قوات الجيش السوري، استطاعت السيطرة على أغلب مناطق سوريا، خصوصاً الطريق الواصل بين الحدود الأردنية إلى العاصمة دمشق، ولكن آثار الحرب لا تزال واضحة لسالكي الطريق من معبر جابر ــ نصيب باتجاه دمشق مرورا بدرعا.

في الـ 7:00 صباحاً تزاحمت سيارات خاصة وأخرى للسفريات في معبر جابر الحدودي، حيث استقلها مواطنون في طريقهم لدمشق، بدا على بعضهم الخوف من عدم التمكن من الدخول.

وبعد تنظيم المركبات من رجال الشرطة الأردنية على الحدود، تأتي مرحلة تدقيق الجوازات ومن ثم تجهيز أوراق المركبة وختم الجوازات، حيث انتهت هذه الإجراءات بسهولة، مع نصائح من رجال الأمن الأردني للمسافرين باحترام البلد المضيف.

في معبر نصيب، وجدت مبان مهدمة وأخرى مهجورة، إحدى الغرف وجد فيها رجال شرطة سورية لعمل الإجراءات، كما شهد الجانب السوري من الحدود ازدحام مركبات مواطنين، و طابورين، أحدهما لختم الجوازات والآخر لختم دخول المركبات.

وتزاحمت المركبات في الجانب السوري من المعبر، واصطف أشخاص على النوافذ لختم الجوازات والمركبات للعبور باتجاه دمشق، بعض المسافرين بدا عليهم التعب، ويقول أحدهم "يبدو أن وجودنا داخل المعبر سيطول، أنا هنا منذ الصباح، والآن الساعة الـ 5 والنصف مساءً".

ويضيف عمر، 31 عاماً وهو من سكان عمّان، " لم نعد قادرين على القيادة والحديث، التعب جراء الانتظار على الحدود استهلك طاقتنا، زاد من ذلك مشاهدة المناظر المؤلمة للمنازل والمحال التجارية المهدمة وآثار القصف الواضحة". 

وتساءل أحمد، 30عاماً الذي يمتلك شركة نقل في عمّان، "أين سكان هذه البيوت؟ هل هم في مخيم الزعتري أم في دول أخرى؟ من سيساعدهم في إعادة إعمار منازلهم؟"، وأكملوا الحديث بالدعاء لسكان المنطقة بالعودة والسلامة.

منازل مدمرة في درعا وطرقها الداخلية، كانت تتزين في وقت سابق، وفقاً لأحمد الذي زارها أكثر من مرة بحسب قوله، وتنتشر فيها المحال التجارية، التي شاهدها الزوار قبل الأزمة.

على الطريق المؤدية لدمشق تنتشر 7 نقاط أمنية لقوات الجيش السوري، التي سيطرت على أغلب المناطق قبل الوصول لريف دمشق وتأمين الطريق، حيث تمكن محمد، 27 عاماً ويقطن شرقي عمّان، من التقاط بعض الصور للمدن على جانبي الطريق. 

وكانت فصائل المعارضة السورية قد سلمت الطريق الواصل بين محافظة درعا إلى دمشق، وفقاً لاتفاق في 6 يوليو 2018، أشرفت عليه روسيا، وتسليم معبر نصيب الحدودي مع الأردن إلى الحكومة السورية. 

وقال محمد، الذي يعمل في التصوير، وزار سوريا قبل 2011، "كانت هذه المدن مزدحمة بالباعة على جانبي الطريق، وتمتلئ بالحياة، الآن كل شيء مهدم وبلا روح".

جنود الجيش السوري انتشروا على الطريق، حاملين أسلحتهم الروسية من نوع "كلاشينكوف"، تقوم بتوقيف المركبات للتدقيق الأمني، والتأكد من مستقليها قبل وصولهم لدمشق، وبدا من حديثهم، المرحب بالقادمين من المسافرين، ارتياحهم لعودة الحركة.

في إحدى نقاط التفتيش قال عسكري، "أهلا وسهلا بكم، ولمتى موجودين في سورية؟".

الإجراءات التي يعمل عليها الجيش السوري أثناء المرور، تتمثل في تدقيق الجوازات للعائدين والزوار، والتأكد من بطاقة الهوية للمواطن السوري، وسؤال "وين اتجاهك؟"، لكن عدداً من عابري الطريق اعتبر أن عدد النقاط الأمنية "مبالغ فيه".

في العاصمة دمشق، تحديداً في ساحة المرجه، لم يتغير البناء والدوار الرئيسي، بحسب الزائرين، "حتى رائحة المنطقة التي تميل إلى الكريهة" بحسب أحد المسافرين، إلا أن المنطقة شهدت وجود عمال يقومون بتنظيف المكان وسكب الماء على الطريق لإزالة الرائحة.

حركة مرورية طبيعية، ومواطنون يجلسون في المقاهي جلهم من كبار السن، وأصوات موسيقى وأغانٍ وطنية سورية تنتشر في أغلب الأماكن، وجلوس آخرين على النوافذ في الفنادق المحيطة للدوار، إلا أن الإرهاق لوحظ على معالم بعض المواطنين.

بعض المواطنين ، حاولوا  إظهار قوة في الحديث أمام الزوار، وتقديم أفضل ما لديهم لعكس صورة جميلة للأوضاع في سوريا. 

في إحدى محال الأجهزة الخلوية، رحب البائع بالزوار متسائلاً ، "من وين جايين؟، أردنيين؟، أهلا وسهلا"، ثم بدء في إجراءات شراء شريحة إنترنت، بتصوير جواز السفر وأخذ بصمة اليد. 

بعض الزوار من الأردنيين ما إن بدأت خطوط الإنترنت بالعمل، حتى وصلتهم رسائل من أصدقائهم، نصها "وينكم؟" شو بتعمل هناك؟ مجنون؟"، ليستقبلها الزوار بالابتسام والتندر.

أبو راشد، مسؤول في إحدى فنادق دمشق، أجاب زواراً أردنيين طلبوا حجز غرفتين لـ4 أشخاص، إن الفندق "يمكث بداخله أردنييون وهذا أمر مريح لنا، لأنكم محافظون على الأماكن ولا تقدموا على التخريب".

وشرح أبو راشد لأردنيين استفسروا حول محال صرافة نقود أو بنوك بالقول، "بنوك ما في لأنها موقوفه من الحكومة السورية للحفاظ على بلدنا، الحل شوفوا واحد يحول عملة، أهم من البنوك في الوقت الحالي". 

وتراوح سعر صرف العملة السوريه بين 720 إلى 650 ليره سورية مقابل الدينار الأردني، إذ إن انخفاضها الحاد مقارنة بفترة ما قبل الأحداث، (كان الدينار الأردني يساوي نحو 70 - 120 ليرة سورية)، جعل الأردنيين يتوافدون بكثافة لسوريا وقضاء الإجازة داخلها. 

بعضهم  فضل صرف العملة داخل الأردن، "لوجود فرق 100 ليره تقريباً عن سعر الصرف داخل سوريا"، بحسب أحد محلات الصرافة السورية. 

وبدأ أبو راشد بشرح ظروف توقف عملهم طيلة فترة الأزمة السورية، وعدم دخول أحد وشح الأموال، وانتظار أكبر عدد ممكن من الزوار لـ "توفير المستلزمات للجميع، وترميم بعض الخراب الداخلي والتالف". 

في المساء، دعا أحد المواطنين السوريين الزوار الأردنيين للتمتع بالأجواء الخلابة، والتاريخ العريق لسوريا، "الذي يدفع للعودة أكثر من مرة".

في إحدى المطاعم في وسط دمشق، تقدم مسؤول المطعم، الذي رحب بالزوار بقوله "أهلا بالنشامى وأهل الأردن"، حيث شهد المطعم زواراً أردنيين يتناولون الطعام ويلتقطون الصور، ويتبادلون الحديث حول الأسعار، والنقاش حول الوجهة المقبلة في الزيارة.

علق مسؤول المطعم بالقول، "السوريون يحبون الأردنيين، وفتح المعبر بين البلدين سيحرك الأوضاع وينعش البلد، بعد حالة اليأس التي مر بها الجميع". 

وقال أحد الزوار، "الطعام ممتاز والأسعار رخيصة ومناسبة، لم يتغير شيء على جودة الطعام والخدمة الممتازة، كما كانت قبل الحرب". 

وحول أسعار المأكولات، قال عمر، "كلفة وجبة تكفي 4 أشخاص في مطعم، يعد من أفضل مطاعم دمشق، بلغت نحو 33 ديناراً، أما التنقل بالحافلات فاتسمت بالسهولة والأجرة المنخفضة التي لا تتجاوز نصف دينار داخل دمشق".

عجوز في سوق الحميدية، التفت لزوار أردنيين وقال، "لا داعي للدفع أنتم زوارنا ونحن نكرم ضيفنا"، إلا أن بعض المشترين أصروا على الدفع مقابل "عرائس اللحمة"، أو كما تسمى في سوريا "صفيحة". 

على جانب أحد الأرصفة وسط دمشق، ركن أحد الأطفال عربة تحمل "كعكاً محلى"، وبدت على وجهه علامات التعب والانزعاج من الشمس، فيما وقف رجل مبتور الساق ليبيع سبحات للمصلين بالقرب من الجامع الأموي.  

في شارع الحميدية، حيث كان بعض الأشخاص يطعمون الحمام، وجدت نقطة أمنية لتفتيش المواطن والزائرين، الذين توافدوا إلى السوق الذي يتميز بسقف مغلق، قبل الوصول للجامع الأموي.

في طريق العودة الساعة الواحدة ظهراً، كان معبر نصيب مزدحماً بالمركبات، إذ صادف ذلك التوقيت وصول حافلة ومركبتين لوفد رسمي، وبعد فترة وجيزة من شكوى بعض المواطنين من الازدحام، جاء الرد بفتح المعبر وإدخال الأردنيين جميعاً.

الزوار، الذين حاولوا تكوين صورة دقيقة عن سوريا، قالوا "إن الفترة حتى الوصول لأجواء صحية بجميع المناطق السوريه لن تقل عن عام كامل".

يقول أحدهم، "لا أنصح بزيارة سوريا مع العائلة والأطفال، الوجود العسكري الكثيف بين المباني والمحال التجارية والطرقات الرئيسية وحملهم للسلاح، قد يثير الخوف في العائلة، لكن الوضع مطمئن".

وتبلغ رسوم الدخول إلى سوريا للمركبة بين 40 - 55 دينارا بحسب مدة المكوث داخل سوريا، شاملة الدخول للفرد والمركبة وتأمين السيارة وضريبة الدخول، فيما تراوحت أسعار الفنادق للغرفة الواحد لشخصين من 30 إلى 70 ديناراً، حيث تختلف الأسعار بحسب تصنيف الفندق.

كرر عدد من المواطنين سؤالهم للعائدين إلى عمّان، "عادي نطلع على سوريا؟".    

 

محمد السكر ساهم في إعداد هذا التقرير.

المملكة