ما نقل التلفزيون الجزائري العام عن الشرطة.

وأحصى مراسلو فرانس برس عشرة جرحى بين المحتجين تعرضوا للضرب بعصي الشرطة وبحجارة أعاد بعض الشرطة رميها على محتجين وبشظايا قنابل مسيلة للدموع أو اختناقا بالغاز.

وأوقفت الشرطة خلال النهار 45 شخصا بينهم خمسة حاولوا دخول فندق الجزائر، بحسب التلفزيون نقلا عن بيان للإدارة العامة للأمن الوطني التي تشرف على مختلف أجهزة الأمن الجزائرية.

وفندق الجزائر يقع في شارع سار فيه المحتجون الذين حاولوا الجمعة الوصول إلى القصر الرئاسي، وحيث سجلت مواجهات آخر النهار بين شرطيين ومجموعات من الشبان.

وبحسب مصادر أمنية فإن محتجين تمكنوا من دخول الفندق وخربوا سيارات في مرآبه.

وفي الشارع القريب من الفندق كسر بلور بعض واجهات المتاجر وفرع بنكي وتم حرق سيارة، بحسب صحافية بفرانس برس وذلك بعد تمكن قوات الأمن من تفريق المحتجين مستخدمة الغاز المسيل للدموع بكثافة.

ووقعت مواجهات أخرى بين شرطيين ومحتجين آخر النهار في ساحة أول مايو وسط العاصمة، بحسب مشاهد نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت منظمة العفو الدولية دعت الخميس قوات الأمن إلى "الامتناع عن اللجوء إلى القوة المفرطة أو غير الضرورية لتفريق متظاهرين سلميين".

رويترز + أ ف ب