حولت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، في يناير/كانون الثاني الماضي، منزلي عائلة صالحية في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة بطرفة عين إلى ركام، ولم تتمكن من العثور على شيء منها سوى باب ثلاجة طبعت عليه صور أطفال العائلة.

عند الثالثة فجرا، وبينما كانت عائلة صالحية برجالها ونسائها وأطفالها (13 فردا) آمنة بمنزلها في حي الشيخ جراح، تفاجأت بأكثر من 100 جندي إسرائيلي بعدتهم وعتادهم يقتحمون المنزلين، وبوحشية بدأوا بإخراجهم منهما عنوة في ظل ظروف جوية "قاسية".

عائلة صالحية شُردت من منزلها مرة أخرى في نكبة جديدة.

فلسطيني من عائلة صالحية يشير إلى أنقاض المنزل الذي هدمته قوات الاحتلال الإسرائيلي في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، 19 كانون الثاني/يناير 2022. (أحمد غرابلي/ أ ف ب)

تتوقف ساعة الوقت عند جدران المدينة المقدسة المعاقبة، وعند حكايات أبنائها الذين ضاقت بهم أرضهم بما رحبت بظل شراسة الاستيطان، وهجمات المستوطنين، ولا يعرف أبناء القدس مستقبل مدينتهم التي سميت بمدينة السلام، ولم تر يوما السلام.

فلسطينيون بلا أمل، أو جواز سفر يثبت حقهم بأرضهم التي ولدوا فيها قبل قيام دولة إسرائيل، تُسرق أراضيهم، يقتل أبناؤهم، تقيد عبادتهم بمسجدهم وكنيستهم، وتفرض الضرائب المرتفعة عليهم؛ لمنعهم من البناء والبقاء.

عقوبات

بين عامي 2021 و2022 هدمت إسرائيل 621 منزلا في القدس، وشردت سكانها، بالذريعة ذاتها، كلفة رخصة البناء وحدها لكل منزل منها تتجاوز نصف المليون شيكل، أما من يرفض هدم منزله بيده فيضطره الاحتلال لدفع 100 ألف شيكل يسميها تكاليف الهدم، هكذا يصبح بيتك عبئا تحمله على ظهرك.

وتتنوع عقوبة من ينفذ عملية بين الإعدام الميداني، والاعتقال؛ حتى وإن كان بذريعة الاشتباه كما حدث مع الطفل أحمد مناصرة.

كما تعاقب إسرائيل أبناء القدس بالإبعاد القسري داخل فلسطين، كما حدث مع منصور أبو غربية ومراد العباسي، أو عن كامل فلسطين كما حدث مع الأسير صلاح الحموري، الذي أبعد قسرا إلى فرنسا في ظروف غير إنسانية.

أما سياسة إفراغ المدينة المقدسة من أصحابها؛ فيعبّر عنها الاحتلال بوسائل عدة، كإبعاد المقدسيين عن المسجد الأقصى ومحيطه، ومنعهم من دخوله، أو إبعادهم عن المدينة بأسرها.

اعتقالات

واعتقل الاحتلال 6,383 مقدسيا بين عامي 2021-2022، فيما اعتقل خلال عام 2020 نحو 2000 مقدسي بينهم 372 طفلا.

بلغ عدد المعتقلين 2879 خلال 2021 وفي العام الماضي وارتفع العدد إلى 3504 معتقلين شملت نساء وشيوخا وأطفالا محافظة القدس

وكان شهر نيسان/أبريل 2022 الذي تزامن مع شهر رمضان الأعلى تسجيلا لحالات الاعتقال؛ إذ تم تسجيل 894 حالة اعتقال و476 منها في يوم واحد في 15 نيسان.

ورصد مركز معلومات وادي حلوة خلال العام 2020 ، 1,979 حالة اعتقال في مدينة القدس، من بينهم 8 أطفال أعمارهم أقل من 12 سنة، و 364 فتى.

سحب هويات

وتزداد شراسة التهديد مع ارتفاع وتيرة الإبعادات، وسحب بطاقات الإقامة المقدسية؛ ففي عام 2022 صدر 871 قرارًا بالإبعاد مقابل 473 قرارًا بالإبعاد عام 2021.

وبين عامي 1967 و2020 رصد مصادرة نحو 15 ألف بطاقة إقامة، منها هويّات لأرباب أسر؛ مما حرم جيلا كاملا من حق الإقامة في القدس المحتلة.

جوازات أردنية لمساندة المقدسيين

الفلسطيني الثلاثيني علاء الدين عيسى الذي يعيش في مدينة القدس المحتلة قال، إن العيش في المدينة يحتاج لدخل اقتصادي مرتفع بسبب غلاء المعيشة والضرائب الإسرائيلية المفروضة على المقدسيين.

"إخراج رخصة بناء يحتاج لنصف مليون شيكل بعيدا عن الضرائب الأخرى المفروضة علينا كما يعاني أصحاب المحال التجارية في البلدة القديمة من ارتفاع الإيجارات والتضييق" الفلسطيني المقدسي علاء عيسى

عيسى الذي يعمل في وظائف عدة ولساعات طويلة؛ حتى يلبي احتياجاته المعيشية اليومية يرى أن البعد الاقتصادي مهم تعزيزه عربيا في القدس، ولكن الأهم أيضا الوصول لحل بموضوع الهوية، مشيرا إلى أن المقدسي لا يحمل جواز سفر فلسطيني، ولا يوجد لديه ما يثبت هويته الوطنية.

وقال عيسى: "الهوية الإسرائيلية التي نملكها جميعا مهددون بفقدانها بأي لحظة".

وأشار عيسى إلى أن العديد من المقدسيين يحملون جوازات سفر أردنية مؤقتة؛ تسهل تنقلهم خارج الأراضي الفلسطينية.

ويعزز جواز السفر الأردني المؤقت ثبات المقدسيين في أرضهم بعيدا عن حمل جواز السفر الإسرائيلي، كما يسهل لهم التواصل مع العالم الخارجي من خلال الجواز الأردني.

ولفت عيسى النظر إلى أن المقدسي لا يحمل جنسية فلسطينية، مؤكدا أنه لا خيار أمام المقدسي إلا البقاء بأرضه.

نحن فلسطينيون بالاسم فقط بلا هوية تثبت أننا فلسطينيون الفلسطيني المقدسي علاء عيسى

وتطرق عيسى للتغيير الديمغرافي الذي تشهده المدينة المقدسة؛ من بناء المستوطنات، والسعي لعزل البلدة القديمة والقرى العربية من خلال المستوطنات الإسرائيلية، وشق الطرق لربط المستوطنات على حساب المقدسيين.

ودعا عيسى لدعم المقدسيين بشكل حقيقي ملموس بعيدا عن نشرات الأخبار والبيانات الصحفية التي تتحدث عن دعم عربي، ولكن لا يلمسه المقدسي بشكل حقيقي يعزز صموده.

جريس بصير صحفي فلسطيني يعيش في مدينة القدس، وصف المدينة بالحزينة في ظل سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وما تمارسه من سياسات همجية ضد الشعب الفلسطيني في القدس.

وحول واقع الحياة اليومية في القدس، قال بصير، إن الفلسطينيين في القدس يعيشون يوميا بقهر من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

وقال بصير، إنه يوجد عند باب العامود عدة نقاط لجيش الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث تعمل الشرطة الإسرائيلية على تفتيش الشباب دون أي سبب، وتقوم أيضا بتفتيش الزائرين من مدن الضفة الغربية إلى القدس بالرغم من وجود تصاريح معهم.

ويصف بصير حياته في المدينة بأنه "يعيش في قلعة محاصرة، وحين يرى أي شخص يقوم جيش الاحتلال بتفتيشه، أو عند تفتيشه يشعر بالغضب الشديد، ويضيف "ليس باليد حيلة"".

ويستكمل بصير: "جميع المقدسيين يريدون حماية القدس، ولكن القدس أصبحت مهددة، وتهوّد ببناء المستوطنات حولها ويشعر المقدسيون بضيق العيش فيها".

ويضيف بصير أن الفلسطيني المقدسي يريد أيضا العيش في القدس بالرغم من عدم وجود رخص بالبناء للأحياء العربية إضافة إلى عدم قدرة الفلسطيني المقدسي على شراء منزل أو العيش في الأحياء الإسرائيلية.

ويضرب مثالا حول مستوطنة "جفعات همتوس" الواقعة جنوب القدس، حيث يقطن بصير في بيت صفافا، ويوضح أنه ستقام مستوطنة كبيرة، ويجري البناء فيها بعد أن كان يوجد فيها (كرفانات) بيوت بلاستيكية متنقلة.

وتابع:" اليوم سوف يتم بناء مستوطنة بالكامل، وستكون بيت صفافا محاصرة بالمستوطنات من جميع الجهات، أيضا القرى الأخرى حول القدس محاطة بالمستوطنات، رغم وجود تضخم في المستوطنات حول المدينة".

من ناحية أخرى، يرى بصير أن عمليات الهدم التي حصلت في جبل المكبر أو الطور أو البنايات التي ستهدم في سلوان جميعها بحجة عدم الترخيص، تدل أن سياسة الاحتلال ممنهجة.

ويتساءل: أين سيعيش المقدسي في البلد الذي ولد وترعرع فيه: "فالمقدسي لا يقدر على العيش بين الإسرائيليين؛ فنحن نعيش في ظل دولة تضيق الحياة على الجانب المقدسي الفلسطيني؛ وينتزعون حقنا في العيش؛ وفي النهاية ذلك يصب في مصلحة الحكومة الإسرائيلية بتشجيعها على بناء المستوطنات وتهويد المدينة".

حرية العبادة والإبعاد

وحول حرية العبادة قال بصير: "أبسط حقوق الفلسطينيين هي الصلاة، وسلطات الاحتلال تضيق الخناق عليهم".

وحول طبيعة الإجراءات الإسرائيلية قال بصير: " سلطات الاحتلال بإجراءاتها المتشددة خلال شهر رمضان؛ تمنع الوصول إلى الأقصى، وتحدد العمر للزيارة والصلاة في المسجد الأقصى".

كما اقتحم باحات المسجد الأقصى المبارك خلال العام 2022 أكثر من 60 ألف مستوطن.

مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في القدس المحتلة بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي. (رويترز)

ولفت بصير إلى أن تضييق الخناق، ومحاصرة المصلين تكون في الحرم القدسي الشريف وكنيسة القيامة؛ حيث يجري أيضا تحديد عدد الأشخاص للدخول إلى كنيسة القيامة للاحتفال بالشعائر الدينية في عيد الفصح، ويجري نصب حواجز حديدية في البلدة القديمة؛ لعرقلة الوصول إلى كنيسة القيامة.

مستشار إعلام محافظة القدس معروف الرفاعي خلال حديثه لـ "المملكة" استرجع في حديثه عن المسجد الأقصى ما طالب به وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير مؤخرا بزيادة 3 كتائب في القدس وضواحي القدس، موضحا أن ذلك مؤشر على التصعيد، والسعي لقمع المصلين، ومنع مئات الآلاف الذين تعودوا على دخول المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك من الصلاة.

تنتهج سلطات الاحتلال سياسة إفراغ المسجد الأقصى والأحياء المقدسية من ساكنيها والمرابطين فيها، من خلال سياسة الإبعاد التي تحمل أشكالاً عدة، بدأت بالإبعاد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة بعد عام 2003، وتطورت إلى الإبعاد عن مكان السكن، أو عن كامل مدينة القدس، أو عن كامل فلسطين، وفق تقرير محافظة القدس.

خلال العام 2022 تم رصد (871) قرارًا بالإبعاد من بينها نحو (427) قرارًا بالإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، وتعددت الإبعادات لتشمل الإبعاد عن المسجد الأقصى، أو مناطق السكن، عن كامل مدينة القدس بشكل نهائي طالت المواطنين "منصور" أبو غربية" و"مراد" غازي العباسي".

أو إبعاد كامل عن فلسطين كما حصل مع الأسير الفلسطيني المقدسي صلاح الحموري" فبعد انتهاء أمر اعتقاله الإداري قررت سلطات الاحتلال إبعاده إلى فرنسا، وفي 2022/12/18 قامت سلطات الاحتلال بترحيله قسرًا إلى فرنسا بعد أن قامت بسحب هويته المقدسية قبل عام، حيث تفاجأ الحموري بنقله في سيارة عسكرية من سجن هداريم إلى مكان مجهول عند منتصف الليل، وتم احتجازه في السيارة مكبلا بيديه وقدميه حتى الساعة السادسة والنصف صباحًا؛ ليتفاجأ حينها بنقله إلى الطائرة، ظل الحموري مكبلا طوال الرحلة، ولم يسمح له بالدخول إلى دورة المياه إلا مرة واحدة بعد إصرار وعدة طلبات.

ويلاحظ ارتفاع في وتيرة إصدار سلطات الاحتلال لقرارات الإبعاد ما بين العام 2022، وعام 2021 الذي رصد فيه 473 قرارًا بالإبعاد عن مناطق مختلفة.

وحول وجود تهديد للمقدسيين لإبعادهم من أرضهم قال الرفاعي: "لولا وجود المقدسيين، وتمسكهم بأرضهم، وتحملهم لكل هذه الجرائم التي يتم ارتكابها بحقهم منذ عام 1967 وحتى الآن؛ لوجدنا القدس الآن مهوّدة (تهويد)".

ويتفق عيسى مع بصير والرفاعي بالرأي قائلا، إن سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي معروفة في رمضان؛ وهي العقاب الجماعي، وحرمان الفلسطينيين من الوصول للمسجد الأقصى الحرم القدسي الشريف، وتكثيف انتشار جنود الاحتلال في القدس بشكل يستفز المصلين.

الرفاعي قال، إن "الصمود الأسطوري الذي يبديه المقدسيون أمام كل هذه الجرائم التي ترتكب بحق البشر والحجر والشجر والأرض في مدينة القدس صمود لا يستطيع أي شعب آخر أن يتحمله".

وتابع الرفاعي: " المقدسي عودنا بكل معاركنا المفصلية مع الاحتلال أن الرهان عليه رابح دائما، وأنه هو رأس الحربة في كل تلك المعارك، من معركة البوابات الإلكترونية، إلى معركة الخان الأحمر، إلى مصلى باب الرحمة، إلى الشيخ جراح".

وشدد الرفاعي على أن الوجود الديمغرافي والسكاني للمواطن المقدسي والبالغ 40% من مجموع سكان القدس هو الضمانة الوحيدة بأن لا تهوّد مدينة القدس، وأن لا تصبح مدينة غربية على نطاق ما جرى في تل أبيب، وفي باقي المدن الإسرائيلية، علما أن الحكومات الإسرائيلية تسعى لأن تخفض هذا الوجود العربي إلى 12% في القدس المحتلة.

وجود المقدسيين هو الضمانة التي جعلت القدس صامدة وجعلتها تفتخر بعروبتها وبهويتها الإسلامية والمسيحية - مستشار إعلام محافظة القدس معروف الرفاعي

تُمعن سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محاولة العبث بالنسيج الوطني الفلسطيني في القدس المحتلة؛ عبر تغريب المسيحيين وحملهم على الهجرة، مما يعرض الوجود المسيحي في المدينة المقدسة إلى خطر يُحدق بتاريخ المدينة وديمغرافيتها.

وأشار بصير إلى أنه في الوقت نفسه تسهل سلطات الاحتلال اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى.

يعاني المقدسيون المسيحيون من وضع "كئيب جدا" وهجرات متتالية بعد أن زرع الإسرائيليون في عقولهم أن الخارج أجمل وأكثر أمانا وديمقراطية، بحسب تصريح سابق قاله الناشط المقدسي نضال عبود لـ"المملكة".

يشتكي عبود بدوره من حرمان الإسرائيليين للمسلمين من حضور بعض المناسبات الدينية المسيحية، بقوله، إن "المسلم ممنوع أن يحضر معنا سبت النور، والمسلم ممنوع عليه أن يدخل من باب جديد (أحد أبواب القدس) ...".

هدم

بلغ عدد عمليات الهدم والتجريف في محافظة القدس 315 عملية خلال العام 2021، بينما في العام 2022 بلغ عدد عمليات الهدم 306؛ منهم 98 بآليات الاحتلال الإسرائيلي، وفق الرفاعي.

وقال الرفاعي: "الضرائب الإسرائيلية المفروضة على أبناء الشعب الفلسطيني في القدس لا يستطيع تحملها لا المواطن المقدسي، ولا حتى ميزانية الحكومة الفلسطينية".

وبين الرفاعي، أن رخصة البناء في القدس قد تتجاوز قيمتها نصف مليون شيكل، وقد تبلغ عملية هدم أي منزل أكثر من 100 ألف شيكل.

وتابع: "عندما لا يستطيع المواطن أن يدفع الترخيص يتم هدم بيته، وعندما لا يستطيع أن يدفع ثمن هدم منزله ويرفض أن يهدمه بيديه تقوم سلطات الاحتلال باعتقاله، أو بمصادرة ممتلكاته، وفرض رسوم باهظة على صاحب المنزل".

وقال: "يجب على العرب دعم صمود المقدسيين، واستغلال علاقاتهم الدبلوماسية، وعمليات التطبيع التي تجري مع بعض الأنظمة العربية، وخاصة في دول الخليج العربي؛ للضغط على حكومة نتنياهو، للتخفيف عن المقدسيين، ووقف التصعيد والهدم" .

عيسى قال أيضا، إن المقدسي يُجبر على هدم بيته بيده؛ حتى لا يدفع تكاليف الهدم الباهظة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وقال عيسى، إن أسباب الهدم متعددة؛ منها حجج تتعلق بعدم الحصول على رخصة بناء، أو قيام أحد أفراد العائلة بعملية، والنتيجة هدم بيت أسرته، وهذه سياسة سلطات الاحتلال؛ لتخويف أي شخص من الإقبال على العمليات.

وبحسب عيسى؛ فإن عائلته اضطرت لدفع مخالفة قدرها 70 ألف دولار عام 2006؛ لمنع هدم بيته بحجة الرخصة.

أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأشد تطرفا منذ 20 سنة بعد حكومات إسحق شامير وأرئيل شارون - مستشار إعلام محافظة القدس معروف الرفاعي

ويرى الرفاعي أن السنة الحالية ستكون سنة تصعيدية وقاسية على الشعب الفلسطيني أيضا.

وشدد الرفاعي على أن ما يجري الآن من عصيان مدني، ومن تصاعد لمظاهر المقاومة ومن إضرابات شاملة في مناطق القدس كافة هو رد على الجرائم الإسرائيلية وعلى القرارات التي تتخذها حكومة بنيامين نتنياهو.

وبحسب الرفاعي قال: "ننظر إلى السنة بأنها ستكون صعبة ومليئة بالإجرام والانتهاكات العنصرية، ومليئة بتصاعد عمليات القمع والاعتقال والهدم وسيؤدي ذلك إلى مزيد من عمليات الفعل ورد الفعل، وزيادة عمليات الإجرام الإسرائيلي بحق أبناء المدينة المقدسة".

مساعدات مالية

وحول المطلوب عربيا وعالميا لدعم مدينة القدس قال الرفاعي، المطلوب عربيا هو دعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني، وتعزيز ما اتفق عليه في مؤتمر القاهرة وتخصيص صناديق سواء حكومية أو حتى من رجال أعمال عرب أو حتى من مستثمرين عرب؛ لتعزيز صمود الفلسطينيين.

ودعا الرفاعي لتقديم مساعدات مادية لتعزيز صمود أهالي القدس بظل وجود أوامر هدم يومية، إضافة لعملية القتل ومصادرة الممتلكات والتنكيل، بالإضافة إلى حاجة المقدسيين إلى دعم قانوني ودبلوماسي دولي.

وتابع الرفاعي: "القدس محتلة، وكل العالم والمجتمع الدولي يعترف بأن القدس الشرقية هي واقعة تحت الاحتلال، وبأن إسرائيل هي القوة القائمة بالاحتلال؛ وبالتالي هناك مسؤوليات دينية وعروبية وأخلاقية على الأنظمة العربية".

أما عالميا؛ فقال الرفاعي، إن المجتمع الدولي يكيل بمكيالين؛ فهو ينظر بعين إلى كل ما يجري في العالم مثل الحرب الأوكرانية الروسية، ويغض الطرف عما تقوم به إسرائيل من عمليات إجرامية داخل الأرض المحتلة وداخل القدس بشكل خاص.

وتابع: "إسرائيل لولا إفلاتها من العقاب، ولولا عدم تحرك المجتمع الدولي والقانون الدولي ضد قادتها وضد الجرائم التي تقوم بها، لما استطاعت أن تصل إلى هذا الحد من الإجرام ضد أبناء مدينتنا المقدسة".

هناك الكثير من التقارير والكثير من الجرائم المكتملة الأركان يمكن للمجتمع الدولي أن يقاضي إسرائيل وأن يقاضي قادة هذا الاحتلال المجرم على ما يقومون به من قتل ومن تشريد ومن عمليات هدم ومن عمليات تنكيل بأبناء شعبنا الفلسطيني- مستشار إعلام محافظة القدس معروف الرفاعي

وقال الرفاعي، إن "المجتمع الدولي يكيل بمكيالين، ويغض الطرف عن التقارير الصادرة عن بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة منظمة يونسكو ويونسيف ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة العفو الدولية".

وتابع الرفاعي:" كل هذه التقارير اعتبرت أن ما تقوم به إسرائيل في مدينة القدس يندرج تحت جرائم حرب، وشبهتها بنظام الفصل العنصري البائد في جنوب إفريقيا، فلماذا لا يتم تقديم قادة إسرائيل لمحاكم الجنايات الدولية؟ ولماذا لا يتم لجم الإجرام الإسرائيلي؟ ولماذا لا يتم فرض عقوبات على إسرائيل كما يتم هنا وهناك".

المستوطنات وسكان القدس

وبموازاة هذا التفريغ السكاني الممنهج، تشخص في الآفاق وحوش خرسانية تتوعد المدينة بالقضم؛ ألا وهي المستوطنات التي تُبنى على نحو يخالف المواثيق الدولية، ففي القدس وحدها 26 مستوطنة يحتلها 332,294 مستوطنا على غير وجه حق أو قانون، أما في مجمل الضفة الغربية؛ فبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية 151 مستوطنة يحتلها 712,815 مستوطناً.

وتعتبر المستوطنات مؤشرا مقلقا على مستقبل الرقعة التي اتفق العالم على إقامة دولة فلسطينية عليها، لكن يبدو أنه فقد الذاكرة.

بلغ عدد السكان المقدر في محافظة القدس 471,834 فرداً منتصف العام 2021، ويشكل عدد السكان في المحافظة ما نسبته 9.0% من مجموع السكان في فلسطين، و 15.1% من مجموع السكان في الضفة الغربية، وفق كتاب القدس الإحصائي السنوي 2022 الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

بلغ عدد الشهداء في محافظة القدس 171 شهيداً خلال الفترة 2000-2020، منهم 6 شهداء خلال العام 2020.

وارتقى خلال العام الماضي (2022) 19 شهيدا في القدس، من بينهم صحفية وطفلة، وفق التقرير السنوي الصادر عن محافظة القدس.

بلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية في نهاية العام 2020 في محافظة القدس 26 مستعمرة، ويتضح من البيانات أن نحو 47% من المستوطنين يسكنون في محافظة القدس بواقع 332,294 مستوطنا.

وبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية 151 مستعمرة يقيم فيها 712,815 مستوطنا.

واستكمالا لمحاولات طمس الهوية الإسلامية والأحقية الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة؛ أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على خطوة تستهدف تفريغ القدس من أهلها، وذلك من خلال تحويل بطاقات الهوية الخاصة بالمقدسيين إلى "هويات مؤقتة" أي تنتهي صلاحيتها بعد عدد من السنوات، وتصبح بحاجة لتجديد.

وما زالت البيانات عن مصادرة وإلغاء بطاقات الهوية المقدسية تستند بشكل أساسي على ما يتم الإعلان عنه رسميا من خلال وزارة الداخلية الإسرائيلية، التي تشير إلى مصادرة 14,701 بطاقة في الفترة ما بين 1967- 2020، جزء من هذا الرقم يمثل هويات أرباب الأسر، وهذا يعني سحب هوية الأفراد المسجلين ضمن هوية رب الأسرة بشكل تلقائي؛ وعليه فإن عدد الأفراد الذين تم سحب هوياتهم أعلى من هذا الرقم بكثير.

وتشير معاناة أهل القدس لحاجتهم للدعم العربي والإسلامي والعالمي لتثبيتهم على أرضهم، وتعزيز صمودهم؛ دفاعا عن حقهم بالبقاء والحياة والعبادة.

ويحتاج أهالي القدس للدعم المالي المباشر، وغير المالي؛ لوقف اقتلاعهم من أرضهم التي ولدوا فيها ويموتون عليها.

المملكة