تعرّضت محطّتا ضخ لخط أنابيب رئيسي في السعودية إلى هجوم بطائرات من دون طيار الثلاثاء؛ مما أدى إلى إيقاف ضخ النفط فيه، في تصعيد للتوترات في المنطقة يأتي بعد يومين على تعرض 4 سفن بينها 3 ناقلات نفط لعمليات "تخريبية" قبالة الإمارات.

وارتفعت أسعار النفط بعد نشر أنباء الهجوم على محطتي ضخ تقعان على مسافة نحو 320 كيلومترا غربي العاصمة الرياض. وارتفع سعر خام القياس الأوروبي برنت 1.38% ليجري تداوله بسعر 71.20 دولارا للبرميل في الساعة 1114 بتوقيت غرينتش.

وبينما لم تتّضح بعد ملابسات واقعة السفن الأربع، أعلن متمردون حوثيون في اليمن أنّهم استهدفوا "منشآت حيوية سعودية" بـ 7 طائرات من دون طيار، في هجوم وقع في خضم حرب نفسية بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج من جهة، وإيران من جهة ثانية.

مجلس الوزراء السعودي قال إن عمليات التخريب التي تعرضت لها محطتا ضخ النفط في خط أنابيب شرق-غرب الثلاثاء "لا يستهدف المملكة وحدها وإنما أيضا أمان إمدادات النفط العالمية والاقتصاد العالمي".

وأكد المجلس في بيان، بعد اجتماع برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، "أهمية التصدي لجميع الجهات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه العمليات التخريبية بما في ذلك ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران".

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (واس):  "تعرّضت محطتا ضخ لخط الأنابيب شرق-غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي، لهجوم من طائرات ... بدون طيار".

وأضاف: "قامت أرامكو السعودية بإيقاف الضخ في خط الأنابيب حيث يجري تقييم الأضرار، وإصلاح المحطة لإعادة الخط والضخ إلى وضعه الطبيعي"، مشددا في الوقت ذاته على "استمرار الإنتاج والصادرات السعودية من النفط الخام والمنتجات بدون انقطاع".

وتقع المحطتان في محافظتي الدوادمي وعفيف في منطقة الرياض على بعد 220 كلم، و 380 كلم شرقي العاصمة السعودية الرياض، وقد حصل الهجوم بين 06:00 و 06:30 صباحا بالتوقيت المحلي، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية.

ويبلغ طول خط الأنابيب نحو 1200 كلم، ويمر عبره 5 ملايين برميل نفط يوميا على الأقل، من المنطقة الشرقية الغنية بالخام، إلى المنطقة الغربية على ساحل البحر الأحمر.

وحذّر الفالح من أن "هذا العمل الإرهابي والتخريبي، وتلك التي وقعت مؤخرًا في الخليج العربي ضد منشآت حيوية، لا تستهدف المملكة فقط، وإنما تستهدف أمان إمدادات الطاقة للعالم، والاقتصاد العالمي".

وشدّد على "أهمية التصدي لكافة الجهات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية بما في ذلك مليشيات الحوثي في اليمن المدعومة من إيران".

وكان المتمردون اليمنيون أعلنوا في وقت سابق عبر قناة المسيرة المتحدثة باسمهم عن استهداف "منشآت حيوية سعودية" بسبع طائرات من دون طيار، مشيرين إلى أن "هذه العملية العسكرية الواسعة رد على استمرار العدوان والحصار على أبناء شعبنا".

إدانات للهجوم

جامعة الدول العربية أدانت الهجوم، وأكدت على لسان أمينها العام أحمد أبو الغيط أن "المساس بأمن أي دولة عربية هو مساسٌ بالأمن القومي العربي، وأن هذه الأعمال الإرهابية تنطوي على تهديد خطير لأمن المنطقة، بل للأمن الدولي والاقتصاد العالمي الذي يتأثر باستقرار إمدادات الطاقة".

وأشار المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة السفير محمود عفيفي، إلى التضامن الكامل مع السعودية في مواجهة هذه التهديدات الإرهابية التي تهدف إلى إثارة الاضطرابات في المنطقة، مشدداً على ضرورة تعزيز التكاتف الدولي لمواجهة هذه الأعمال الإجرامية.

الأردن أدان "بأشد العبارات" الهجوم الإرهابي الذي استهدف محطتي ضخ نفط تابعتين لشركة أرامكو في المملكة العربية السعودية باستخدام طائرتين من دون طيار.

واستنكرت الإمارات العربية المتحدة الهجوم بطائرات بدون طيار مفخخة ضد محطتي ضخ لخط الأنابيب في المملكة العربية السعودية.

وأدانت الإمارات "هذا العمل الإرهابي والتخريبي واعتبرته دليلا جديدا على التوجهات الحوثية العدائية والإرهابية والسعي إلى تقويض الأمن والاستقرار" بحسب بيان لوزارة الخارجية الإماراتية.

وأكّدت الوزارة "تضامن الإمارات الكامل مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ووقوفها مع الرياض في صف واحد ضد كل تهديد لأمن واستقرار المملكة، ودعمها كافة الإجراءات في مواجهة التطرف والإرهاب".

وأضاف البيان أن "أمن دولة الإمارات العربية المتحدة وأمن المملكة العربية السعودية كل لا يتجزأ، وأن أي تهديد أو خطر يواجه المملكة تعتبره الدولة تهديدا لمنظومة الأمن والاستقرار في الإمارات".

إنذار؟

والسعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، تقود تحالفا عسكريا ضد المتمردين المتهمين بتلقي دعم إيراني في اليمن. 

ويتيح خط الأنابيب للسعودية نقل النفط من المنطقة الشرقية وتصديره عبر موانئ على البحر الأحمر بعيدا عن الخليج ومنطقة مضيق هرمز حيث تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

كانت الإمارات العربية المتحدة قد أعلنت الأحد أنّ 4 سفن شحن تجارية من عدة جنسيات تعرّضت لـ"عمليات تخريبية" في مياهها قبالة إيران، في شرق إمارة الفجيرة.

وفجر الاثنين، أعلنت السلطات السعودية عن تعرض ناقلتي نفط سعوديتين لـ"هجوم تخريبي" قبالة السواحل الإماراتية، هما ضمن السفن الـ 4.

وأكّد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش الاثنين إجراء تحقيق. وكتب في تغريدة على تويتر "التحقيق يتم بحرفية وستتضح الحقائق ولنا قراءاتنا واستنتاجاتنا".

الإمارات والسعودية حليفتان للولايات المتحدة، وتوجّهان بانتظام انتقادات إلى إيران وبرنامجها النووي، وتتّهمانها بالعمل على زعزعة استقرار دول في المنطقة، والتدخل في شؤونها.

ورأى خبراء أنّه في حال تبيّن أي تورط لطهران في هذه الواقعة بعد نشر نتائج التحقيقات الإماراتية، فإنّها ستكون بمنزلة إنذار إيراني إلى الولايات المتحدة التي عزّزت تواجدها العسكري مؤخرا في منطقة الخليج.

"سوف يتألّمون" 

لكن طهران نفت أن يكون لها أي دور في هذه العمليات.وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي الأحد، إن "الأحداث في بحر عُمان مقلقة ومؤسفة" ودعا إلى إجراء تحقيق في الهجمات محذرا من "مغامرة لاعبين خارجيين" لعرقلة أمن الملاحة.

وبحسب مسؤول إماراتي، فإن اثنتين من السفن الـ 4 تحملان علم السعودية وهما "المرزوقة" و"أمجاد"، بينما تحمل الـ 3 علم دولة الإمارات "أي ميشيل" وهي أيضا ناقلة نفط، والـ 4 تحمل علم النرويج وتدعى "أندريا فيكتوري"، مشيرا إلى وجود أضرار في أسفل هيكل السفينة النرويجية من الجهة الخلفية. 

وأعلنت شركة توم النرويجية في بيان أن ناقلة النفط أندريا فيكتوري تعرضت لأضرار هيكلية بعد أن "اصطدم بها جسم غير معروف".

وكانت إيران أعلنت الأسبوع الماضي تعليق التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وذلك بعد عام على انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب منه، وفرضه عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية.

وأعطت الولايات المتحدة بعداً عسكرياً للتوترات الدبلوماسية، مع قرارها إرسال سفينة هجومية برمائية وبطاريات صواريخ "باتريوت" إلى الخليج حيث نشرت أصلاً قاذفات من طراز "بي-52" وحاملة الطائرات أبراهام لنكولن. 

ومساء الاثنين، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن وزير الدفاع الأميركي بالإنابة باتريك شاناهان قدّم الأسبوع الماضي خلال اجتماع مع عدد من مستشاري ترامب لشؤون الأمن القومي خطة تقضي بإرسال ما يصل إلى 120 ألف جندي أميركي إلى الشرق الأوسط إذا هاجمت إيران القوات الأميركية.

وبحسب الصحيفة الأميركية فإنّ هذه الخطة، التي ما زالت في مراحلها الأوليّة، لا تنصّ على غزو برّي، وعدد الجنود الـ120 ألفاً المذكور هو الأعلى ضمن المروحة المقترحة.

وفي واشنطن، حذّر ترامب إيران الاثنين، وقال خلال لقائه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في البيت الأبيض "إذا فعلوا أي شيء، فسوف يتألمون كثيرا".

والثلاثاء، أكد ناطق باسم وزارة الدفاع الإسبانية سحب فرقاطة إسبانية كانت ترافق حاملة الطائرات الأميركية، مؤكداً أنه ليس وارداً بالنسبة لمدريد "خوض أي مواجهة محتملة أو عمل حربي ولهذا السبب علقت مشاركة الفرقاطة حاليا".

المملكة + واس + أ ف ب + رويترز + بترا