أكد محافظ البنك المركزي الأردني عادل الشركس، أن السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي نجحت في الحفاظ على أسس راسخة للاستقرار النقدي والمصرفي في المملكة، وتحويله إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، رغم التحديات القائمة إقليميا ودوليا.

وشدد خلال جلسة حوارية بعنوان "السياسة النقدية والاستقرار الاقتصادي الكلي" في الجامعة الأميركية في مأدبا، على أن صون الاستقرار النقدي يعد الهدف المحوري للبنك المركزي وركنا أساسيا من أركان الاستقرار الاقتصادي الكلي، لما يوفره من بيئة آمنة ومحفزة للنمو، وجاذبة للاستثمار، وقادرة على دعم مسارات التنمية والتخطيط بعيد المدى.

وأضاف الشركس أن البنك انتقل تدريجيا نحو سياسة نقدية توسعية ابتداء من أيلول 2024، بعد أن نجحت السياسة التشددية التي انتهجها البنك، إسوة بالبنوك المركزية العالمية في تحقيق أهدافها، مشيرا إلى أن البنك المركزي خفض أسعار الفائدة 5 مرات، وبمقدار تراكمي بلغ 150 نقطة أساس، في خطوة تعكس حرصه على إرساء توازن مدروس بين متطلبات الحفاظ على الاستقرار النقدي من جهة، ودعم النشاط الاقتصادي وتعزيز قدرته على التوسع من جهة أخرى.

وأكد أن المؤشرات النقدية اليوم تعكس قوة الاستقرار النقدي في المملكة، وفي مقدمتها ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية البنك المركزي إلى أكثر من 24 مليار دولار تكفي لتغطية مستوردات المملكة مدة تزيد على 7 أشهر، وتراجع معدل الدولرة إلى 18.2% بنهاية أيلول 2025، إلى جانب احتواء الضغوط التضخمية واستقراره قرب 2% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، وهو مستوى يعزز تنافسية الاقتصاد الوطني ويحافظ على القوة الشرائية للمواطنين.

وبين أن المدفوعات الرقمية في المملكة في تنامي مستمر، حيث بلغت 31 مليار حتى نهاية أيلول 2025، مؤكدا أن هذا المستوى يعكس تقدم المنظومة المالية الرقمية في المملكة، ويعزز التحول نحو اقتصاد رقمي.

وعلى صعيد التطورات الاقتصادية، أشار الشركس إلى أن الاقتصاد الوطني نما بنسبة 2.8% خلال الربع الثاني من العام الحالي ليبرهن مرونته وقدرته العالية على التكيف مع الصدمات الخارجية والتقلبات الإقليمية والدولية، بفضل الالتزام بتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية الهيكلية التي ساهمت في دعم أساسيات الاقتصاد الكلي، وتعزيز بيئة الأعمال، ورفع تنافسية الاقتصاد الوطني ومرونته.

وأضاف أن الاقتصاد الوطني اليوم يواصل التقدم بثبات في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية عبر برنامج الإصلاح الاقتصادي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ضمن مسار يتسق ورؤية التحديث الاقتصادي التي يجري العمل حاليا على إعداد برنامجها التنفيذي الثاني للأعوام 2026-2029.

وأشار الشركس إلى أن الاقتصاد حقق العديد من المؤشرات الاقتصادية الايجابية، لا سيما على صعيد مؤشرات القطاع الخارجي، حيث تمكن من استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تجاوزت المليار دولار بنمو نسبته 36.4 بالمئة خلال النصف الأول من العام الحالي 2025، ما يعكس الثقة بالاقتصاد الوطني وبيئته الاستثمارية.

وحققت الصادرات الوطنية نموا قويا بنسبة 8.0% خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025 لتبلغ 8.6 مليار دولار مدفوعة بزيادة كل من الصادرات غير التقليدية بنسبة 7.6%، والتي تشكل 88.0% من الصادرات الوطنية، والصادرات التقليدية (البوتاس والفوسفات) التي زادت بنسبة 11.2%.

وارتفعت حوالات العاملين في الخارج بنسبة 4.1% لتصل إلى 3.3 مليارات دولار خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025، وعلى الرغم من تداعيات الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، إلا أن الدخل السياحي واصل تعافيه، مسجلا نموا بنسبة 6.5% خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 ليصل إلى 6.6 مليارات دولار.

وأكد الشركس على الدور المهم الذي تضطلع به الجامعة الأميركية في مأدبا، وعلى جودة البرامج التعليمية التي تقدمها، مشددا على أهمية تعزيز التعاون بين البنك المركزي والجامعة بما يسهم في دعم الجهود المشتركة في المجالات الأكاديمية والبحثية وتطوير القدرات.

من جانبه، أشاد رئيس الجامعة مأمون عكروش، بالدور المحوري الذي يقوم به البنك المركزي في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في المملكة، مؤكدا أن قدرة البنك على المواجهة التحديات الخارجية تعد نموذجا يحتذى به على مستوى المنطقة.

وعلى هامش اللقاء، تم توقيع مذكرة تفاهم بين البنك والجامعة لتعزيز التعاون المشترك في مجالات البحث العلمي، وبناء قدرة الطلبة بما يعزز من فرص عمل الخريجين في القطاع المالي والمصرفي.

المملكة