تباينت آراء مختصين حول مشاركة الأردن في مؤتمر تستضيفه البحرين الشهر المقبل برعاية الولايات المتحدة في سعي لـ "تعزيز" اقتصاد الفلسطينيين: البعض يراها ضرورة لمنع العبث في القضية الفلسطينية.

ورشة عمل "السلام من أجل الازدهار"، التي ستعقد في المنامة، يتوقع أن تضم مسؤولين حكوميين وقادة أعمال في محاولة لتعزيز الجانب الاقتصادي من خطة السلام الأميركية، التي قد تطرح مقترحات لحل قضايا سياسية شائكة، تمثل محور الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قالت، إنها تستعد لتقديم خطتها، التي عمل عليها مستشاره للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وصهره جاريد كوشنر، وسفير واشنطن في إسرائيل، ديفيد فريدمان، بعد شهر رمضان.

صفقة القرن" تتألف من شق سياسي، يتناول قضايا جوهرية مثل وضع القدس، وشق اقتصادي، يهدف إلى تعزيز اقتصاد الفلسطينيين".

إن أقرّ الأردن المشاركة في ورشة المنامة، فإنه "سيتحدث بموقفه، وبما يتعلق بالقضية الفلسطينية ... " يقول مصدر مطلع لـ "المملكة".

"أجندة وجدول أعمال المؤتمر ليست واضحة، إن كانت ضمن صفقة القرن أم لا، الأردن لم يرفض الصفقة، ولم يوافق عليها؛ لأنه لم يطلع على بنودها ... "، بحسب المصدر.

رئيس الوزراء الأسبق، طاهر المصري، توقع أن يحضر الأردن المؤتمر، حتى لو كان هذا بمستوى تمثيل "منخفض أو عادي".

وقال لـ "المملكة" إن "المهم عدم الدخول في اتفاقيات أو أفكار سياسية، والتواجد ولو للاستماع لمعرفة أعمال وأجندات الورشة"، التي يعتقد أنها لن تنجح.

موقف "خطير"

وبين المصري أن غياب فلسطين عن المؤتمر يتطلب من الأردن الحضور لوقف أي قرار يضر بحل الدولتين.

"أعتقد أن الأردن مضطر لحضور المؤتمر لأسباب سياسية عديدة؛ إذا تغيب لن يكسب شيئا، وقد يخسر في علاقات دولية فقط. الأردن لا يقبل التحدث في القضية الفلسطينية وهو غائب؛ لأن انعكاساتها عليه واضحة" يضيف المصري.

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، قال لـ "المملكة" إن الحكومة الفلسطينية لن تُشارك في الورشة، مضيفاً أن الورشة تتنافى مع قرارات جامعة الدول العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، الأمر الذي أكده أمين سر اللجنة صائب عريقات.

فارس بريزات، مدير مركز نما للدراسات، يرى في تقديره أن الأردن سيشارك في ورشة المنامة، لكنه يقول إن هذا قد يعني شرعنة ما يفكر به الأميركيون في صفقة القرن".

إن لم يشارك الأردن، "فسيواجه عتباً أميركياً وخليجياً، ومن لا يشارك سيكون في مواجهة مع الولايات المتحدة"، يقول بريزات لـ "المملكة".

"خطورة الموقف تكمن في أن المشاركة قد تعني شرعنة ما تطرحه واشنطن، وإن التغيب قد يعني اتخاذ قرارات تؤثر على الدولة الأردنية، ولا تستطيع الاعتراض عليها ... على صانع القرار أخذ جميع التوازنات الإقليمية والدولية في عين الاعتبار"، يوضح بريزات.

"تفريط في حقوقنا"

لكن أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، حسن البراري، له رأي مخالف.

"في تقديري مشاركة الأردن خاطئة ... نعلم أن هذه الورشة تأتي في سياق صفقة القرن ... نعلم أن بنود الصفقة ستكون على حساب الأردن، وبالتالي لا يمكن للأردن أن يشرعن أي إجراء من أي صفقة قد تنال من الخطوط الحمراء التي حددها الملك، وهي اللاءات الثلاث"، يقول البراري.

جلالة الملك عبد الله الثاني شدد في آذار/مارس أن "القدس ومستقبل فلسطين تمثل خطاً أحمر بالنسبة للأردن"، مضيفاً "كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين".

ويرى البراري أن عدم مشاركة الأردن في مؤتمر البحرين "سيعطيه القوة، وسيرفع من أوراقه التفاوضية ويسحب من شرعية هذه الورشة والصفقة على اعتبار أن الجانبين الأردني والفلسطيني لن يحضرا".

الذهاب للمنامة تفريط في حقوقنا الوطنية ... والضغوط على الأردن واضحة من جميع الجهات"، يحذر البراري، مشككا في نجاح المؤتمر.

لكن المصدر المطلع يرى غير ذلك، "لا يمكن اعتبار مشاركة الأردن موافقة على ما يسمى بـصفقة القرن خصوصاً أن أجندة وأعمال المؤتمر لم تعلن حتى الآن".

عضو المجلس الثوري في حركة فتح محمد الحوراني قال لـ "المملكة" إن المشاركة الأردنية في الورشة أمر سيادي يتعلق بالأردن"، مشيراً إلى أن "فلسطين تثق بموقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية".

وتابع: "الموقف الأردني يسجل له الاحترام ... رغم الضغوطات السياسية والاقتصادية بقي واقفاً في إطار الشرعية الدولية والموقف العربي التقليدي".

وذكر الحوراني: "لدينا ثقة بالمواقف الأردنية المُجربة تحت الضغط، ونؤمن أن مصلحته عضوياً مرتبطة بفلسطين".

المصري يتفق مع ذلك، قائلا: "الدبلوماسية الأردنية تستدعي التعامل مع تلك الأمور بشكل دبلوماسي حمايةً للأردن، باعتبار وجوده في قلب العاصفة ... الأردن هو الأقرب للقضية الفلسطينية".

منظمة التحرير الفلسطينية، دعت الأحد، دولاً عربية أعلنت مشاركتها في ورشة البحرين الاقتصادية إلى "إعادة النظر في مواقفها"، وقال عضو اللجنة التنفيذية فيها، واصل أبو يوسف، الاثنين، إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس"سيطالب المشاركين في القمتين العربية والإسلامية بمقاطعة الورشة".

أما المصدر المطلع فقال: "قد لا تعاكس جميع أعمال وأجندات الورشة الموقف الأردني".

ففي حال تغيب الأردن، ستكون رؤية الدولة لما فيه مصلحة القضية الفلسطينية ومصالح الأردن" بحسب ما أكد المصدر.

وزير الخارجية، أيمن الصفدي، أكد عدة مرات عدم اطلاع الأردن على تفاصيل الخطة، فيما حذر جلالة الملك عبد الله الثاني في أيلول/سبتمبر من الانتقال من حل الدولتين إلى حل الدولة الواحدة، واصفاً إياه بـ "الأمر الكارثي".

الأردن، الوصي على مقدسات القدس، يرتبط بمعاهدة سلام مع إسرائيل منذ 1994.

الملك قال في آذار/مارس، لا أحد يستطيع الضغط على الأردن في موضوع القدس، مضيفاً "كل الأردنيين في موضوع القدس يقفون معي صفاً واحداً، وفي النهاية العرب والمسلمون سيقفون معنا".

وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، قال في 12 أبريل 2019 إن الأردن لا يعلم طروحات الولايات المتحدة فيما يسمى بـ "صفقة القرن"، لكن موقفه ثابت في تلبية حقوق الشعب الفلسطيني.

مسؤول أميركي، قال إن خطة إدارة الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، التي طال انتظارها، ستشمل خطة اقتصادية قوية لحل الصراع بين الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي.

حسام العسال أسهم في هذا التقرير

المملكة