أعادت مشاهد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لغزيين عالقين داخل طائرة لدى وصولهم إلى جوهانسبيرغ في جنوب إفريقيا، بلا أي معلومة واضحة عن خط سير رحلتهم أو الجهة التي أشرفت على نقلهـم، التساؤلات عن كيفية مغادرة هؤلاء غزة، وبأي آلية، ومن هي الجهة التي تدير هذا المسار؟

ويتم السفر من قطاع غزة من خلال الفترة الحالية من خلال قنوات واضحة ومحدودة، أولها تشمل الحالات المرضية التي تتولى منظمة الصحة العالمية تنسيق خروجها بالتعاون مع الدول المضيفة، إضافة إلى حالات لمّ الشمل التي تسعى فيها بعض الدول الأوروبية إلى إجلاء أقارب مواطنيها من غزة من الدرجة الأولى والثانية.

وبحسب تقرير للمملكة فقد برزت إلى جانب ذلك طريقة ثالثة، عبر مؤسسة غير معروفة تُطلق على نفسها اسم "مجد أوروبا".

الموقع الإلكتروني للمؤسسة وبحسب "تتبع المملكة" يعرّفها بأنها منظمة إنسانية تأسست في ألمانيا عام 2010 وتتخذ من القدس مقراً رئيسياً لها.

لكن التتبع الذي أجرته قناة "المملكة" كشف أن العنوان المعلن للمقر الرئيس في حي الشيخ جراح هو عنوان وهمي بالكامل، ولا وجود فعليا له، إضافة إلى أن الموقع يقع بالقرب من مواقع أمنية إسرائيلية حساسة مثل وزارة الداخلية، وهو ما يثير علامات استفهام إضافية عن طبيعة المؤسسة.

كما أظهرت المتابعات أن موقع المؤسسة أُنشئ فقط في شباط 2025، بدون أي دليل على وجود نشاط سابق، سواء أكان إنسانيا أم غيره، وبدون العثور على أي تسجيل قانوني فعلي في ألمانيا أو القدس.

صحيفة هآرتس كشفت أن الجهة التي تُدير مؤسسة "مجد أوروبا" هي شخصية تحمل جنسيتي إسرائيل وإستونيا، ويدعى تومر يانار ليند، ووفق الصحيفة لم يثبت أن المؤسسة أدت أي دور إنساني فعلي قبل نشاطها المفاجئ في غزة، ولم يُعثر على أي سجل قانوني لمؤسسة تحمل هذا الاسم.

كما وثّقت الصحيفة أن المؤسسة نظّمت بالفعل رحلات شملت فلسطينيين وصلوا إلى جنوب إفريقيا عبر مسار مشابه لما ورد في شهادة المسافر، بما يشمل المرور عبر مطار رامون دون ختم جوازات.

أحد المسافرين الذين خرجوا عبر مؤسسة "مجد أوروبا" قدّم "للمملكة" رواية كاملة عن الرحلة التي خاضها، قال إنه سجل عبر رابط إلكتروني تابع للمؤسسة ودفع مبلغا ماليا من ضمن التكاليف - التي تتراوح بحسب يورونيوز بين 1500 و2700 دولار أميركي للفرد - قبل أن يتم قبول أسمائهم وإبلاغهم بموعد السفر قبل ست ساعات فقط.

عند وصولهم إلى معبر كرم أبو سالم خضعوا لإجراءات تفتيش روتينية مُنع خلالها أي مسافر من أخذ مقتنياته الخاصة، وكانت هناك حافلات بانتظارهم تقلّهم مباشرة إلى مطار رامون.

وأشار المسافر إلى أن الخروج من المطار تم من دون ختم جوازات السفر، ثم أقلعت الطائرة نحو كينيا وصولا إلى مطار نيروبي، ومنه إلى جوهانسبيرغ في جنوب إفريقيا.

ووفق شهادة المسافر، تؤمّن المؤسسة إقامة مؤقتة لمدة أسبوع واحد فقط في فندق، ثم تتوقف مسؤوليتها تماما تاركة المسافرين لمصير مجهول.

الشكوك تتصاعد من ضوء توقيت عمل المؤسسة، إذ إن نشاطها بدأ بعد أشهر قليلة من إعلان وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنشاء إدارة خاصة للهجرة الطوعية من غزة، وهو ما يثير تساؤلات عن طبيعة هذا النشاط ومدى ارتباطه بتوجهات رسمية إسرائيلية.

ومع تجميع ما تكشفه المصادر الثلاثة: موقع وهمي، تسجيل غير موجود، إدارة يقودها شخص يحمل جنسية إسرائيلية، سفر عبر مطار رامون بدون ختم جوازات، وتحصيل مبالغ مالية، إضافة إلى ترك المسافرين في وجه المجهول بعد وصولهم، تتشكل صورة متكاملة تشير إلى أن ما تقوم به مؤسسة "مجد أوروبا" لا يمتّ للعمل الإنساني بصلة، بل يتقاطع بوضوح مع مخطط يستهدف نقل فلسطينيين من غزة تحت ستار "الإغاثة" أو "الهجرة المنظمة"، وبدرجة من التنسيق الذي يُظهر رضى إسرائيلياً واضحاً تجاه عملها.

المملكة