أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، أن كارثية الفشل في تنفيذ حل الدولتين تتجلى يوميًا في الأراضي الفلسطينية، قتلاً ودمارًا وتجويعًا، مشددًا على أن القانون الدولي والقانون الإنساني أصبحا مجرد شعارات تُرفع دون تطبيق فعلي.

كلمة الصفدي جاءت خلال الجلسة الرئيسية لمؤتمر الأمم المتحدة الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين، التي عُقدت مساء الاثنين في نيويورك.

وقال: "الاحتلال جعل من غزة مقبرة لأهلها، فيما يُقتل الفلسطينيون ويُجوعون أمام أعين العالم"، محذرًا من أن الأمل بالسلام يموت في ظل غطرسة الاحتلال واستمراره في فرض سياسات القمع والعدوان.

وشدد الصفدي على أن حل الدولتين يظل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل، الذي ينهي الاحتلال والقهر والقمع، ويجسّد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، على التراب الوطني الفلسطيني، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.

ودعا إلى وقف فوري للحرب على غزة وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان القطاع المحاصر.

في الضفة الغربية المحتلة، حيث يتسارع الاستيطان، وتزداد مصادرة الأراضي، ويُستباح الدم الفلسطيني، وتُنتهَك مقدسات المسلمين والمسيحيين، ويموت الأمل بالسلام، الذي يشكل الضامن الوحيد لأمن الفلسطينيين ولأمن إسرائيلوزير الخارجية أيمن الصفدي

وأضاف أن استمرار الصمت الدولي أمام هذه الانتهاكات يهدد ليس فقط أمن المنطقة بل مصداقية المنظومة الدولية بأكملها، مجددًا موقف الأردن الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال "نرى غطرسة القوة الإسرائيلية على القانون الدولي، وعلى سيادة الدول في لبنان حيث تخرق إسرائيل اتفاق وقف النار. ونراها في سوريا، حيث تجتاح إسرائيل المزيد من الأرض السورية، وتعبث بشؤون سوريا الداخلية في الوقت الذي يدعم العالم كله إعادة بناء سوريا الجديدة الحرة المستقرة التي يعيش فيها كل السوريين بأمن وحرية وكرامة ومساواة".

"لا بد من أن يتحرك المجتمع الدولي بحزم وفاعلية لوقف الإجراءات الإسرائيلية اللا شرعية التي تقوض حل الدولتين في الضفة الغربية المحتلة"، وفق الصفدي، مضيفا أن "اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يجب أن يطبق، والاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وتدخلاتها المستهدفة ضرب استقرار سوريا، وسرقة حق شعبها في الأمان والاستقرار وإعادة البناء يجب أن تنتهي".

وأكد الصفدي، أن السلام العادل خيار عربي استراتيجي أكّدته مبادرة السلام العربية مذ عام 2002، وينهي الاحتلال، ويضمن لإسرائيل الأمن وعلاقات طبيعية مع كل الدول العربية.

وأشار إلى أن هذه المبادرة، التي تدعمها منظمة التعاون الإسلامي أيضًا، 57 دولة عربية ومسلمة "ما تزال قائمة تنتظر شريكًا إسرائيليًّا ينخرط في مفاوضات حقيقية لترجمة وعدها سلامًا شاملًا دائمًا".

وتابع الصفدي "إذا لم يكن تنفيذ حل الدولتين متاحًا اليوم. فحمايته ووقف الإجراءات التي تقوضه ضرورة عاجلة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة نحو ذلك".

هذه حال تعري إنسانيتنا، تهدد أمننا الجماعي، تنسف مصداقية القانون الدولي وميثاق أممنا المتحدة أكثر، وتجعل الصراع مستقبل المنطقة، كما كان ماضيها، وكما هو راهنهاوزير الخارجية أيمن الصفدي

ودعا الصفدي كل دول العالم إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مؤكدا أن الاحتلال والسلام نقيضان لا يجتمعان، والاحتلال والأمن ضدان لا يلتقيان.

وأضاف أن "قتل الأطفال الفلسطينيين، تدمير مدارسهم ومساجدهم وكنائسهم لن يحقق السلام، ووحده السلام العادل يضمن أمن الفلسطينيين والإسرائيليين، ويبني مستقبل الاستقرار والتعاون الذي نريده جميعًا".

وتابع "نثمن الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية، ونشكرها ونشكر من سبقها من دول في اتخاذ هذا القرار، وندعو كل دول العالم إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تأكيدًا على وقوفها إلى جانب الحق، مع السلام، ومع القانون الدولي".

وأكد الصفدي أن الأردن سيستمر في دعم حق الشعب الفلسطيني في الحياة والحرية والدولة، ويكرس كل إمكاناته لتحقيق السلام العادل الذي يلبي الحقوق، السلام الذي تقبله الشعوب، وينهي الصراع ويحقق الأمن والاستقرار.

لن يؤدي مؤتمرنا اليوم إلى تنفيذ حل الدولتين. لكنه رسالة ضرورة أن العالم لا يرى إلا فيه طريقًا للسلام الذي يحمي المنطقة والأمن الدولي من ويلات المزيد من الصراع. وزير الخارجية أيمن الصفدي

وبين الصفدي: "من كان لديه بديل عن حل الدولتين فليقدمه"، مؤكدا على أن "الشعب الفلسطيني باقٍ في أرضه، ومتمسك بحقه".

وتساءل "هل سيبقى أكثر من خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة المحتلة ضحايا احتلال لا يرى إليهم بشرًا يستحقون ما يستحقه غيرهم من الشعوب من حياة كريمة وحرية وحق تقرير المصير؟، وهل الدولة الواحدة حيث يحصل الفلسطينيون على حقوقهم الإنسانية والسياسية خيار متاح؟ أم أن التمييز العنصري الممأسس إن لم ينفذ حل الدولتين حتمية ستعرّي ما تبقى من صدقية للقانون الدولي، وتجعل من السلام العادل الذي نريده جميعًا هدفًا مستحيلًا".

وأشار الوزير إلى أن "الحكومة الإسرائيليلة تقف ضد اجتماع اليوم وترفضه حدثًا لن يثنيها عن مسار تقويض حل الدولتين الذي تنتهجه، وتدعي أن المفاوضات تحل الصراع. لكنها ترفض أن تفاوض، وتشرّع قوانين ضد حق الفلسطينيين في دولتهم، وتصادر أرضهم، وينكر المتطرفون في هذه الحكومة إنسانية الشعب الفلسطيني".

وأضاف "إذا أرادت إسرائيل التفاوض فالقيادة الفلسطينية مستعدة لبدء مفاوضات ندعمها جميعًا اليوم، للوصول إلى سلام عادل يضمن الحقوق المشروعة للجميع".

وأردف الصفدي "لكن إسرائيل لا تفاوض. هذه هي الحقيقة. وآن للمجتمع الدولي أن يتحرك إزاءها وفق قناعاته التي تؤكّد دعمه حل الدولتين، وأن يتخذ خطوات عملانية واضحة لدعم تنفيذ هذا الحل، والتصدي بكل الأدوات المتاحة لمن يحول دون تنفيذه، ويحرم الفلسطينيين والإسرائيليين وكل شعوب المنطقة من حقهم في العيش بسلام.

واختتم قائلا إن المؤتمر "صرخة دولية مشتركة، كفى صراعًا واحتلالًا وقتلًا وقهرًا"، مشددا على الموقف الجماعي الذي يؤكد على أن "السلام العادل خيارنا، طريقه حل الدولتين، وما يحمله من فرصة لبناء مستقبل يسوده العدل لا الظلم، الأمل لا اليأس، والتعاون لا الصراع".

المملكة