يشكل إعلان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عزمه فرض سيادة إسرائيلية على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت في الضفة الغربية المحتلة تهديدا لاتفاق أوسلو، بعد 26 عاما على توقيعه.

في 13 أيلول/سبتمبر 1993، شهد العالم على المصافحة التاريخية بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين في حديقة البيت الأبيض، التي توسطها في حينها الرئيس الأميركي بيل كلينتون.

وترى السلطة الفلسطينية ودول عربية وإسلامية في خطة نتنياهو تقويضا لجهود السلام، وخرقا وانتهاكا للقانون الدولي، فيما طالب الأردن، الذي وقع معاهدة سلام مع إسرائيل بعد اتفاق أوسلو بعام، مجلس الأمن بإدانة إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي.

إعلان نتنياهو يعني عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة. 

مفاوضات مباشرة

برعاية أميركية، جمع مؤتمر أوسلو للمرة الأولى الإسرائيليين، والفلسطينيين في وفد مشترك مع الأردن على طاولة واحدة، وذلك بعد رفض الحكومة الإسرائيلية مشاركة مباشرة من منظمة التحرير الفلسطينية.

وجرت سلسلة طويلة من المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف لأشهر في دول عديدة، دون تحقيق تقدم فعلي، إلى أن بدأت محادثات سرية مطلع 1993 في أوسلو.

أسفرت المفاوضات عن إعلان إسرائيل في 29 آب/أغسطس اتفاقاً بالخطوط العريضة لحكم ذاتي فلسطيني انتقالي، يبدأ بقطاع غزة وجزء من الضفة الغربية المحتلة حول أريحا.

واعترفت إسرائيل في 10 أيلول/سبتمبر بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني"، بينما وقع 13 أيلول/سبتمبر "إعلان مبادئ حول ترتيبات انتقالية لحكم ذاتي" لمدة 5 سنوات.

وجاء في مقدمة الإعلان ان إسرائيل وفريق منظمة التحرير الفلسطينية يتفقان على أن "الوقت قد حان لإنهاء عقود من المواجهة والنزاع، والاعتراف بحقوقهما المشروعة والسياسية المتبادلة والسعي للعيش في ظل تعايش سلمي وبكرامة وأمن متبادلين، ولتحقيق تسوية سلمية عادلة ودائمة وشاملة".

وقع إعلان المبادئ مهندسا المفاوضات السرية في أوسلو، شيمون بيريز، والمسؤول الكبير في منظمة التحرير الفلسطينية حينها والرئيس الفلسطيني الحالي، محمود عباس.

أبرز بنود الاتفاق 

هدف المفاوضات:

 تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية- المجلس المنتخب (المجلس التشريعي) للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة لمرحلة انتقالية لا تتعدى 5 سنوات وتؤدي إلى تسوية نهائية مبنية على أساس قراري مجلس الأمن رقم 242 و338.

الانتخابات:

- أن يمثل الفلسطينيون أنفسهم وفق المبادئ الديمقراطية، سيتم إجراء انتخابات سياسية عامة مباشرة وحرة لانتخاب المجلس في ظل إشراف متفق عليه تحت مراقبة دولية، في الوقت الذي ستحافظ فيه الشرطة الفلسطينية على النظام العام.

- ستشكل هذه الانتخابات خطوة أولية انتقالية هامة باتجاه الاعتراف بالحقوق الشرعية والمطالب العادلة للشعب الفلسطيني.

الولاية:

ستشمل ولاية المجلس منطقة الضفة الغربية وقطاع غزة باستثناء قضايا سيتم التفاوض عليها في مفاوضات الوضع النهائي، حيث ينظر الطرفان إلى الضفة الغربية وقطاع غزة كوحدة جغرافية واحدة، والتي سيحافظ على وحدتها خلال الفترة الانتقالية.

الفترة الانتقالية ومفاوضات الوضع النهائي:

- ستبدأ مرحلة الخمس سنوات الانتقالية حال الانسحاب من قطاع غزة ومنطقة أريحا.

- ستنطلق مفاوضات الوضع النهائي في اقرب وقت ممكن على أن لا يتعدى ذلك بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية بين حكومة إسرائيل وممثلي الشعب الفلسطيني.

- من المفهوم أن هذه المفاوضات ستغطي قضايا متبقية لتشمل القدس، اللاجئين، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود ، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين، وقضايا أخرى ذات أهمية مشتركة.

نقل الصلاحيات والمسؤوليات التمهيدية:

مع دخول إعلان المبادئ هذا حيز التنفيذ والانسحاب من قطاع غزة ومنطقة أريحا سيبدأ نقل السلطة من الحكومة العسكرية الإسرائيلية وإدارتها المدنية إلى الفلسطينيين المخولين بهذه المهمة كما هو موضح هنا، وستكون طبيعة هذا النقل أولية حتى إنشاء المجلس.

النظام العام والأمن:

من أجل ضمان النظام العام والأمن الداخلي لفلسطيني الضفة وقطاع غزة سيشكل المجلس قوة شرطة فلسطينية قوية، بينما تواصل إسرائيل تحمل مسؤولية الدفاع ضد المخاطر الخارجية وكذلك مسؤولية أمن الإسرائيليين العام بغرض حماية أمنهم والنظام العام.

القوانين والأوامر العسكرية:

- سيخول المجلس بالتشريع وفق الاتفاقية الانتقالية في كل الصلاحيات المنقولة إليه.

- سينظر الطرفان معاً في القوانين والأوامر العسكرية المتداولة حالياً في المجالات المتبقية.

إعادة انتشار القوات الإسرائيلية:

بعد دخول إعلان المبادئ هذا حيز التنفيذ ليس ابعد من عشية انتخابات المجلس سيتم إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

حكم ذاتي

أطلق عرفات ورابين في 4 أيار/مايو 1994 الفترة الانتقالية للحكم الذاتي، وفي تموز/يوليو من العام ذاته عاد زعيم منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية بعد 27 عاماً في المنفى، وأقام السلطة الفلسطينية.

في أيلول/سبتمبر 1995، وقع اتفاق انتقالي جديد، "أوسلو 2" في واشنطن حول توسيع الحكم الذاتي إلى الضفة الغربية المحتلة.

لكن في 4 تشرين ثاني/نوفمبر اغتال يهودي يميني متطرف رابين بهدف إفشال عملية أوسلو.

أما ياسر عرفات فقد تحول إلى عدو لدود لإسرائيل التي حملته بعد ذلك مسؤولية الانتفاضة الثانية التي اندلعت في أيلول/سبتمبر 2000.

استؤنفت آخر مفاوضات مباشرة برعاية أميركية بين الطرفين في تموز/يوليو 2013 بعد جمود دام 3 سنوات، لكنها انتهت بلا نتائج بعد 9 أشهر.

لكن إسرائيل نفذت الكثير من الإجراءات أحادية الجانب بما يتنافى وتفاهمات "أوسلو" ابتداء بإعادة احتلال المدن والمناطق المصنفة (أ) عام 2002، ضمن ما أسماه الاحتلال بـ"عملية السور الواقي"، أو القيام بضم الأراضي وتوسيع المستوطنات، أو الاستمرار في اقتحام المناطق الواقعة ضمن السيطرة الفلسطينية الكاملة وتنفيذ عمليات القتل والاعتقالات.

الاتفاقات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي

- خطاب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، واعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية. أيلول/ سبتمبر 1993.

اتفاقية أوسلو (إعلان المبادئ- حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية) في 13 أيلول/ سبتمبر 1993.

اتفاقية باريس الاقتصادية: 29 نيسان/ أبريل 1994، إطار عمل البروتوكول يحكم العلاقات الاقتصادية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وسيشمل الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة الانتقالية

أوسلو (2) القاهرة: 4 أيار/ مايو 1994، تشمل انسحابا مُجدوَلا لقوات عسكرية إسرائيلية، ونقل السلطة من الحكومة العسكرية الإسرائيلية وإدارتها المدنية إلى سلطة فلسطينية

اتفاقية طابا: 28 سبتمبر/أيلول 1995 بشأن إدارة الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة.

اتفاقية الخليل (بروتوكول إعادة الانتشار): 15 كانون الثاني/يناير 1997، بشأن الترتيبات الأمنية المتعلقة بإعادة الانتشار في الخليل.

اتفاقية واي ريفر (واي بلانتيشن): 23 تشرين أول/أكتوبر 1998، بشأن اجتماع لجنة رفيعة المستوى أميركية -إسرائيلية- فلسطينية كلما دعت الحاجة، لتقييم التهديدات القائمة، ومعالجة العقبات التي تعترض قيام تعاون وتنسيق فعال في مجال الأمن.

اتفاقية (شرم الشيخ) حول مفاوضات الوضع النهائي: 7 أيلول/سبتمبر 1999، من بنودها تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة قضايا متعلقة بالإفراج عن معتقلين فلسطينيين.

اتفاقية نسيبة أيالون (إعلان النوايا): 27 تموز/يوليو 2002، من بنودها أن يعلن الطرفان بأن فلسطين هي الدولة الوحيدة للشعب الفلسطيني، وأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة للشعب اليهودي.

مبادرة جنيف للسلام مسوّدة اتفاقية الحل النهائي: 1 كانون أول/ديسمبر 2003، تتكون من 17 مادة، أبرزها، المواد المتعلقة بالأراضي، القدس، اللاجئين، الحدود، المياه، والمعتقلين.

خطة فك الارتباط الإسرائيلية المعدلة التي أقرها مجلس الوزراء الإسرائيلي: 6 حزيران/يونيو 2004.

اتفاقية المعابر: 15 تشرين ثاني/نوفمبر 2005، حول الحركة والعبور لدعم التطور الاقتصادي السلمي وتحسين الوضع الإنساني على أرض الواقع.

إعلان أنابوليس: 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2007: تشمل الاتفاق على إطلاق مفاوضات ثنائية فورية، من أجل التوصل إلى معاهدة سلام تحل جميع القضايا العالقة.

الدور الأميركي

العلاقات بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية تدهورت منذ قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كانون أول/ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.

فاقم ذلك إيقاف إدارة ترامب مساعدات بمئات ملايين الدولارات كانت تُقدّم للفلسطينيين، وقطع واشنطن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مما تسبب بأزمة مالية للوكالة، التي تقدم مساعدات أساسية لأكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، بما في ذلك نحو 2 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن.

الولايات المتحدة عرضت في حزيران/يونيو الشق الاقتصادي من خطتها للسلام في الشرق الأوسط، والتي اصطلح عليها بـ "صفقة القرن".

الخطة، التي عرضها صهر ترامب ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط، جاريد كوشنر، خلال ورشة عقدت في البحرين، تضمنت تقديم 50 مليار دولار لدعم اقتصاد الفلسطينيين ودول الجوار.

الشق الاقتصادي من خطة السلام

تضمن الشق الاقتصادي من خطة السلام الأميركية:

-  تخصيص 900 مليون دولار لإزالة حواجز في الضفة الغربية المحتلة  وغزة، إضافة إلى مشاريع بقيمة 590 مليون دولار لإمداد القطاع بالطاقة.

- تخصيص 750 مليون دولار لغاية تسهيلات الإقراض السياحي وإعادة تأهيل مواقع، و1.5 مليار دولار للسياحة الإقليمية في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان ومصر.

- تخصيص 500 مليون دولار للجامعة الفلسطينية الجديدة، و30 مليون دولار للإرشاد المهني والتوظيف في الضفة وغزة.

- دعم قطاع الصحة بتخصيص 300 مليون دولار لتعزيز المستشفيات والعيادات الفلسطينية في الضفة وغزة.

- دعم مشاريع خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، تضمنت تخصيص 200 مليون دولار للتجديد الحضري، 30 مليون دولار لتسجيل أراضي، 300 مليون دولار للحوكمة الإلكترونية الفلسطينية.

ومن المتوقع أن تنشر إدارة ترامب الشق السياسي من خطتها للسلام بعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر عقدها في 17 أيلول/سبتمبر الحالي.

الفلسطينيون قاطعوا الورشة ورفضوا المقترح الأميركي لتحقيق السلام، ووصفوه بأنه محاولة لـ "تصفية القضية الفلسطينية"، كما انتقدوا انحياز الإدارة الأميركية للاحتلال، وتخليها عن دورها كوسيط للسلام.

تأزيم جديد

عباس رد على تصريح نتنياهو الأخير إن جميع الاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وما ترتب عليها من التزامات "قد تنتهي" إذا ضمت إسرائيل غور الأردن وشمال البحر الميت وأي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وقال: "من حقنا الدفاع عن حقوقنا، وتحقيق أهدافنا بالوسائل المتاحة كافة مهما كانت النتائج، حيث إن قرارات نتنياهو تتناقض مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي".

الأردن عبّر عن رفضه القاطع لإعلان نتنياهو، وأضاف أنّ مثل هذه الممارسات ستكون عواقبها وخيمة على مستقبل السّلام، وأمن شعوب المنطقة واستقرارها.

وحذر الأردن، على لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي، من خطورة التلاعب بمستقبل المنطقة لأغراض انتخابية، وقال ان تصريحات نتنياهو، إنْ نفذت "تقوّض السلام، وتعني أن باب السلام الشامل مغلق".

المملكة + أ ف ب + وفا