أمام صراف آلي في محطة قطارات في إسطنبول، تستعد تولاي يرتشيك لتجديد بطاقة النقل لكن بدلا من إدخال أوراق نقدية لتسديد الكلفة تستخدم زجاجات بلاستيكية.

فكل زجاجة بلاستيكية أو عبوة توضع في الصراف تعود على يرتشيك ببعض القروش على بطاقة النقل الخاصة بها، هذا مشروع أطلقته بلدية إسطنبول للتشجيع على إعادة التدوير.

وتقول يرتشيك وهي تخرج الزجاجات الفارعة من حقيبتها "أحملها معي يوميا. قبل ذلك كنت أرمي الزجاجات. إنها مبادرة ممتازة ،ويجب أن تكون لدينا مبادرات أخرى كثيرة".

وقد نشرت هذه الأجهزة في 3 محطات لقطارات الأنفاق راهنا في عاصمة تركيا الاقتصادية، لكن البلدية تأمل بتوسيع نطاق المبادرة قريبا.

وتعاني إدارة النفايات من تقصير في تركيا، حيث يدق المدافعون عن البيئة ناقوس الخطر منذ سنوات، لكن السلطات بدأت تدرك أُكثر فأكثر ضرورة التحرك بسرعة لتغيير العادات السيئة وهي تجهد حاليا على توعية السكان على إعادة التدوير.

لكن المهمة ضخمة. فتركيا تحتل المرتبة الثامنة بعد المئة من بين 180 دولة في مؤشر الأداء البيئي الذي وضعته جامعتا يال وكولومبيا الأميركيتان.

440 كيسا بلاستيكيا في السنة 

وتفيد أويا غوزيل من المؤسسة التركية "اهتم بنفاياتك" أن 11 % من أصل 31 مليون طن من النفايات تنتجها تركيا سنويا يتم تدويرها.

وتضيف في تصريح لوكالة فرانس برس "نحن نلوث التربة والبيئة بالبلاستيك والمعادن والزجاج التي تبقى في الطبيعة لسنوات (..) نستخدم الكيس البلاستيكي لمدة 12 دقيقة كمعدل وسطي. وبعد 12 دقيقة يصبح ضمن النفايات".

وتتابع قائلة "هدفنا هو في الارتقاء بمستوى إعادة التدوير إلى 35 % في غضون خمس سنوات. أمر ليس بكثير لكننا على قناعة بأنه في إمكاننا أن نتقدم" ضمن هذه المهلة.

في تركيا، لا تشكل مواضيع البيئة مسائل محورية في النقاش العام ولا تحتل حيزا كبيرا في المشاريع الانتخابية.

لكن رغم ذلك، يبدو أن حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يقف وراء مشاريع بنى تحتية ضخمة لا تأبه للبيئة، بدأ يهتم لهذه المسألة الآن.

فقد أعلن وزير البيئة مراد كوروم في تشرين الثاني/نوفمبر أن الأكياس البلاستيكية ستكون متوافرة في مقابل بدل مادي اعتبارا من يناير 2019 وهو إجراء معتمد في كثير من الدول الأوروبية. وسيشكل ذلك ثورة في بلد تهيمن فيه أكياس البلاستيك.

فكل مواطن تركي يستخدم ما معدله 440 كيسا بلاستيكيا في السنة على ما يفيد كوروم، مضيفا أن الهدف يكمن في تخفيض هذا العدد عشر مرات بحلول العام 2025.

ودعمت زوجة الرئيس التركي أمينة أردوغان من جهتها قضية إعادة التدوير في تركيا. فقد خضع العاملون في القصر الرئاسي لتدريبات على فرز النفايات على ما أعلنت خلال قمة مخصصة لهذه المسألة في نوفمبر. 

وأوضحت "لم نر شاحنات النفايات منذ فترة طويلة في القصر الرئاسي".

لكن إدخال فرز النفايات إلى الذهنيات يحتاج لوقت طويل في بلد يترك فيه السكان في كثير من الأحيان نفاياتهم على زاوية الرصيف.

النفايات ثروة كبرى 

في مركز لفرز النفايات قرب إسطنبول يضع العاملون جانبا النفايات العضوية لتحول إلى سماد يستخدم في الحدائق العامة. أما الزجاج والبلاستيك والمعادن فيعاد تدويرها.

لكن عملية الفرز هذه كانت لتكون أكثر فعالية لو أن الأسر تفرز النفايات قبل رميها على ما يؤكد إبراهيم خليل تركري المسؤول عن إعادة التدوير في بلدية إسطنبول.

ويشير تركري إلى أن "مراكزنا ستعالج نفايات أكثر مراعاة للبيئة وستنتج عنها مواد معاد تدويرها بجودة أعلى"، مضيفا "الأفراد يتحملون مسؤولية كبيرة".

ويعمل أحمد حمدي زمبيل مهندسا في شركة "إيستاك" المتخصصة في إدارة النفايات في إسطنبول والتي تنتج الكهرباء من الغاز المنتج من حرق النفايات العضوية. وهو يؤكد وجود فائدة كبيرة متأتية من حسن إدارة النفايات.

ويقول زمبيل "لقد عالجنا 7 ملايين طن من النفايات العام الماضي، وأنتجنا 400 مليون كيلو واط في الساعة من الكهرباء".

لكن هنا أيضا، الأمر غير ممكن إلا في حال فرز النفايات العضوية من تلك المصنعة.

وبالعودة إلى محطة سيشان لقطارات الأنفاق، تتذمر تولاي يرتشيك لدى رؤيتها أن عبوة من البلاستيك التي وضعتها في الصراف الآلي لم تزد رصيدها على بطاقة النقل إلا بثلاثة قروش.

ولتجميع ثمن الرحلة الواحدة البالغ 2,6 ليرة تركية، لا يزال يتعين عليها وضع 86 عبوة بلاستيكية. وهي تقول "حسنا... هذه ليست سوى البداية. أظن أن النظام سيتحسن".

أ  ف ب