قال السفير السابق زياد المجالي الاثنين، إن الكفاح الفلسطيني وإرادة الشعب الفلسطيني المستمرة لنيل حقوقه وفقًا للشرعية الدولية، إلى جانب الأحداث التي شهدها قطاع غزة، كانت من العوامل الأساسية التي ساعدت في الاعترافات الدولية بدولة فلسطين.
وأضاف المجالي، خلال حديثه في برنامج "صوت المملكة"، في حلقة تناولت مؤتمر حل الدولتين والاعترافات الدولية بدولة فلسطين، أن هناك العديد من الأطراف، من بينها الأردن، التي لم تدخر جهدًا في دعم القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن جلالة الملك عبد الله الثاني كان دائمًا على رأس أولوياته دعم القضية الفلسطينية، وكانت القضية حاضرة بشكل مستمر في تحركاته وأعماله الدولية.
وأوضح المجالي أن الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين يحمل رمزية كبيرة، خاصةً أنه جاء من دولة صاحبة وعد بلفور، التي كان لها دور رئيسي في نشوء القضية الفلسطينية والمأساة التي عاشها الشعب الفلسطيني منذ بداياتها.
من جانبه، قال الوزير السابق وأستاذ العلاقات الدولية غسان الخطيب، إن الاعترافات الدولية بدولة فلسطين تحمل العديد من الرسائل، أولها رسالة أمل للشعب الفلسطيني الذي وصل إلى مراحل من اليأس؛ بسبب التراجع الدولي عن دعم القضية الفلسطينية وحل الدولتين.
وأضاف الخطيب أن هذه الاعترافات توجه أيضًا رسالة قوية إلى إسرائيل، مفادها أن العالم لم يعد يقبل بالسياسات الإسرائيلية القائمة على الفكر التوراتي، الذي يدعي أن الأراضي الفلسطينية هي جزء من "إسرائيل التاريخية" مؤكدا أن الاعترافات تمثل رسالة في الاتجاه المعاكس لتلك السياسات.
وأشار الخطيب إلى أن الشعب الفلسطيني ينظر إلى هذه الاعترافات الدولية بتفاؤل، رغم أنها لا تحمل تبعات عملية مباشرة، خصوصًا في ظل ما يحدث في قطاع غزة. ومع ذلك، أكد أنه يمكن البناء على هذه الاعترافات للضغط على إسرائيل، واتخاذ إجراءات عقابية قد تساهم في تغيير الواقع على الأرض.
ويلتئم الاثنين، المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية وتنفيذ حلّ الدولتين، الذي ترأسه السعودية وفرنسا.
وسيشهد المؤتمر مشاركة واسعة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى جانب منظمات دولية وإقليمية معنية بعملية السلام في الشرق الأوسط.
وسيبدأ المؤتمر بكلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود عبر "الفيديو" يليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ثم رئيسة الجمعية العامة أنالينا بيربوك، فكلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس عبر "الفيديو".
ويشارك الأردن في أعمال المؤتمر، حيث تحتل القضية الفلسطينية دائما اهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني والمسؤولين الأردنيين، إذ يؤكد الأردن في جميع المحافل العربية والدولية على مركزية القضية الفلسطينية وأهمية إطلاق جهد سياسي حقيقي وفاعل يفضي إلى تنفيذ حل الدولتين وفق المرجعيات المعتمدة بما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية سبيلا وحيدا لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم.
ويشدد الأردن دائما على أن السلام في المنطقة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حل عادل يقوم على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وعلى رأسها القراران 242 و338.
ويأتي المؤتمر في وقت بالغ الأهمية، حيث يعاني الشعب الفلسطيني من ظروف صعبة جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، وانتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى، وضم أراض من الضفة الغربية، واعتداءات المستوطنين، ومساعي إسرائيل في تهجير الفلسطينيين من وطنهم، وسط غياب أي تقدم ملموس على صعيد مفاوضات السلام.
إعلان نيويورك
ويعتبر إعلان نيويورك ثمرة مؤتمر دولي انعقد في الأمم المتحدة في تموز الماضي استضافته السعودية وفرنسا عن الصراع المستمر في فلسطين منذ عقود، وقاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويتضمن إعلان نيويورك مجموعة من البنود الرئيسة التي تركز على المواقف والالتزامات الدولية بشأن عملية السلام وحل الدولتين، كما ينص الإعلان على "خطوات ملموسة ومحددة زمنيا ولا رجعة فيها" نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويؤكد الإعلان "ضرورة اتخاذ إجراءات جماعية لإنهاء الحرب في غزة" و"انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية" وفق "مبدأ حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد".
كما يؤكد الإعلان أن الحرب والاحتلال والتهجير القسري لن تحقق السلام ولا الأمن، وأن الحل السياسي وحده قادر على ذلك، مشددا على أن إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتنفيذ حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتلبية التطلعات المشروعة، وفقا للقانون الدولي.
ويشدد الإعلان على أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ويجب توحيدها مع الضفة الغربية، ووجوب إنشاء لجنة إدارية انتقالية فورا للعمل في غزة بعد وقف إطلاق النار تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية.
ويؤكد الإعلان الالتزام بحشد الدعم السياسي والمالي للسلطة الفلسطينية، لمساعدتها على تعزيز قدراتها المؤسسية وتنفيذ برنامجها الإصلاحي وتحمل مسؤولياتها في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضرورة الإفراج الفوري عن عائدات الضرائب الفلسطينية المحتجزة، ووضع إطار جديد لتحويل إيرادات المقاصة، فضلاً عن الدمج الكامل لفلسطين في النظام النقدي والمالي الدولي، وضمان علاقات مصرفية مستدامة وطويلة الأجل.
ويدعو إلى الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، والالتزام باعتماد تدابير تقييدية ضد المستوطنين المتطرفين العنيفين والجهات والأفراد الذين يدعمون المستوطنات غير القانونية، وفقًا للقانون الدولي.
كما يدعو إسرائيل إلى إصدار التزام علني وواضح بحل الدولتين، بما في ذلك دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة، وإلى إنهاء العنف والتحريض ضد الفلسطينيين فورا، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية والاستيلاء على الأراضي وأعمال الضم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، والتخلي علنا عن أي مشاريع ضم أو سياسات استيطان، ووضع حد لعنف المستوطنين.
ويؤكد "إعلان نيويورك" أن التعايش والعلاقات الطبيعية بين شعوب المنطقة ودولها لا يكون إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ذات سيادة.
الاعتراف بدولة فلسطين
تعترف رسميا أكثر من 150 دولة بالدولة الفلسطينية من بين 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة، بعد أن اعترفت بها الأحد كل من بريطانيا، وأستراليا، وكندا، والبرتغال.
واعترفت أول دولة بفلسطين في العام 1988، وتعتزم 10 دول حتى الآن الاعتراف بدولة فلسطين، منها (فرنسا، بلجيكا، لوكسمبورغ، مالطا، أندورا، وسان مارينو).
وتتمتع فلسطين بصفة "دولة مراقبة دائمة" في الأمم المتحدة، مما يسمح لها بالمشاركة دون حق التصويت.
ومن المتوقع أن يشهد الاجتماع نقاشا موسعا حول كيفية تجاوز الجمود الحالي، لتظل الآمال قائمة في أن يُفضي اللقاء إلى خارطة طريق جديدة تدعم المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع تكثيف الضغط الدولي على جميع الأطراف لإعادة إطلاق الحوار السلمي بشكل جاد وفعّال.
وفي الوقت الذي تبقى فيه التحديات كبيرة أمام تحقيق السلام الدائم في المنطقة، يظل مؤتمر "حل الدولتين" فرصة جديدة لتفعيل العملية السلمية، وإعادة الزخم للمفاوضات، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويحقق الاستقرار الدائم في الشرق الأوسط.
المملكة