أشار أمين عمان يوسف الشواربة، الثلاثاء، إلى وجود دراسات جدّية لعمل "مترو" في عمّان، موضحا أنه "لا يوجد حتى الآن نتائج ليتم الإعلان عنها".

وأكّد الشواربة، خلال حلقة نقاشية بعنوان "النقل العام والبنية التحتية" نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية – الجامعة الأردنية، أهمية أن تكون منظومة النقل العام مدعومة من الدولة، فضلًا عن وجود "موازنة استدامة" لكل مشروع خدماتي، يضمن استمراريته.

وأشار إلى أنه سيتم خلال أيام طرح عطاء "جسر الجامعة الأردنية"، حيث سيتم إنشاء نفقين، لإيجاد حل جذري لمشكلة الازدحامات المرورية في هذه المنطقة، التي يدخلها نهارا ما يقرب من ربع مليون شخص، قائلًا "إذا ما أردنا الحصول على منظومة طرق حديثة علينا أن نواجه التحدي".

وأضاف أن "أكبر تحد يواجه العاصمة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 4.5 ملايين نسمة،  وتشكل 45% من سكان الأردن، هو الازدحامات المرورية"، موضحا "نقوم بدراسة للوقوف على أسباب هذه المشكلة".

"من التحديات أيضا زيادة عدد المركبات، وغياب منظومة النقل العامة المنظمة والمنتظمة، وعدم كفاءة الطرق والتقاطعات، والملكية الفردية، وأنواع الحافلات، وأماكن الوقوف"، مشددا على ضرورة رفع كفاءة منظومة النقل العام في عمان.

وأضاف الشواربة ، "أعدت أمانة عمان خطة تنفيذية، تهدف إلى القضاء على تلك التحديات، مدتها 3 أعوام، بدأت في الأول من كانون الثاني/ ديسمبر العام 2018 وتنتهي في 31 كانون الأول/ يناير 2020".

وأشار إلى أن "الخطة قائمة على 3 محاور تشمل العمل على الانتهاء من البنية التحتية لمسار الباص السريع، والعمل على رفع كفاءة منظومة النقل العام، وإعداد استراتيجية مختصة لمنظومة النقل العام تنتهي في العام 2022".

وبين أن التأخر في تنفيذ هذا المشروع، الذي تم تقسيمه إلى 10 حزم، جعل هناك بعض التشكيك، وسبب موقفًا سلبيا لدى الرأي العام، في الوقت الذي أكد فيه "التزامنا بإنهاء البنية التحتية لهذا المشروع مع نهاية العام 2020".

وتابع الشواربة، أن هدف المشروع، رفع كفاءة النقل العام، والطرق والأرصفة وتحسينها، وكذلك إيجاد حلول مرورية على التقاطعات بشكل عام، مشيرًا إلى أن "الباص السريع سيتضمن جسور مشاة تحتوي على أدراج وسلالم كهربائية، تخدم جميع فئات المجتمع، وخاصة كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة".

وبين أن "الأمانة طرحت عطاء تشغيل دولي لهذا المشروع، حيث أحيل العطاء على مشغل تركي بائتلاف مع مشغل محلي، لافتًا إلى الاشتراط أن تكون حصة المشغل الدولي 51% و49% للمشغل المحلي، فضلًا عن اشتراط ضرورة وجود مواقف محددة وضمن مواعيد محددة أيضًا.

وأوضح، أن طريقة الدفع ستكون إلكترونية، من خلال بطاقات مخصصة لذلك، بهدف حفظ الحقوق المالية أخلاقيًا وقانونيًا، مهما كانت قيمتها، حيث قمنا بإعداد خطة واضحة المعالم، قابلة للتطبيق على أرض الواقع، لتقديم أفضل الخدمات للمواطن، فمن حق دافع الضرائب الحصول على خدمة جيدة.

وأكد الشواربة، أنه ولأول مرة بتاريخ الأردن سيكون هناك قاعدة بيانات دقيقة 100%، تشتمل على كل محاور عملية النقل العام، من عدد الركاب، القيمة المادية، حجم المحروقات التي تستهلكها كل حافلة، وكذلك عدد الإعفاءات التي سيتم منحها لبعض الفئات، كالمواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا والأشخاص ذوي الإعاقة، كما أن الحافلات ستعمل يوميًا من 6 صباحًا وحتى 10 مساء.

استراتيجية نقل عام

قال الشواربة، إن الأمانة تعمل على إيجاد خطة سياسات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، إذ إنه من الظلم حصر استراتيجية النقل العام فقط في الحافلة والراكب والسائق.

وقال إن "غياب منظومة النقل العام، سيؤدي حتمًا إلى عدم وجود خطة تنمية شاملة، حيث أن الجانب التنموي مهم جدًا لتحفيز الاستثمار وجلب مزيد من المستثمرين".

وأوضح الشواربة، "عندما يكون هناك منظومة نقل آمنة موثوقة، ستعطي حافزًا للآباء للموافقة على تشغيل بناتهم، حتى ولو كان مكان العمل على أطراف العاصمة، فضلًا عن أنها ستعمل على تحفيز المستثمر بتشغيل موظفين أكثر".

وأشار إلى إيجابيات منظومة النقل العام المتطورة والحديثة على السياحة، سواء أكانت داخلية أم خارجية، حيث سيتمكن السائح من زيارة الأماكن السياحية بكل سهولة ويسر، بالإضافة إلى الجانب الصحي، إذ إن تخفيض عدد المركبات سيؤدي حتمًا إلى تخفيض نسبة الكربون في الجو.

وبين أن موازنة أمانة عمان هي من "إراداتها الذاتية، وليس لها علاقة بموازنة الدولة العامة، ولا تتلقى أي دعم حكومي، باستثناء ما تتحصل عليه كبدل محروقات، والذي لا يتجاوز 10 ملايين دينار سنويًا".

قال مدير المركز زيد عيادات، إن منتدى السياسات، الذي تم إنشاؤه أخيرًا، ينظر إلى السياسات العامة بنظرة تكاملية، ويهدف إلى إيجاد اتجاهات إيجابية تسهم في إنتاج المعرفة الحقيقية، وتقديم المشورة باتباع التفكير الاستراتيجي.

وأضاف أن "الدراسات الاستراتيجية" يعمل على إشراك أصحاب الرأي والخبرة والكفاءة والمختصين في عملية إنتاج حلول لمشاكل السياسات العامة على اختلاف أنواعها، ولتسليط الضوء على المشكلات التي تواجه مختلف القطاعات، مؤكدًا "أننا نؤسس لحوار وطني شامل عام وعلمي وموضوعي للقضايا العامة".

وتابع أن المركز يعمل أيضًا على إيجاد أجوبة حول فشل أو نجاح بعض السياسات الخاصة بقضايا معينة تهم المواطنين، كالطرق والمياه والصحة والتعليم، وما هي السياسة الأمثل أو الآلية الأفضل للوصول إلى حلول لتلك المشاكل.

وتطرق عيادات، إلى نتائج استطلاع أجرته دائرة استطلاعات الرأي والمسوح الميدانية بـ"الدراسات الاستراتيجية"، خلال الفترة الواقعة بين 14 و16 من الشهر الحالي، ضمن سلسلة استطلاعات "نبض الشارع الأردني 3"، والتي أظهرت أن نصف الأردنيين راضون عن مستوى الطرق في مكان سكنهم.

وحسب الاستطلاع، أبدى 62% من الأردنيين رضاهم عن مستوى خدمات النقل العام (المواصلات) التي تقدمها أمانة عمان الكبرى، اما فيما يتعلق بالباص السريع وأزمة المواصلات، أبدى 91% معرفتهم بهذا المشروع، فيما قال 51% بأنه سيساهم في حل جزء من أزمة المواصلات الموجودة في عمان، ورأى 18% أن الدور الرئيس الذي يجب أن تقوم به الأمانة في الوقت الحاضر، هو رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، يليها تحسين الشوارع وتنظيمها وحل أزمة المواصلات وتحسين الخدمات المقدمة في هذا المجال 17% لكل منها، ومن ثم إنشاء أماكن ترفيهية أخرى غير القائمة حاليًا.

وقال تركي عبيدات، الذي أدار الحوار، إن أي مدينة يصل عدد سكانها إلى نصف مليون نسمة يجب أن يتوفر فيها نظام نقل عام متطور يقدم خدمة جيدة لهؤلاء السكان، مؤكدًا أن عمان وباقي المدن الأردنية "تُعاني من عدم تقدم النقل العام".

وأضاف، أن إحدى تحديات تطور النقل العام في الأردن يعود إلى بعض التشريعات أو القوانين، والتي تسمح باستملاك 25% من أرض المواطن بلا تعويض، لغايات شق الطرق وتوسيعها، مبينًا أن ذلك أدى إلى مقاومة المواطن لاستملاك جزء من أرضه.

وأوضح عبيدات، أن إنشاء منظومة نقل عام متطورة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتنمية الشاملة وكذلك التنمية المستدامة، متسائلًا في الوقت نفسه هل سيكون لمشروع الباص السريع استدامة؟، وهل سيوفر على المواطن الوقت؟، وهل أجريت دراسات استقصائية حول قدرة أو تقبل تعامل المواطن مع الجسور والأنفاق؟.

واقترح عبيدات عدم إجراء تطوير على التقاطعات القائمة، والاكتفاء بعمل تحسينات مرورية عليها، وعدم بناء جسور جديدة، وتوفير المال الذي سيُصرف على ذلك مقابل إنشاء مشاريع أكثر استدامة، مشيرا إلى ضرورة التوجه شرقًا لتنفيذ مخطط عمان الشمولي، وإنشاء شوارع صديقة للبيئة.

وفي مداخلة له، تساءل رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان ارحيل غرايبة، عن "مدى كفاءة بعض المشاريع الخدمية"، مشيرًا إلى أن الأردن كان قبل أعوام متقدما على كثير من الدول فيما يتعلق بمنظومة النقل، وخصوصًا الطرق والجسور، لكن الآن نرى الكثير من تلك الدول قد سبقتنا.

وزير الأشغال الأسبق محمد عبيدات، أكّد ضرورة وجود دعم حكومي لإيجاد منظومة نقل عام متطورة حديثة، تخدم المواطن والسائح، كما أشارت المشاركة في الحلقة النقاشية سهير العالولي إلى أن عدم وجود منظومة نقل عام جيدة، يؤثر نفسيًا على المرأة، وبالتالي على رفضها للعمل، مشيرة إلى دراسة تظهر أن 47% من النساء رفضن العمل بسبب النقل العام.

وردًا على استفسارات المشاركين والحضور في الحلقة النقاشية، أكد الشواربة أنه إذا ما أردنا إيجاد خدمة نقل عام حقيقية، فإنه يجب أن تكون مدعومة من الدولة، لافتًا إلى أن الأمانة خصصت ما قيمته 4.5 ملايين دينار لدعم الراكب الأردني.

وأضاف، "لقد قمنا بتأسيس شركة مملوكة بالكامل لأمانة عمان تقدم هذه الخدمة"، مضيفًا أن جميع الحافلات التي سيتم استخدامها ضمن مشروع الباص السريع، مثبت عليها كاميرات مراقبة، فضلًا عن نظام تتبع إلكتروني، أي بمعنى ثان هناك سيطرة كاملة على تلك الحافلات، تضمن بيئة آمنة مشجعة للجميع، وخصوصًا للنساء.

المملكة