قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته إن فنلندا تُعد حليفًا موثوقًا داخل الحلف، وإن عضويتها تعزز الردع والدفاع المشترك، مشيرًا إلى أنها أنفقت العام الماضي أكثر من 2.4% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وستتجاوز 2.7% هذا العام.

وأوضح، خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، أن إنشاء قوة برية متقدمة جديدة في فنلندا بالتعاون مع السويد سيعزز من وضعية الحلف الدفاعية، إلى جانب المقر متعدد الفيالق في ميكيلي المكلّف بالتخطيط والتحضير وإدارة أنشطة القوات البرية في شمال أوروبا.

وأشار روته إلى مساهمات فنلندا في مهام الشرطة الجوية فوق أيسلندا ورومانيا، ونشر وحدة لمكافحة الطائرات المسيّرة دعمًا للدنمارك، إضافة إلى مشاركتها في مبادرة "حارس البلطيق" التي أُطلقت في هلسنكي لمعالجة التهديدات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية تحت البحر.

واعتبر أن هذه المبادرة أثبتت فعاليتها، وأن الخبرة الفنلندية في أقصى الشمال تمثل عنصرًا أساسيًا في تعزيز الردع والوعي بالوضع الأمني، مشيرًا إلى مشاركة نائب الأمين العام في منتدى الفضاء القطبي الأول في هلسنكي لتعزيز القدرات الفضائية في المنطقة.

وأكد روته أن روسيا تواصل حربها العدوانية ضد أوكرانيا، وأن الدعم الذي يقدمه الحلفاء، بما في ذلك فنلندا، يحدث فرقًا مهمًا.

وذكر أن فنلندا قدمت منذ بداية الحرب الروسية ما يقارب 3.8 مليار يورو دعمًا لأوكرانيا، بينها أكثر من 2.8 مليار يورو مساعدات عسكرية تشمل المدفعية والآليات المدرعة والدفاع الجوي والذخيرة. كما أطلقت برنامجًا جديدًا يمتد لثلاث سنوات لتزويد أوكرانيا بمعدات من الصناعة الدفاعية الفنلندية، وساهمت مع دول البلطيق ودول شمالية أخرى في إطلاق مبادرة لتدريب وتجهيز لواء أوكراني جديد، بالإضافة إلى التزامها الأخير بتقديم 100 مليون يورو لدعم قائمة "متطلبات أوكرانيا ذات الأولوية" التي تتيح تسليم معدات عسكرية عاجلة من الولايات المتحدة.

وأوضح روته أن الردع والدفاع يشكلان حجر الأساس في أمن الحلف، وأن الناتو يعمل على ضمان جاهزية أكبر وقدرات متاحة عند الحاجة برًا وبحرًا وجوًا، إلى جانب العمل مع الصناعة لتأمين التكنولوجيا والأنظمة والذخائر اللازمة للدفاع عن أراضي الحلفاء.

وأكد أن الأولويات تتمثل في الالتزام بإنفاق الدفاع، وتعزيز القدرات الصناعية الدفاعية، والحفاظ على دعم ثابت لأوكرانيا.

كما أوضح روته أنه على تواصل مع وزير الدفاع البلجيكي حول حوادث الطائرات المسيّرة التي شهدتها بلجيكا فوق مطارات ومنشآت حساسة، وأن العديد من الحلفاء قدموا دعمًا ملموسًا لبلجيكا، مشيرًا إلى أن الحلف يقوم بدوره عبر التواصل المستمر لضمان وصول أي مساعدة مطلوبة، بينما لا تتوفر لديه معلومات جديدة حول الجهة المسؤولة عن هذه الحوادث.

رئيس فنلندا: الوقت ليس مناسبا لإعادة الاتصالات مع روسيا

من جهته، قال الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب إن الوقت الراهن ليس هو الوقت المناسب لإعادة فتح الاتصالات مع روسيا، وإن المرحلة الحالية تتطلب زيادة الضغط سياسيًا وعسكريًا وماليًا، موضحًا أنه لا يرى نهاية قريبة للصراع خلال هذا العام. ورجّح أن يكون أقرب موعد ممكن للانتقال إلى مفاوضات هو شباط أو آذار، مع التأكيد على أن القرار النهائي يعود للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وشدد على أن أي تواصل بين القادة الأوروبيين والقيادة الروسية يجب أن يكون منسقًا بالكامل، لأن المبادرات الفردية هي "بالضبط ما تسعى روسيا إلى استغلاله".

وفي ما يتعلق بتمويل أوكرانيا خلال العامين المقبلين، قال ستوب إن الخيارات المتاحة واضحة وتشمل التمويل المباشر من الدول، أو توحيد الدين الأوروبي كما حدث في برامج أوروبية سابقة، أو استخدام الأصول الروسية المجمّدة.

وأشار إلى أنه سيناقش هذا الملف مع السلطات البلجيكية، مؤكدًا أن العديد من القادة الأوروبيين باتوا يدركون المخاوف السياسية والقانونية المرتبطة باستخدام الأصول، ومعربًا عن أمله في التوصل إلى حلول قبل اجتماع المجلس الأوروبي في كانون الأول، نظرًا لأهمية استمرار تمويل أوكرانيا في معركتها للوجود والبقاء.

وبشأن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في أوروبا، قال ستوب إنه يتوقع إعادة تقييم للوجود الأميركي، لكنه ليس قلقًا بشكل مفرط في هذه المرحلة، وأن من مصلحة الجميع أن تبقى الولايات المتحدة حاضرة في أوروبا، مشيرًا إلى أنه لا يرى مؤشرات على تغييرات جذرية.

ووافق روته على هذا التقييم، مؤكدا أن الحلفاء الأوروبيين وكندا رفعوا مساهماتهم الدفاعية بعد الالتزام بإنفاق 5% على الدفاع، بينها 3.5% على الدفاع الأساسي، بما يعادل مستوى الإنفاق الأميركي، إضافة إلى تعزيز المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتقديم ضمانات أمنية مستقبلية في حال الوصول إلى وقف إطلاق نار أو اتفاق سلام.

وفي ما يخص إمكانية اتخاذ قرار حول الأصول الروسية المجمّدة قبل كانون الأول، قال روته إن هذا الملف من اختصاص الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكنه شدد على أهمية ضمان حصول أوكرانيا على الدعم المالي والعسكري الذي تحتاجه للبقاء في القتال والاستعداد لأي مفاوضات مقبلة.

وأكد ستوب أن استمرار تدفق الدعم الأميركي المموّل من الحلفاء أمر بالغ الحيوية، سواء جاء التمويل من الموازنات الوطنية أو من أدوات مشتركة أو من الأصول المجمّدة، قائلا إن الحكومة الفنلندية تتولى هذا الملف داخل الاتحاد الأوروبي، وإنه واثق من صحة قراراتها واستمرارها في اتخاذ الخيارات المناسبة.

المملكة