قال مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر الاثنين إن خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط تتضمن اتفاقا وسطا بين المبادرة العربية والموقف الإسرائيلي.

وقال إن الفلسطينيين يضيعون الفرصة بعدم حضور "ورشة البحرين" التي تعقد في المنامة يومي 25 و26 حزيران/يونيو، واصفا عدم مشاركة الفلسطينيين بـ "خطأ استراتيجي".

وأضاف في تصريحات لصحفيين أن "الفلسطينين لم يرغبوا بالحضور، ولم ندع الإسرائيليين لخلق التوازن"، مشيرا إلى أن الورشة تهدف إلى "تحسين حياة الفلسطينيين والإسرائيليين".

"حل الدولتين والمبادرات السابقة كانت تقليدية لم تؤدِ إلى حل الصراع ... نعمل على خطة تفصيلية قبل العودة إلى مسميات تقليدية لم تؤد إلى الحل"، بحسب مستشار البيت الأبيض.

كوشنر قال إن الورشة "تحاول أن تخرج بمنهج جديد وتطبيقه"، وستشهد مشاركة ممثلين عن روسيا والصين واليابان.

"إذا تم تطبيق المنهج الجديد من الورشة، نأمل بالوصول لحل سياسي"، وفقا لكوشنر، وأضاف: "خلال عامين من عملي لم أجد أي طرف طرح خطة أفضل".

وبدأ مسؤوولن عرب وغربيون الوصول إلى المنامة الاثنين للمشاركة في ورشة عمل تهدف لبحث الجانب الاقتصادي لخطة سلام أميركية لحل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في ظل مقاطعة القيادة الفلسطينية لهذه الورشة.

ويشكّل مؤتمر المنامة الذي سيعقد الثلاثاء والأربعاء برئاسة كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره، فرصة لعرض خطة السلام التي طال انتظارها لحل النزاع، والتي قال المسؤولون الأميركيون إنّها تتضمّن شقّاً سياسيا سيعلن لاحقا. 

وتبدأ ورشة العمل مساء الثلاثاء بعشاء في فندق فخم في البحرين.

وتقترح الخطة جذب استثمارات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار لصالح الفلسطينيين وإيجاد مليون فرصة عمل لهم ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلّي، ويمتد تنفيذها على 10 أعوام. 

وسيشارك في المؤتمر وزراء مالية من دول خليجية ثرية بالإضافة إلى وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.

ويقاطع الفلسطينيون الورشة.

الموقف الفلسطيني

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية جدد الاثنين انتقاد الخطة الأميركية لأنها لا تتطرق إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وقال اشتية في مستهل اجتماع للحكومة الفلسطينية إن "محتوى الورشة الأميركية في العاصمة البحرينية المنامة هزيل، والتمثيل فيها ضعيف ومخرجاتها ستكون عقيمة".

وتابع "ما تحاول إسرائيل والولايات المتحدة القيام به ببساطة هو تطبيع العلاقات مع العرب على حساب الفلسطينيين. وهذا أمر لا نقبل به".

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال الأحد إن الفلسطينيين "لن يكونوا عبيدا أو خداما" لجاريد كوشنر أو الفريق الأميركي.

وأضاف: "مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، ونحن بحاجة إلى الاقتصاد والمال والمساعدات، لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي، وعندما نطبق حل الدولتين ودولة فلسطينية على حدود 67 بحسب قرارات الشرعية الدولية، عندها نقول للعالم ساعدونا".

"هيومن رايتس ووتش" 

منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية قالت في تقرير تناول الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط، إن هذه الخطة "لم تعالج أهم عائق أمام التنمية الاقتصادية: الانتهاكات الإسرائيلية ضد الحقوق الإنسانية للفلسطينيين"، ووصفتها بأنها "منفصلة عن الواقع".

"تتضمن الخطة تطوير ممر نقل يربط الضفة الغربية وقطاع غزة مباشرة عبر طريق رئيسي، وربما خط سكة حديد عصري. لكن ما فائدة الممر عندما تفرض إسرائيل حظرا على سفر فلسطينيي غزة البالغ عددهم مليونَين، بما يمنعهم جميعا ​​تقريبا من السفر ليس فقط إلى الضفة الغربية، ولكن إلى أي مكان آخر"، وفق المنظمة الدولية.

وأضافت: من جانب آخر "تتحدث الخطة عن أهمية حقوق الملكية الخاصة دون الإشارة إلى السرقة المنهجية لآلاف الهكتارات من الأراضي الفلسطينية الخاصة في الضفة الغربية من قبل السلطات الإسرائيلية، لبناء مستوطنات غير قانونية حسب القانون الإنساني الدولي، أو إلى استغلالها غير القانوني للموارد الطبيعية لمصلحتها الخاصة، مع فرض قيود صارمة على كيفية استخدام الفلسطينيين لتلك الموارد".

إسرائيل ستدرس الخطة 

وتؤكد إدارة ترامب أنه سيتم الكشف عن الجانب السياسي من الخطة لاحقا هذه السنة، ربما في تشرين الثاني/نوفمبر بعد الانتخابات المرتقبة في إسرائيل وتشكيل الحكومة الجديدة.

وألمح مسؤولون أميركيون إلى أنّ الخطة المرتقبة لن تتطرّق إلى قيام دولة فلسطينية مستقلّة، وهو ما كانت تعد به الدبلوماسية الأميركية على مدى عقود.

وانتقدت الدولة العبرية التي ستشارك في مؤتمر البحرين، السلطة الفلسطينية. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّه سيدرس "بإنصاف وانفتاح" الخطة الأميركية.

وقال خلال لقاء مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون "لا أستطيع أن أفهم كيف رفض الفلسطينيون المخطط الأميركي قبل أن يسمعوا حتى ما هي تفاصيله".

وأضاف "هذا ليس الطريق نحو إحراز التقدم".

وتؤكد إسرائيل ترحيبها بفرصة تحسين الاقتصاد الفلسطيني.

وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ أكثر من 10 سنوات ما يساهم في تدهور الوضع المعيشي في القطاع الفقير.

وتطرق نتنياهو خلال حملته الانتخابية الأخيرة الى احتمال ضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ما يعني عمليا القضاء على فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة لا سيما منذ تدهور العلاقات بينها وبين الإدارة الأميركية في بداية العام 2018.

وكرّر وزراء المالية العرب الأحد التزام الدول الأعضاء في الجامعة العربية بدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار أميركي شهريا. 

كما أكد وزراء المالية العرب "الدعم العربي الكامل لحقوق دولة فلسطين السياسية والاقتصادية والمالية وضمان استقلالها السياسي والاقتصادي والمالي".

وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير إن ورشة البحرين "لا تتعلق بشراء السلام".

وأضاف في حديث لصحيفة "لوموند" الفرنسية أن الأمر "لا يتعلق أبدا بإجبار الفلسطينيين على قبول اتفاق لا يعجبهم وربط الأمر بقبول شيء مقابل الحصول على شيء آخر".

ترامب يدعم إسرائيل 

وتسود علاقات سيئة بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية منذ قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها.

وتنظر القيادة الفلسطينية بارتياب كبير إلى كوشنر الذي تربطه بنتنياهو صداقة عائلية، وإلى ترامب الذي اتّخذ خطوات عديدة لدعم إسرائيل مخالفاً الإجماع الدولي بما في ذلك اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وبالإضافة إلى نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أوقفت إدارة ترامب مساعدات بمئات ملايين الدولارات كانت تُقدّم للفلسطينيين.

وقطعت واشنطن أيضا تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ويرى آرون دافيد ميلر الذي شغل في السابق منصب مفاوض مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أن فكرة تقديم خطط اقتصادية للفلسطينيين ليست جديدة.

ويقول "لو أن إدارة ترامب لم تقم في العامين الماضيين بشن حملة ضغط اقتصادية وسياسية على الفلسطينيين وقامت بتقويض طموحاتهم بالحصول على دولة وحول مدينة القدس، لكانت هذه الخطة منطقية".

المملكة + أ ف ب