نجحت مبادرة أردنية في تشجيع نحو نصف مليون طفل في الأردن وعدد من دول العالم على الاستمتاع بالقراءة من خلال قيام متطوعين بقراءة قصص وروايات قصيرة هادفة للأطفال بصوت عال في مكان عام. 

مبادرة "نحن نحب القراءة" التي أطلقتها عام 2006 أستاذة البيولوجيا في الجامعة الهاشمية، رنا الدجاني، استطاعت الوصول إلى 42 دولة في العالم.

الدجاني أجرت أبحاثا أثبتت أن شغف القراءة والاستمتاع بها يتولد لدى الأطفال نتيجة قراءة الآباء قصصا لهم بصوت عال.

وبدأت الفكرة لدى الدجاني، وهي أستاذة مدرسة سابقة وأم لـ 3 أطفال، بعد ملاحظتها أن الأطفال في الأردن والبلاد العربية لا يستمتعون بالقراءة.

"بعد أن عدت وزوجي إلى الأردن من الولايات المتحدة، وجدت الأطفال هنا يقرأون لغايات عدة لكن دون شغف أو استمتاع"، تقول الدجاني التي تحمل درجة الدكتوراه في البيولوجيا من جامعة "أيوا" الأميركية.

"فكرنا في مكان يجتمع فيه الناس ويوجد في كل حي، بما فيها المساجد، وقمنا بدعوة أولياء الأمور لجلب أطفالهم للمساجد للاستماع إلى القصة،" تضيف الدجاني.

وتقول الدجاني إنها استطاعت ضمن مبادرتها نشر 250 ألف قصة في 42 دولة، وتدريب 7 آلاف رجل وامرأة حول العالم، بدأ 4 آلاف منهم القراءة بصوت عال في أحيائهم، منها مقدونيا وأوغندا والأرجنتين وفيتنام وإثيوبيا.

في الأردن، انتشرت المبادرة بعد قيام الدجاني بدعوة أطفال للحضور إلى أحد مساجد منطقة طبربور للاستماع إلى قصة، ثم دربت المبادرة شخصا واحدا في كل حي لقراءة قصص للأطفال بصوت عال في مكان عام، بدلا من تدريب كل أم وأب "لصعوبة ذلك"، وفقا لأستاذة البيولوجيا.

ربع الأطفال الملتحقين في رياض الأطفال في الأردن غير جاهزين للتعلم، ويعود ذلك بصورة رئيسية إلى عدم كفاية مستويات التنمية الاجتماعية والعاطفيةتقرير للبنك الدولي، 17 أكتوبر 2017

وتفاعل الأطفال مع المبادرة منذ بدايتها، فقد واظبوا على ارتياد المسجد للاستماع إلى القصص، الأمر الذي شجع الدكتورة دجاني لتوسيع نطاق المبادرة للأحياء والمنازل.

بلقيس الشوابكة، أم لطفلة عمرها 4 سنوات وتقطن محافظة مادبا، قالت إن المبادرة "أثرت بشكل إيجابي كبير" في طفلتها، التي أحبت القراءة وطورت مهارات مثل تقليد الأصوات وتقمص شخصيات القصص التي تستمع لها.

"أصبح الأطفال، ومنهم ابنتي، ريتال، يطبقون ما يتعلمونه من أفكار هادفة في القصص، وهو من أهم التأثيرات التي لمستها"، تقول الشوابكة. 

شغف القراءة يحسن من مستوى التحصيل العلمي للأطفال ويطور أداءهم المدرسي، حسب الدجاني.
 

في الأردن، 1 من كل 5 طلاب في الصف 2 لا يمكنه قراءة كلمة واحدة من فقرة مخصصة للقراءة، في حين أن نصفهم تقريباً غير قادرين على حل مسألة طرح واحدة بصورة صحيحة، وتنقصهم لذلك المهارات الأساسية للقراءة والحساب التي تمكن من تحقيق المزيد من تنمية المهارات المعرفيةتقرير للبنك الدولي، 17 أكتوبر 2017

الدجاني أجرت أبحاثاً  حول تأثير القصص التي تدعو للحفاظ على البيئة والمياه والطاقة، على سلوك الأطفال، واكتشفت "نتائج إيجابية".

"لاحظت تطورا سلوكيا فيما يتعلق في الحفاظ على البيئة لدى كل طفل شارك في المبادرة، وهذا جعل الأطفال مؤثرين في بيئتهم المحيطة،" تقول الدجاني، التي تعاونت مع جامعات عريقة، مثل ييل وهارفارد وشيكاغو وبراون، لدراسة أثر "نحن نحب القراءة" على الأطفال والكبار.

الدجاني، التي تعمل أيضا دراسة آثار الحرب على اللاجئين الأطفال، تقول: "الاستمتاع بالقراءة لدى الأطفال يجعلهم أكثر تواصلا مع المجتمع من خلال تعلم مفردات داخل القصة، الأمر الذي يمكنهم من التعبير عن آرائهم بالكلمات لا بالعنف."

الأطفال من اللاجئين السوريين كان لهم نصيب من أبحاث الدجاني، إذ كان من أهداف مبادرتها استخدام القراءة لمعالجة آثار الحرب التي قد تعلق بأفكار الطفل.
 

ينتظم أكثر من 28 ألف طالب من اللاجئين السوريين في 52 مدرسة تتوزع في أنحاء مخيم الزعتري كافة، وتعمل منظمة يونيسف مع وزارة التربية و التعليم على زيادة عدد المدارس في المخيم لتبلغ 126 مدرسة مع نهاية السنة الدراسة 2017/ 2018. منظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسف 

وأظهرت دراسة أجريت في 2014 تحت إشراف جامعة ييل الأميركية أن القراءة ساعدت أطفالا  في  مخيم الزعتري في تحقيق نتائج في اختبار القدرة على التحسن و الرجوع إلى الحالة الطبيعية بعد التعرض لصعوبات، قريبة من تلك التي سجلها أطفال أميركيون خاضوا الاختبار نفسه.

ولم تقف مبادرة "نحن نحب القراءة" على خلق شغف بالقراءة فقط والاستمتاع بها، بل أسهمت أيضاً في تنمية التفاعل والعلاقات بين الأطفال اللاجئين وأطفال المجتمعات المستضيفة، بحسب مسؤولة التعليم في منظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسف، في عمّان فاطمة المغربي.

"كان لنا شراكة متميزة مع المبادرة خصوصاً في المجتمعات المضيفة للاجئين؛ إذ أسهمت في تنمية التشابك بين الأطفال الأردنيين والسوريين، والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة"، تقول المغربي.

اللاجئة السورية أسماء الراشد، التي تقطن مخيم الزعتري شاركت في قراءة قصص لأطفال لاجئين من خلال المبادرة.

تشجعت للمشاركة في المبادرة وشعرت بتفاعل الأطفال معها، وأعدادهم زادت يوماً بعد يوم،"  تقول الراشد.

أحمد، 10 سنوات، واحد من أولئك الأطفال.

"استفدت كثيرا، وتعلمت مفردات جديدة. أستمع للقصص وأقرأ كلما استطعت ذلك"، يقول الطفل في مقطع فيديو.

وحازت المبادرة  على جوائز دولية منها جائزة أفضل برنامج تعليمي للاجئين، وجائزة قطر للإبداع في الابتكار والتعليم، وجائزة اليونيسكو لمحو الأمية، وجائزة كراوس جيكوب للتعليم من سويسرا.

"يقوم خبراء باختيار قصص تراعي بيئة الأطفال .. كي يجدوا أنفسهم في القصة،" تقول الدجاني.

المملكة