"ثقافة العيب"، غياب استقرار وظيفي، وانخفاض رواتب بعض المهن يسهم في إضعاف جهود الحد من البطالة بين الشباب الأردني، وفقا لمختصين.

متعطلون عن العمل من عدة محافظات بدأوا مطلع الأسبوع مسيرة إلى العاصمة عمّان للقاء مسؤولين في الديوان الملكي الهاشمي، أملا في الحصول على وظائف.

"عملت في مشاريع تتعلق بصيانة الكهرباء والطاقة الشمسية، بما في ذلك مشروع في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في المفرق، لكن المسؤولين عن هذه المشاريع يفضلون العمالة الوافدة على العمالة الأردنية"، يقول إيهاب (35 عاما) لـ "المملكة" بعد أن جاء مشيا على الأقدام من محافظة الزرقاء إلى الديوان الملكي.

"خطيبتي متعطلة هي الأخرى عن العمل منذ 8 أشهر. ورغم أنها تحمل شهادة بكالوريوس في هندسة الكهرباء، إلا أنها لم تعمل في اختصاصها، ولم تعد تجد عملاً ... لا أملك منزلاً، وأحس أن شبابي يضيع دون تمكني من تحقيق شيء مفيد".

وبلغ معدل بطالة الأردنيين 18.6% في الربع الثالث من عام 2018، وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة.

رئيس الوزراء عمر الرزاز، قال الأربعاء، خلال لقائه مع مجموعة شباب في دار رئاسة الوزراء، إن الحكومة "تعرف أن الحد الأدنى للأجور لا يكاد يكفي مصروف أي شاب، وأن التوظيف في القطاع العام أصبح "محدوداً جداً".

وقرر مجلس الوزراء في 2017 رفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 220 ديناراً بدلاً من 190 ديناراً.

"أسباب البطالة"

يعزو رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض، أسباب البطالة إلى تراجع نمو الاقتصاد الأردني؛ مما أدى إلى تراجع القدرة على توفير فرص عمل جديدة.

وتظهر قراءات مركز الفينيق، المختص بالدراسات الاقتصادية والمعلوماتية للإحصائيات الرسمية، أن "الأردن كان قادراً على توفير 70 ألف فرصة عمل سنوية جديدة، مقابل 80 إلى 90 ألف فرصة عمل ناتجة عن مخرجات النظام التعليمي يحتاج سوق العمل إلى توفيرها، أما حالياً فإن فرص العمل السنوية الموفرة تقل عن 50 ألفاً، بينما تتجاوز مخرجات النظام التعليمي 100 ألف سنوياً"، يوضح عوض. 

"في كل دول العالم، هناك وظائف لا يرغب أبناء الدولة بالعمل فيها"، يضيف عوض.

وأوضح الناطق باسم وزارة العمل محمد الخطيب أن "لكل قطاع نسبة مسموحة لتشغيل العمالة الوافدة تحدد بموجب اتفاقيات مع الوزارة".

لكن المتخصصة الاجتماعية ميساء الرواشدة، ترى أن "ثقافة العيب، وعزوف شباب عن العمل في مجالات خدماتية، يعد أحد أسباب البطالة؛ إذ يخجل البعض أحياناً من العمل في مهن مثل الخدمة في مطعم، أو كعامل نظافة".

"زيادة الرواتب في الوظائف الخدماتية قد تساهم في إقبال الشباب الأردني للعمل بها؛ إذ إن انخفاض الرواتب في بعض المهن يساهم في عزوف شباب عنها"، توضح الرواشدة.

وقال عوض، إن "سياسات التعليم توجهت للتوسع في التعليم الجامعي؛ الأمر الذي يتعارض مع فرص العمل التي يولّدها الاقتصاد الأردني في مجال القطاعات التقنية والمهنية".

"العديد من الشباب الأردني يعمل في كافة القطاعات، مثل الصناعة والزراعة والسياحة، ليس هناك عزوف كلي عن العمل"، يقول الخطيب.

وأضاف "سبب العزوف قد يكون ناجماً عن حالة اجتماعية، أو حالة سلوكية للشخص".

العمل في القطاع العام

ويعود عزوف الشباب عن العمل في منشآت وشركات صغيرة وخاصة بسبب "رواتب منخفضة في عدد منها، والتي تقل أحياناً عن الحد الأدنى للأجور"، يفيد عوض.

كما أن "نحو 95% من القوى العاملة في الأردن ليس لديها نقابات عمالية تحفظ حقوقها"، بحسب عوض.

وأضاف أن "عدداً من منشآت خاصة لا تشمل العاملين فيها باشتراك الضمان الاجتماعي، أو استقرار وظيفي، ولا تعمل على تطوير قدرات الموظفين، في حين لا تزال وزارة العمل غير قادرة على إنفاذ قانون العمل بسبب ضعف قدراتها التفتيشية".

"الرغبة بالعمل في القطاع العام تعود لممارسات الحكومة عبر عقود مضت، إذ ترسخ لدى العديد بأن الوظيفة الحكومية توفر الاستقرار للعاملين"، بحسب رئيس المرصد العمالي.

الخطيب، قال إن "وزارة العمل مسؤولة عن تنظيم سوق العمل وإنفاذ قانون العمل، ولديها 192 مفتشاً موزعين على محافظات الأردن".

ويعمل مفتشو الوزارة على "تفتيش بيئة العمل، والسلامة والصحة المهنية، وأجور الموظفين، وساعات العمل، والنسب الخاصة بتشغيل العمالة غير الأردنية"، يشير الخطيب.

وأضاف " في حال ورود شكوى عن إحدى المنشآت، يتوجه فريق تفتيش من الوزارة إلى المنشأة، وفي حال ثبوت شكوى يوجه إنذار لصاحب المنشأة وإذا لم يلتزم تحال المخالفة إلى المحكمة".

فرص عمل في محافظات

يلفت عوض إلى أن "النموذج الاقتصادي في الأردن يتركز في عمّان، إذ يتجه القطاع الخاص للاستثمار في العاصمة بالدرجة الأولى، ثم في إربد والزرقاء".

"الكثافة السكانية في عمّان عالية؛ مما يدفع مستثمرين لاختيارها من أجل إنشاء مشاريعهم، كما أن إنشاء مشاريع في العاصمة دفع أبناء محافظات للهجرة إليها"، يوضح عوض.

الرواشدة ترى أن "مشاكل نقل عام، وطرق، مثل الطريق الصحراوي تسهم كذلك في عدم الاستثمار بمحافظات الجنوب الأردني، وتصعب من توجه شباب للعمل في العقبة والبتراء ووادي رم، على سبيل المثال إضافة إلى ارتفاع أجور نقل مقارنة بالراتب الشهري المنخفض".

وزارة العمل أعلنت الخميس توفير 3300 فرصة عمل في مختلف المحافظات، "منها 217 فرصة في العقبة و624 في إربد و122 في معان و100 في الكرك و254 في عجلون، و205 في الطفيلة، و42 في البلقاء و92 في المفرق و660 في الزرقاء و636 في عمّان و280 في جرش و62 في مأدبا".

المملكة