ندد قطب صناعة السيارات السابق كارلوس غصن الأربعاء، في أول إطلالة علنية من بيروت منذ فراره من طوكيو، بما وصفه بعملية "تواطؤ" ضده بين شركة "نيسان" والادعاء العام الياباني، مؤكداً أنه سينصرف في الفترة المقبلة إلى "تبرئة" ساحته من الاتهامات التي وُجّهت إليه.
وقال رجل الأعمال اللبناني البرازيلي الفرنسي خلال مؤتمر صحافي استغرق ساعتين ونصف الساعة بحضور 150 صحافياً محلياً وأجنبياً، إنه "لم يكن أمامه من خيار" إلا الهروب من اليابان الذي كان " يعتبره مذنباً" قبل ثبوت الذنب عليه.
وتحدث غصن بثقة عارمة وردّ على الأسئلة باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والبرتغالية.
واعتبر أن الاتهامات التي وجهت إليه "لا أساس لها". ورفض الحديث عن تفاصيل رحلة هروبه المثيرة للجدل والتي تعددت الروايات بشأنها، موضحاً "لست هنا لأتحدث عن كيفية خروجي من اليابان، إنما لأقول لماذا خرجت".
وفور انتهاء المؤتمر الصحافي، ندد الادعاء العام في طوكيو بتصريحات غصن، متهمًا إياه بانتقاد المنظومة القضائية اليابانية بشكل "منحاز" و"غير مقبول".
وقال الادعاء العام في بيان إن اتهامه بـ"التواطؤ" مع مجموعة نيسان "ادّعاء كاذب بشكل قاطع ومنافٍ للحقيقة".
وقال غصن (65 عاماً) في مؤتمره الصحفي إن توقيفه في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 لدى وصوله إلى مطار طوكيو، "كان توقيفاً استعراضياً".
وأضاف "لم أعلم أن نيسان كانت خلف ذلك. كان الأمر مخططاً له بشكل مسبق بين المدعين العامين والشركة".
وتابع "التواطؤ بين نيسان والمدعين العامين (موجود) في كل مكان، وربما الوحيدون الذين لا يرون ذلك هم الناس في اليابان".
وقال "كنت رهينة" في اليابان، مؤكداً "براءته" من التهم الأربع التي وجهت إليه وتتعلق بارتكاب مخالفات مالية وتهرب ضريبي. وعرض أمام الصحافيين على شاشة خلفه مستندات ووثائق تثبت ذلك، على حد قوله.
وأعلن غصن الذي كان يتحدث طيلة الوقت وهو واقف وحامل الميكروفون أنه يريد أن "يبرئ اسمه".
ووجّه القضاء الياباني إلى غصن أربع تهم تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي. ويبلغ إجمالي المبلغ الذي لم يصرح به أكثر من تسعة مليارات ين (85 مليون دولار) على امتداد ثماني سنوات.
ومنذ توقيفه في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، يشكو غصن ومحاموه وأفراد عائلته من قسوة النظام القضائي الياباني واعتماده على افتراض الذنب قبل إثبات البراءة، وليس العكس.
ويشكو من ظروف إطلاق سراحه القاسية بكفالة في نيسان/أبريل 2019، كمنعه من التحدث إلى زوجته لثمانية أشهر بعد توقيفه لمدة 130 يوماً ووضعه قيد الإقامة الجبرية.
التزام "الصمت"
ولم يذكر غصن أسماء من يعتبر بين المسؤولين اليابانيين أنهم متورطون في توقيفه، وقال "أفرض على نفسي الصمت في هذا الشق، لأنني لا أريد أن أقول أي شيء يمكن أن يضر بمصالح الشعب اللبناني أو الحكومة اللبنانية".
وقال إنه "مستعد للبقاء لفترة طويلة" في لبنان الذي وصله في 30 كانون الأول/ديسمبر، لافتاً إلى أن لبنان هو "البلد الوحيد الذي وقف الى جانبه" في أزمته.
وكان غصن قال في أول بيان له إثر وصوله الى بيروت "لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي".
وهو ما كرره خلال مؤتمره الصحافي، مبدياً استعداده للمحاكمة "في أي مكان شرط أن تكون عادلة".
ولم يتسن لفرانس برس التحقق من مكان إقامة غصن في لبنان، إلا أن عشرات الصحافيين وبينهم يابانيون، انتظروه اليوم، كما كل يوم منذ وصوله الى لبنان، أمام فيلا في محلة الأشرفية في شرق بيروت اعتاد الإقامة فيها خلال زياراته السابقة إلى البلاد.
وقبل نصف ساعة من موعد المؤتمر الصحافي، شاهد مراسل فرانس برس أربع سيارات، ثلاث منها رباعية الدفع، تخرج من المنزل. وزجاج السيارات الأربع داكن، ويصعب بالتالي تبين من بداخلها.
وأكد غصن قبل أيام أنه تدبّر بمفرده أمر خروجه من اليابان، من دون أي مساعدة من أفراد عائلته، بعد تقارير إعلامية أفادت عن دور لعبته زوجته كارول في تنظيم فراره.
وحضرت كارول غصن المؤتمر الصحافي، وجلست في الصف الأمامي لجهة الصحافيين.
وأصدر القضاء الياباني الثلاثاء مذكرة توقيف بحق كارول غصن بشبهة الإدلاء بشهادة زائفة خلال التحقيق معها.
"تحريف فادح"
ومنذ توقيفه، يقول غصن إنه ضحية "مؤامرة". وقال اليوم إن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي غير متورط فيها.
في باريس، ندّد فريقه القانوني ليلاً بمضمون بيان لشركة نيسان نشر الثلاثاء وتحدث عن "تحقيق داخلي شامل" انتهى بأن هناك "العديد من الأفعال المنسوبة لغصن والمنطوية على سوء سلوك"، وتحدث عن "أدلّة دامغة على ارتكابه مخالفات مختلفة".
ووصف فريق غصن "ادعاءات" الشركة بأنها "تحريف فادح للحقيقة".
ووفق روايات الإعلام الياباني، يُشتبه بأن غصن بعد خروجه من منزله في طوكيو، استقل القطار إلى أوساكا في غرب اليابان قبل أن يسافر في طائرة خاصة من مطار كانساي الدولي برفقة شخصين. وتمكّن من تجنّب التفتيش في المطار من خلال اختبائه في صندوق مماثل للصناديق المستخدمة في نقل المعدات الصوتية الخاصة بالحفلات الموسيقية.
وتعتبر السلطات اللبنانية أن غصن دخل لبنان بصورة "شرعية"، مشيرة الى أنه استخدم جواز سفر فرنسيا وبطاقة هويته اللبنانية.
أ ف ب