قتل 50 شخصاً على الأقل في سوريا الاثنين، غالبيتهم في غارات روسية، استهدفت سوقاً ومحيطه شمالي غرب البلاد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلا أن موسكو نفت مسؤوليتها، في وقت تتعرض المنطقة لقصف مستمر منذ نحو 3 أشهر.

المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بشن طائرات روسية غارات عدة "استهدفت سوقاً لبيع الخضار بالجملة وأبنية في محيطه" في معرة النعمان.

وقال الطبيب رضوان شردوب، مدير مستشفى معرة النعمان حيث نقل عدد من الضحايا، "الإصابات يندى لها الجبين" متحدثاً عن "جثث محروقة ومتفحمة وأشلاء".

وتابع "إنه إجرام بلا حدود مع صمت دولي معيب".

إلا أن وزارة الدفاع الروسية وصفت في بيان نقلته وكالة "تاس" الحكومية اتهامها بـ"تصريحات كاذبة". وشددت على أنّ "القوات الجوية الروسية لم تنفذ أي مهمات" في تلك المنطقة.

وتسبّبت الغارات، وفق آخر حصيلة للمرصد، بمقتل 38 شخصاً على الأقل هم 36 مدنياً ضمنهم ثلاثة أطفال، و"اثنان مجهولا الهوية حتى الآن". كما أصيب أكثر من مئة آخرون بجروح، حالات بعضهم حرجة.

وأعلنت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) أن أحد متطوعيها في عداد القتلى.

وحصل القصف وفق ما أوضح رئيس المجلس المحلي في مدينة معرة النعمان بلال ذكرى عند "الساعة الثامنة صباحا، في وقت يخرج فيه الناس لقضاء حاجاتهم وإلى أعمالهم".

وفي مدينة سراقب في إدلب، قتل الاثنين، 12 مدنيا على الأقل بينهم سيدة وطفلة من جراء قصف جوي سوري، وفق المرصد.

وقتل 14 مدنيا من جراء صواريخ أطلقتها فصائل مقاتلة على مناطق تسيطر عليها الحكومة في حلب وريف حماة، بحسب وسائل إعلام سورية.

والاثنين، قتل 7 نتيجة قصف صاروخي على مدينة حلب الخاضعة لسيطرة الحكومة، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية، سانا.

وفي دمشق، أعلنت سانا مقتل مدني الاثنين، بانفجار عبوة ناسفة مزروعة في سيارة، في تفجير تبنّاه "تنظيم الدولة" الإرهابي المعروف بـ "داعش" هو الأول له منذ طرده من العاصمة السورية في عام 2018.

ظروف "مأساوية"

وجاءت حصيلة القتلى الاثنين، غداة مقتل 18 مدنياً بينهم أنس الدياب (22 عاماً) وهو متطوع في منظمة الخوذ البيضاء ومصور فوتوغرافي ومصور فيديو تعاون مع وكالة فرانس برس.

وتشهد محافظة إدلب ومناطق محاذية لها، حيث يعيش نحو 3 ملايين نسمة، تصعيداً في القصف السوري والروسي منذ نهاية نيسان/أبريل، يترافق مع معارك عنيفة تتركز في ريف حماة الشمالي.

وتمسك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بزمام الأمور إدارياً وعسكرياً في إدلب ومحيطها، حيث تتواجد أيضاً فصائل مقاتلة أقل نفوذاً.

وترد الفصائل المقاتلة باستهداف مناطق تحت سيطرة قوات حكومية. وأفادت وكالة، سانا، الاثنين، عن مقتل "سبعة مدنيين بينهم طفلتان باعتداء إرهابي بقذيفة صاروخية" على قرية ناعور جورين في ريف حماة الشمالي.

ومنذ نهاية نيسان/أبريل، قتل أكثر من 680 مدنيا جراء القصف السوري والروسي، فيما قتل 59 مدنياً في قصف للفصائل على مناطق سيطرة قوات الحكومة القريبة، وفق المرصد.

ودفع التصعيد أكثر من 330 ألف شخص إلى النزوح من مناطقهم، وفق الأمم المتحدة.

وأبلغ الفاتيكان الاثنين، دمشق قلقه إزاء وضع المدنيين في إدلب. وأعلن  في بيان مقتضب أن وزير الشؤون الاجتماعية الكاردينال بيتر تركسون التقى برفقة السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري الرئيس بشار الأسد.

وسلماه رسالة من البابا فرنسيس أعرب فيها عن "قلقه العميق إزاء الوضع الإنساني في سوريا، وبشكل خاص الظروف المأساوية للمدنيين في إدلب".

ويأتي التصعيد الأخير رغم كون المنطقة مشمولة باتفاق روسي- تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين قوات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه.

وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ شباط/فبراير قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً.

سياسة "الضغط"

وحثّت الأمم المتحدة الاثنين أطراف النزاع كافة على "إعادة الالتزام بوقف إطلاق النار". وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الإقليمي التابع للأمم المتحدة دايفيد سوانسون إنّ المنطقة "باتت سريعاً واحدة من أخطر الأماكن في العالم حالياً بالنسبة إلى المدنيين والعاملين الإنسانيين".

ويتزامن القصف الكثيف مع "معارك كر وفر واستنزاف" بين قوات الحكومة وفصائل في ريف حماة الشمالي، دون أن تتمكن دمشق من تحقيق أي تقدم استراتيجي وفق المرصد.

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

المملكة + أ ف ب