تسببت الحرب الأهلية في جنوب السودان ببتر أطراف عشرات آلاف الأشخاص فيما فرص الحصول على الرعاية الصحية اللازمة محدودة في هذا البلد نتيجة القتال وغياب البنى التحتية إذ عادة ما تكون الطرق غير سالكة خلال موسم الأمطار.

يلعب ستيفن البالغ من العمر 12 عاما في الفناء المشمس ويتنقل بين أشخاص مقعدين على كرسي متحرك وهو يلهو مع أطفال آخرين، وبالكاد تشكل ساقه الصناعية عائقا.

فعندما كان في الخامسة من العمر، اصطدمت السيارة التي كان يستقلها هو وعائلته بلغم أرضي في بلدة بانتيو الواقعة في شمال البلاد. ونتيجة الحادث، قتلت جدته وأصيبت ساقه اليسرى وكان لا بد من بترها.

فنقل ستيفن إلى مركز لإعادة التأهيل البدني تديره اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جوبا، يضم أيضا مشغلا لصنع الأطراف الصناعية ومستشفى للمرضى الآتين من كل أنحاء البلاد لتزويدهم أطرافا جديدة.

وقال ستيفن مشيراً إلى قدمه الصناعية "تساعدني في الذهاب إلى المدرسة".

وبعد حصوله على رجل صناعية في العام 2013، منعت الحرب ستيفن من العودة لإجراء قياسات جديدة كل ستة أشهر على النحو الموصى به.

وعندما وصل أخيراً إلى المركز هذا الشهر، كانت رجله الصناعية أصبحت قصيرة جدا.

ويأتي نحو 60% من المرضى إلى هذا المركز في جوبا وهو واحد من أصل ثلاثة موجودة في البلاد، بعد تعرضهم لإصابات وإعاقات سببها إطلاق النار، وفقا للصليب الأحمر.

وتبتر أطراف كثيرة أيضا بسبب النقص في العلاجات اللازمة.

وقال المتخصص في الأطراف الصناعية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جوبا ريجيس تيفينو "قد تعالج إصابة بسيطة أو كسر صغير في معظم البلدان بسهولة... أما هنا فقد تتسبب في التهابات تؤدي إلى بتر الأعضاء بسبب مشكلات في الرعاية الصحية".

وأوضح "غالبية المرضى يتأثرون بالحرب بطريقة أو بأخرى".

وأصبح أشخاص آخرون معوقين بسبب شلل الأطفال أو الكساح المرتبط بسوء التغذية أو غيرها من الأمراض التي تم القضاء عليها في أجزاء كثيرة من العالم.

عدم القدرة على الوصول

في هذا المصنع، يوضع الجص على قوالب من الأرجل التي تدور في آلات بينما يشكلها العمال ويضعونها في هياكل بلاستيكية.

وقال مدير المشغل إيمانويل لوباري إنه يمكن صنع طرف صناعي خلال يوم واحد بعد أخذ المقاسات للمريض. وفي العام الماضي، صنع المركز 580 طرفا صناعيا وتكفلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدفع ثمنها.

لكن تحديات كثيرة تواجه المرضى الذين يحتاجون إلى تجربة الأطراف الصناعية.

وأوضح لوباري "ثمة الكثير من المرضى الذين لا يمكنهم الوصول إلى المركز لإجراء القياسات".

في جنوب السودان الطرق سيئة لدرجة أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعتمد على طائرات ومروحيات لنقل المرضى إلى المستشفيات ومراكز إعادة التأهيل البدني.

وفي موسم الأمطار، قد يكون من الصعب الهبوط في الكثير من المناطق النائية.

إلا أن إحضار الأشخاص الذين أصيبوا خلال هذه الحرب الأهلية من أنحاء البلاد، يجلب مشكلاته الخاصة.

وقال العامل الاجتماعي جايمس سوما "يأتون إلى هنا في حالة صدمة، وبعضهم مصاب بطلقات نارية أو ألغام... نتحدث معهم عن التسامح"، وفي بعض الأوقات يتهجمون على بعضهم البعض بسبب انتماءاتهم العرقية.

الأطفال والأطراف الصناعية

ويحتاج الأشخاص الذين سبق أن استخدموا طرفا صناعيا مثل ستيفن، إلى يومين أو ثلاثة أيام قبل تمكنهم من العودة إلى ديارهم. لكن بالنسبة إلى المرضى الجدد قد يستغرق الأمر أسابيع.

وقالت اوكيتا روبرت كانيارا المعالجة الفيزيائية "يأتي إلى المركز الكثير من الأطفال (...) لدينا أطفال أصيبوا بطلقات نارية فيما كانت أمهاتهم تحملهم على ظهورهن".

وهناك مرضى أصيبوا بلدغات أفعى مثل لايتول التي تبلغ خمس سنوات. ويقول الأطباء في المركز إنه "كان من الممكن إنقاذ رجلها من البتر" لو أنها حصلت على المساعدة في الوقت المناسب.

وأوضحت كانيارا أن العمل مع الأطفال صعب لأنهم لا يمكنهم تفهم أوضاعهم مثل الكبار.

وأخبرت أن العمل مع ستيفن كان صعبا جدا لكن لايتول تأقلمت مع وضعها الجديد بشكل أسرع.

أ ف ب