تقدّمت الأمم المتحدة خلال المحادثات اليمنية الجارية في السويد باقتراح لوقف الحرب في مدينة الحديدة، ينص على انسحاب الحوثيين من المدينة الساحلية في مقابل وقف القوات الحكومية هجومها، ثم تشكيل لجنة أمنية وعسكرية مشتركة.

ويشمل الاقتراح أيضا مدينة تعز المحاصرة في جنوب غرب اليمن.

وبحسب نص مبادرة اطّلعت عليها وكالة فرانس برس وأكّدها مصدران في وفد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، فإنّ الأمم المتحدة تعرض نشر مراقبين في ميناء الحديدة وموانئ أخرى في المحافظة التي تحمل الاسم ذاته للمساعدة على تطبيق الاتفاق.

وقال عضو وفد الحكومة المعترف بها دوليا هادي هيج لفرانس برس تعليقا على المبادرة "الورقة قيد الدراسة، والجواب سيصدر قريبا".

بدوره، أشار عضو وفد المتمردين سليم مغلس إلى أن "النقاشات في هذا الملف لا تزال كبيرة"، مكرّرا موقف الحوثيين القائل بأن الانسحاب من مدينة الحديدة يجب أن يكون جزءاً من اتفاق سلام شامل.

وقال موفد الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث الاثنين إن المحادثات هي الأولى "من جولات عدة".

كما قال في مؤتمر صحافي "لدي أمل كبير بأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق حول نزع فتيل التصعيد للحد من المعارك في هذين الموقعين. آمل بأن يتم ذلك".

ولفت غريفيث إلى أن الجانبين يظهران "حسن نية" في مباحثاتهما، مؤكداً أنه شهد العديد من "الأحاديث غير الرسمية" بين المفاوضين.

حتى أن سليم مغلس صافح أحد أعضاء الوفد الحكومي أحمد غالب الاثنين أمام الصحافيين اليمنيين.

ويمثّل مصير مدينة الحديدة في غرب اليمن أحد البنود الأكثر تعقيدا في محادثات السلام التي بدأت الخميس في ريمبو في السويد بوساطة من مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث، وهي الأولى بين الحكومة اليمنية والمتمرّدين منذ 2016.

سيطر المتمرّدون الحوثيون على مدينة الحديدة، التي يعتبر ميناؤها شريانا حيويا تمر عبره غالبية الإمدادات الغذائية إلى اليمن، حين بسطوا سلطتهم على مساحات شاسعة من اليمن في 2014، مما استدعى تدخلا سعوديا على رأس تحالف عربي في 2015 دعما للحكومة المعترف بها دوليا.

ويتحكّم التحالف بحركة دخول الموانئ اليمنية والخروج منها، بما في ذلك المساعدات الإنسانية. وينتشر المقاتلون الحوثيون في الأحياء السكنية للمدينة التي يبلغ عددها سكانها نحو 600 ألف شخص، لمقاتلة القوات الحكومية ومنع تقدمها.

وتطالب الحكومة اليمنية، التي تشن هجومها باتجاه الميناء منذ أشهر، بانسحاب الحوثيين بشكل كامل من مدينة الحديدة لوقف حملتها العسكرية، وهو ما يرفضه المتمرّدون.

لجنة مشتركة للحديدة 

تهدّد المعارك في الحديدة حركة الميناء في بلد قتل فيه نحو عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين منذ بدء عمليات التحالف في 2015، في وقت يواجه نحو 14 مليونا من سكانه خطر المجاعة.

ونبهت منظمة "ميرسي كوربس" غير الحكومية الموجودة في اليمن الاثنين إلى أن "انهيار الاقتصاد اليمني وعدم استقرار العملة جعلا حياة ملايين اليمنيين في خطر".

وفي الرياض، اتّهم المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي المتمردين في مؤتمر صحافي بـ "تعزيز دفاعاتهم" في مدينة الحديدة مؤخرا، مشيرا إلى أن التحالف يعمل على فتح "ممرات إنسانية" من المدينة إلى صنعاء.

وجدّد دعم التحالف لمحادثات السلام، مشيرا في الوقت ذاته إلى استمرار العمليات العسكرية في أكثر من منطقة في اليمن.

وتنص مبادرة الأمم المتحدة التي اطّلعت عليها فرانس برس على "وقف شامل للعمليات العسكرية في مدينة ومحافظة الحديدة على أن يشمل ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة والضربات الجوية"، وأن تلتزم الأطراف "بعدم استقدام تعزيزات عسكرية" إلى المحافظة.

وتدعو إلى "انسحاب متزامن لكافة الوحدات والميليشيات والمجموعات المسلحة لخارج مدينة الحديدة" ومن مينائها، في إشارة خصوصا إلى المتمردين.

وبعيد وقف العمليات العسكرية، وانسحاب المتمردين، يتم تشكيل "لجنة أمنية وعسكرية مشتركة ومتفق عليها للحديدة من الطرفين بمشاركة الأمم المتحدة للإشراف على تنفيذ الترتيبات الأمنية" الخاصة بالمدينة.

وتطالب المبادرة بأن تتولى الأمن في المدينة "قوات أمن محلية"، بإشراف من اللجنة المشتركة، وأن تلتزم الأطراف بإنهاء المظاهر المسلحة وبتسليم خرائط الألغام للمدينة.

وقف الحرب في تعز

بالنسبة إلى ميناء الحديدة، فإن المبادرة تنص على أن يخضع إداريا للمسؤولين المعينين قبل سيطرة المتمردين على المدينة، في حين تقوم الأمم المتحدة بدور "قيادي" في الإشراف على عمليات التشغيل والتفيش في الميناء والموانئ الأخرى في المحافظة.

وستقوم الأمم المتحدة بنشر "عدد من مراقبي آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش" في الموانئ، وفق تفويض من قبل مجلس الأمن الدولي.

أما إيرادات الموانئ، فتقترح الأمم المتحدة تحويلها إلى فرع للمصرف المركزي اليمني في الحديدة لدفع رواتب الموظفين.

وإلى جانب الحديدة، يناقش الطرفان مسوّدة اتفاق بشأن مدينة تعز في جنوب غرب اليمن، اقترحته عليهما الأمم المتحدة.

وتخضع مدينة تعز لسيطرة قوات موالية للحكومة، لكنها محاصرة منذ سنوات من قبل المتمردين. ويخوض الطرفان مواجهات عند أطراف المدينة، ويتبادلان القصف؛ مما يؤدي غالبا إلى مقتل مدنيين.

وينص الاتفاق على وقف إطلاق النار، وتشكيل "مجموعة عمل" من الأطراف المتنازعة بمشاركة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار، وإعادة فتح الطرق والمعابر، ثم المطار أمام العمليات الإنسانية. 

ومن المقرر أن يواصل وفدا الحكومة والمتمردين الحوثيين محادثاتهما في ريمبو في السويد حتى نهاية الأسبوع الحالي.

وكان المتمردون أعلنوا الأحد أنهم مستعدون للمشاركة في جولة محادثات جديدة مع الحكومة المعترف بها دوليا، في حال إحراز تقدم في المشاورات الحالية التي تستضيفها السويد.

والسبت أعلنت الحكومة اليمنية أنّها عرضت على المتمرّدين الحوثيين إعادة فتح مطار صنعاء الخاضع لسيطرتهم ولكن بشرط تحويله إلى مطار داخلي على أن يكون في البلاد مطار دولي وحيد في عدن الخاضعة لسيطرتها.

تضرّر مطار صنعاء جرّاء القصف، وهو مغلق منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويطالب الحوثيون بالسماح بإعادة فتحه أمام الرحلات الخارجية.

أ ف ب