تظاهر مجدداً المحتجون المطالبون بالديمقراطية في هونغ كونغ، لبضع ساعات السبت، قبل أن يتفرقوا في بداية المساء تحضيراً لتجمّع مقرر الأحد، يأملون منه أن يكون حاشداً وسلمياً.

وتسببت عشرة أسابيع من الاحتجاجات في إغراق هذه المدينة التي تعد مركزا تجاريا دوليا في أزمة، فيما اتخذ البر الصيني الشيوعي مواقف متشددة ووصف التظاهرات الأكثر عنفاً بالأفعال "شبه الإرهابية".

توازياً، تجمّع بعد ظهر السبت، ناشطون مؤيدون للحكومة في متنزه، لانتقاد التحرّك الاحتجاجي ودعم الشرطة، في صورة تعكس الانقسامات التي باتت تشهدها المدينة.

كما أطلقت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني السبت، دعوة إلى "حوار واسع وشامل" من أجل "تهدئة الأوضاع" في هونغ كونغ، واعتبرت أنّ الأساسي حالياً يكمن "في التحلي بضبط النفس ونبذ العنف".

ويعتزم النشطاء تنظيم تجمع حاشد آخر الأحد، وُصف بأنه تظاهرة "متعقلة وغير عنيفة" تهدف للإثبات لبكين ولمسؤولي المدينة غير المنتخبين أنّ الحركة الاحتجاجية لا تزال تتمتع بدعم شعبي واسع برغم بروز سلوكيات عنفية من قبل عناصر راديكاليين.

وكان متظاهرون منعوا مسافرين الثلاثاء، من إتمام إجراءات السفر في مطار المدينة، ولاحقا اعتدوا على رجلين اتهما بأنهما جاسوسان للصين.

وأساء انتشار الصور والمشاهد إلى الحركة التي لم تستهدف حتى ذلك الوقت سوى الشرطة أو مؤسسات حكومية، ولكنّها دفعت بالمتظاهرين للتفكير مليا بأهدافهم.

واستغلت آلة الدعاية الصينية أعمال العنف، وفاضت وسائل الإعلام الرسمية بالمقالات والصور والفيديوهات المنددة.

ونشرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية أيضا، صورا لعسكريين وناقلات جند مدرعة في شينزين قرب حدود هونغ كونغ، فيما حذرت الولايات المتحدة بكين من مغبة إرسال جنود، وهي الخطوة التي يقول العديد من المحللين إنها ستسيء إلى سمعة الصين وستنعكس كارثة اقتصادية عليها.

تظاهرات منافسة

وبدأت تجمعات السبت، بمشاركة آلاف المدرسين في مسيرة تحت الأمطار الغزيرة دعما للاحتجاجات التي يقودها الشباب بشكل كبير. 

وبعد الظهر، بدأ النشطاء في التجمع في هونغ هوم وتو كوا وان، وهما حيّان يقصدهما السياح القادمون من الصين، علما بأن الشرطة حظرت تلك التجمعات.

ومنعت الشرطة في البداية مسيرة السبت قبل أن تتراجع بعد أن تم تغيير مسارها لاحقا.

وقال متظاهر اكتفى بذكر اسمه الأول مارس إنّ "الحكومة لم تستجب بعد ولو لمطلب واحد وصعّدت من استخدام القوة عن طريق الشرطة لقمع أصوات الناس".

وأضاف الشاب البالغ 25 عاما: "إذا لم نخرج إلى الشوارع، مستقبلنا وجيلنا المقبل سيواجه مزيداً من القمع".

ومن المتوقع أن ينظّم التجمع الأكبر هذا الأسبوع يوم الأحد، في اختبار جدي للناشطين وللسلطات المقربة من بكين أيضاً.

وكان متظاهرون مؤيدون للحكومة تجمّعوا السبت في متنزه، حيث ندد العديد من الخطباء بعنف المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، بينما كانت شاشات عملاقة تبث تسجيلات لمواجهات وقعت حديثاً مع الشرطة.

وأسفت أيرن مان (60 عاماً)، وهي متقاعدة تدعم الحكومة، لأنّ "أفعالهم ليست إنسانية، وقد تحوّلوا جميعاً إلى وحوش".

وتفرّق التجمّع المؤيد للحكومة من دون وقوع اشتباكات قبل حلول الليل.

"عقلانية، غير عنفية"

وتواجه المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية السبت، مع الشرطة في حي مونغ كوك (شمال)، في تكرار لاشتباكات عدة وقعت هناك خلال الأسابيع الأخيرة.

وأغلق المتظاهرون طرقات وصوّبوا أشعة اللايزر باتجاه شرطة مكافحة الشغب التي تحركت لتفريقهم.

وفي بداية المساء، بدأ التحضير للتجمّع الكبير المرتقب الأحد والتفرّق.

وتنظم "الجبهة المدنية لحقوق الإنسان" تجمّع الأحد، وهي مجموعة احتجاجية غير عنفية كانت في السابق القوة المحركة للتظاهرات الحاشدة التي سجلت مشاركة قياسية في حزيران/يونيو، وتموز/يوليو عندما نزل مئات آلاف الأشخاص إلى الشارع.

وسمحت الشرطة بالتجمّع في متنزه كبير في هونغ كونغ، ولكن من دون السماح لهم بالتظاهر في الشارع. وغالباً ما تجاهل المتظاهرون هذا الحظر في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى اشتباكات مع الشرطة.

وتبرر السلطات هذا النوع من الحظر بحدوث أعمال عنف تطال مراكز الشرطة. غير أنّ التحرّك لا يلين أمام ذلك، برغم توقيف أكثر من 700 شخص في غضون أكثر من شهرين من التظاهرات.

وبدأت التظاهرات في هونغ كونغ باحتجاجات على مشروع قانون يتيح تسليم المطلوبين إلى الصين القارية، لكنها توسعت للمطالبة بحقوق ديمقراطية في المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. ونزل الملايين إلى الشوارع فيما اندلعت اشتباكات بين الشرطة ومجموعات صغيرة من المتظاهرين المتشددين.

أ ف ب