استضاف ملتقى مستقيل الإعلام والاتصال الـ3 في يومه الثاني جلسة حوارية بعنوان "الأدوات الرقمية مصدرة للتطرف وخطاب الكراهية.. الواقع وآليات المواجهة" ضمن فعاليات ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال الـ3، شاركت فيها المستشارة الاستراتيجية لقناة الغد دانة الصياغ، والرئيس السابق لجمعية الصحفيين الإماراتية محمد الحمادي.
وأكدت الصياغ أن الإشكالية لا تكمن في جدوى محاربة خطاب الكراهية بقدر ما تتعلق بالجهة التي تتولى هذه المواجهة، معتبرة أن ساسة كُثرا يوظفونه لخدمة أهدافهم، مما جعله ظاهرة عالمية.
وأشارت إلى أن هذا الخطاب تم تطبيعه في المجال السياسي وأصبح أداة بيد الحكومات، في ظل تراجع القيم المشتركة والبعد الإنساني في الخطاب العام، مما جعل النقاشات تنحصر في حجرات صدى رقمية.
وشددت على أن الفاصل بين خطاب الكراهية وحرية التعبير ضيق، وأن الإشكال لا يكمن في وجود التعريفات المتعددة بل في غياب تشريعات واضحة وأرضية مشتركة تحد من انتشاره.
ورأت أن إغلاق التعليقات على المنصات الرقمية ليس حلاً؛ لأن هذه المساحات تمثل مجالاً للحوار، وأن المطلوب هو امتلاك أدوات الحجة، وتعزيز ثقافة الحوار بدل الإقصاء.
كما لفتت الصياغ إلى أهمية الذكاء الاصطناعي ودور اللغة العربية في تعزيز حضور المنطقة في هذا المجال، مؤكدة أن ضعف المدخلات بالعربية ينعكس على محدودية النتائج.
وأوضحت أن خطاب الكراهية دخيل على المجتمعات العربية، وأن مفردات مثل "العنصرية" لم تكن جزءاً من ثقافتنا في الماضي، داعية إلى العودة إلى القيم الجذرية، وتعزيز الاعتزاز بالهوية الوطنية، وهو ما يظهر في مظاهر الانتماء لدى الجيل الجديد، الذي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيزه.
ورأت أن التعليم أساس للتعامل مع الفضاء الرقمي؛ إذ يجب أن تكون حرية التعبير أداة للاختلاف في الرأي لا للتحريض، مما يستدعي وضع تشريعات ومفاهيم وقيم تضمن أن يبقى الفضاء الرقمي مساحة للتعبير لا لنشر الكراهية. كما شددت على أن للمؤسسات الإعلامية دورًا محوريًا في محاربة هذا الخطاب.
من جهته، استعرض الحمادي أرقامًا تظهر حجم المشكلة، مشيراً إلى تقرير لليونسكو أفاد بأن 67% من المستخدمين تعرضوا لشكل من أشكال خطاب الكراهية أو العنف، فيما سجلت منصة "إكس" ثلاثة ملايين بلاغ خلال ستة أشهر فقط. وأوضح أن الفارق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية دقيق جداً، إذ تنتهي الحرية عندما تتحول إلى تهديد أو إساءة للآخر.
وأشار إلى أن التشريعات الخاصة بالنشر الإلكتروني تحولت في كثير من الأحيان إلى قيود أكثر من كونها أدوات تنظيم، لافتًا النظر إلى أن حرية التعبير تواجه معضلة عالمية لا تقتصر على الشرق، بل تشمل الغرب أيضاً. وأكد أن الأجيال الجديدة ترفض القيود الصارمة على وسائل التواصل، مما يستدعي تنظيماً مرناً يراعي واقعهم الرقمي.
كما دعا الحمادي إلى تطوير التشريعات والوعي في التعامل مع العالم الرقمي، مؤكداً ضرورة إدماج التربية الإعلامية بشكل أوسع لمواجهة خطاب الكراهية والأخبار المضللة. وشدد على أهمية إعداد الأطفال للتعامل مع الذكاء الاصطناعي الذي أصبح جزءاً من المستقبل، محذراً من أن المنطقة العربية باتت مستهدفة بحملات تنشر خطاب الكراهية وتعيد إنتاجه داخل مجتمعاتها.
ورأى الحمادي أن مواجهة الظاهرة تبدأ بالاعتراف بوجودها وتحديد الجهات التي ترعاها، إلى جانب رفع الوعي وسن تشريعات تحد من منابعها. وبيّن أن التنشئة السليمة للأطفال تمنحهم مناعة في التعامل مع الكراهية، داعياً إلى تعزيز الخطاب الإيجابي كأداة لمواجهة بيئة رقمية مشبعة بالتوتر والعداء.
المملكة