أطلقت جمعية البنوك مبادرة نوعية رائدة بعنوان "الحوارات المصرفية الاستراتيجية (C-Suite Banking Dialogues)"، في إطار توجيهات مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن بضرورة تكثيف الجهود الرامية إلى زيادة تبادل المعرفة والخبرات، وتعزيز التفكير الاستراتيجي لدى القيادات التنفيذية العليا في القطاع المصرفي، وإمدادهم برؤى واضحة وشاملة حول أبرز التطورات العالمية والممارسات الفضلى في الصناعة المصرفية.
وتأتي المبادرة في مرحلة مفصلية يشهد فيها القطاع المصرفي العالمي تحولات متسارعة تتعلق بالتحول الرقمي، وتنامي متطلبات الحوكمة والشفافية، وارتفاع أهمية قضايا الاستدامة والمسؤولية المجتمعية، إضافة إلى تنامي المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيا والجرائم المالية والعقوبات الدولية. ومن هنا، فإن توفير منصة حوارية رفيعة المستوى تستهدف قيادات الصف الأول في البنوك يعد استثماراً استراتيجياً في بناء قدراتهم وتمكينهم من استباق التحديات وصياغة توجهات مستقبلية أكثر فاعلية.
وتهدف المبادرة إلى خلق بيئة حوارية مفتوحة تجمع بين القادة التنفيذيين وصناع القرار في البنوك، والخبراء الإقليميين والدوليين، بما يتيح تبادل الرؤى والأفكار بشكل معمّق حول القضايا المصرفية الاستراتيجية.
كما تهدف المبادرة إلى تعزيز التنسيق بين البنوك وتوحيد الرؤى والسياسات في مواجهة التحديات المشتركة، مما يعزز قوة ومتانة القطاع المصرفي الوطني. وإلى جانب ذلك، تسعى المبادرة إلى جسر الفجوة بين الخبرات المحلية والممارسات العالمية عبر استضافة خبراء دوليين مرموقين، بما يثري الحوار ويمنح القيادات المصرفية الأردنية فرصة الاطلاع المباشر على التجارب الناجحة وتطبيقاتها العملية.
وحول هذه المبادرة وأهميتها، قال المدير العام لجمعية البنوك ماهر المحروق: " إن الحوارات المصرفية الاستراتيجية لا تُعتبر مجرد لقاءات فكرية فحسب، بل هي أداة استشرافية لمستقبل وتوجهات ومستجدات الصناعة المصرفية في العالم، بما يساهم في تعزيز جاهزية القيادات التنفيذية في البنوك للتعامل مع التحولات والتطورات المصرفية العالمية، ويخدم استدامة القطاع المصرفي الأردني ويعزز دوره في دعم النمو الاقتصادي الوطني".
وأضاف المحروق أن هذه المبادرة ستفتح المجال واسعاً أمام عقد منتديات متخصصة في مختلف مجالات العمل المصرفي مثل المخاطر والامتثال والتحول الرقمي والاستدامة والتدقيق والعمليات وغيرها.
وضمن هذه المبادرة، عقدت الجمعية أول منتدى متخصص لمديري الامتثال في البنوك (CCOs Forum) بالتعاون مع سيتي بنك (Citi) تحت عنوان" تعزيز الامتثال لمكافحة غسل الأموال في القطاع المصرفي الأردني: الاتجاهات العالمية والمخاطر الناشئة والتحديات الإقليمية"، بمشاركة من مديري الامتثال ومكافحة غسل الأموال في البنوك، وممثلين عن البنك المركزي الأردني ووحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وانعقد المنتدى على مدار يوم كامل وتضمن جلستين رئيسيتين.
وخلال افتتاحه لفعاليات المنتدى، قال المحروق، إن منتدى مدراء الامتثال يأتي كباكورة المنتديات التي تعقدها الجمعية ضمن مبادرة "الحوارات المصرفية الاستراتيجية". وأضاف المحروق أن هذا المنتدى سيتبعه بالتأكيد منتديات متخصصة أخرى موجهة لمختلف الإدارات التنفيذية في البنوك مثل منتدى مدراء المخاطر والائتمان والعمليات وتكنولوجيا المعلومات والرقمنة والاستدامة والموارد البشرية والمالية.
وأشار المحروق أن عقد منتدى مدراء الامتثال يأتي في لحظة مهمة يشهد فيها القطاع المصرفي العالمي والإقليمي تحولات متسارعة وعميقة، تتطلب من البنوك التكيّف المستمر وتعزيز قدراتها في مختلف المجالات. مضيفاً أن: "النقاشات اليوم ستسهم في صياغة توصيات عملية تعزز الامتثال، وتقوي مرونة قطاعنا المصرفي، وترسّخ مكانة الأردن كمركز مالي إقليمي موثوق".
وأعرب المحروق عن عميق شكره لسيتي بنك، والمدير الإقليمي لسيتي بنك – الأردن الأردن نور جرار، على التعاون المتميز مع الجمعية في تنظيم المنتدى، كما شكر الخبراء والمتحدثين في المنتدى على إسهاماتهم القيّمة، وشكر جميع الحضور من البنوك الأعضاء، والبنك المركزي الأردني، ووحدة مكافحة غسل الأموال على حضورهم ومشاركتهم.
* رؤى عالمية حول المخاطر الناشئة في مكافحة غسل الأموال
وتناولت الجلسة الأولى من المنتدى الرؤى العالمية حول المخاطر الناشئة، وتحدث بها الخبير أنطوني فينويك، وهو الرئيس العالمي لإدارة مخاطر الامتثال لمكافحة غسل الأموال في سيتي. وغطت الجلسة موضوعات محورية أبرزها ظاهرة Nesting وأبعادها على العمليات المصرفية، العملات الرقمية (المشفرة، عملات البنوك المركزية CBDCs، والعملات المستقرة) وتأثيرها المحتمل على الامتثال، والعقوبات الدولية والتطورات في إنفاذها والمخاطر المستقبلية المرتبطة بها.
كما تناولت الجلسة مجموعة من المواضيع ذات العلاقة مثل أحدث اتجاهات الجرائم المالية والمخاطر الناشئة، وأولويات الامتثال لعام 2025، والممارسات في البنوك، ومخاطر الجرائم المالية لدى البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية وشركات تحويل الأموال، وبناء أطر قوية لمكافحة غسل الأموال باستخدام التقنيات الحديثة.
إضافة إلى ذلك، أبرزت الجلسة أهمية تبني الأطر العالمية في التعامل مع التحديات المستجدة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال استعراض تجارب البنوك الدولية وتوجهات الجهات الرقابية حيال العملات الرقمية، ظاهرة الـ Nesting، والتطورات في العقوبات الدولية. وشدد السيد أنطوني على ضرورة بناء استراتيجيات استباقية تستند إلى التكنولوجيا الحديثة والتحليل المتقدم للمخاطر، بما يعزز قدرة المؤسسات المالية على الامتثال بفعالية، ويضمن حماية الأنظمة المصرفية من الاستغلال غير المشروع
* الامتثال الإقليمي في الشرق الأوسط وأفريقيا
أما الجلسة الثانية من المنتدى فتناولت مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا، والامتثال القائم على المخاطر وتحديات ما بعد القائمة الرمادية. وتحدث في هذه الجلسة الخبير صديق خواجة، رئيس إدارة مكافحة غسل الأموال لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في سيتي. وتناولت هذه الجلسة عدة مواضيع عالية الأهمية ومنها؛ الإطار العالمي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT)، النهج القائم على المخاطر (Risk-Based Approach) وإجراءات العناية الواجبة بالعملاء (CDD)، والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة والعلامات الحمراء المرتبطة بها.
وشهدت أيضا؛ أبرز أنماط غسل الأموال وتمويل الإرهاب المنتشرة في المنطقة، والتحديات التي تواجه الدول بعد الخروج من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF)، وكيفية الحفاظ على الالتزام المستدام.
كما سلطت الجلسة الضوء على الخصوصية الإقليمية في قضايا الامتثال بالشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك الاعتماد الكبير على النقد وشبكات التحويل غير الرسمية (الحوالة)، إضافة إلى التحديات المرتبطة بالحدود المتداخلة والصراعات الجيوسياسية.
وجرى التأكيد على أن الاستدامة في ما بعد الخروج من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي تتطلب التزاماً سياسياً وإصلاحات تنظيمية متواصلة، مدعومة بالابتكار التكنولوجي مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة، لضمان الكشف المبكر عن الأنماط المشبوهة وتعزيز النزاهة المالية في المنطقة.
المملكة