الجزء 1 

تحتضن منطقة الأغوار الشمالية نظاماً واعداً من الزراعة المائية يساعد في زيادة جودة المحاصيل وكمية الإنتاج وتقليل مياه الري التي تستهلك نصف كمية المياه التي يحتاجها الأردن الفقير مائياً سنوياً.

الزراعة المائية أو الزراعة من دون تربة، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فاو، هي تربية المحاصيل الزراعية من دون تربة، حيث يستعاض عنها بعناصر مغذية توفر دعائم أساسية للنباتات وتحتفظ بالرطوبة.

المهندس الزراعي معتز الربيع، الذي يعمل لدى وزارة المياه والري، يشرف في الأغوار الشمالية على مشاريع تعتمد نظام الزراعة المائية.

"الزراعة من دون تربة تعتمد على عدة عناصر من مخلوطة بالماء تحتاجها النبتة، وتوضع جذور النبتة في هذا المحلول لتنمو وتمتص الغذاء اللازم مباشرة"، يقول الربيع لموقع قناة المملكة الإلكتروني.

وتشمل تلك العناصر الحديد، النحاس، الزنك، الكبريت، الكالسيوم، البوتاسيوم، الفوسفور، النيتروجين، والمغنيسيوم.

"قمت بتجربة الزراعة المائية أول مرة قبل 5 أعوام من دون مساعدة أي شخص. فشلت عدة مرات، لكني نجحت أخيراً وأقوم الآن بتدريب المزارعين على هذه التقنية الزراعية"، يضيف الربيع.

ومن أبرز فوائد الزراعة المائية توفير المياه بنسبة تصل إلى %90، وإنتاج محاصيل عضوية.

يمكن لبعض المزارع التكاملية الحد من استهلاك المياه بنسبة %90، مقارنة مع الزراعة التقليدية. وتمثل هذه أخباراً سارة جداً بالنسبة لقطاع الزراعة، الذي يستخدم على صعيد العالم حوالي %70 من المياه العذبة المتاحةمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فاو

ويستهلك القطاع الزراعي في الأردن نحو %50 من إجمالي المياه التي يحتاجها الأردن سنوياً، أو 530 مليون متر مكعب، حسب وزارة الزراعة.

ويعاني الأردن من شح موارد المياه، ويعتمد بشكل شبه كلي على الأمطار، فيما تبلغ حصة الفرد في المياه أقل من 100 متر مكعب سنوياً.

فوائد الزراعة المائية تشمل زيادة الإنتاج بنسبة 40%، حسب مساعد المدير العام لشؤون البحث في المركز الوطني للبحوث الزراعية، المهندس نعيم مزاهرة.

ويوفر هذا النمط الزراعي المياه بنسبة %40 على الأقل، ويقلل استهلاك الأسمدة والمبيدات بنسبة %50 كحد أدنى، "ناهيك عن توفير في كلفة العمالة"، حسب مزاهرة.

نجحت الزراعة المائية في الأغوار الشمالية في انتاج كل أنواع الورقيات: الخس، والخس الأحمر، الكرفس، النعناع، الزعتر، بالإضافة إلى الفراولة والخيار والباذنجان والذرة.

وتبلغ كلفة إنشاء نظام زراعة مائية للخيار بنحو 3 آلاف دينار، فيما تبلغ كلفة إنتاج الخيار بالطرق الزراعية التقليدية بحدود 1500 دينار في البيت البلاستيكي الواحد، حسب الربيع.

أما كلفة إنتاج الورقيات كالخس والكرفس فتقدر بين 800-4000 دينار، بينما تصل كلفة الدونم الواحد للزراعة التقليدية لنحو 150 ديناراً.

"قد تشكل الكلفة تحدياً في بداية المشروع، لكن بعد بدء المشروع والأرباح، يعوض المزارع الكلفة التأسيسية بشكل سريع"، يوضح ربيع.

"الآن، والحمد لله، قمنا بتأسيس مرجع للزراعة المائية في الأردن ومساعدة المواطنين في تصميم الأنظمة وإعطائهم المحاليل، كما قمنا بتأسيس مشاريع في جمعية البيرة الخيرية في السلط وجمعية عيون الربيع الخيرية في ديرعلا، ومشروع تدريبي مع صندوق الملك عبدالله الثاني للتنميه أيضاً في ديرعلا"، يقول الربيع.

الربيع قام بتدريب 250 مهندساً ومهندسة زراعية على هذه الزراعة المائية، بدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فيما زود صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية مشروع المهندس بـ 5 آلاف دينار.

ويضيف الربيع "الكلفة ليست مشكلة إلا في بداية المشروع، لكن التجهيزات المكلفة تبقى لسنوات ويبدأ المشروع بعدها بدر الأرباح، ما يعوض الكلفة التأسيسية بشكل سريع".

ماهر جوابرة، صاحب أول شركة مختصة بالزراعة المائية في الأردن، يتفق مع الربيع.

"يتم تعويض الكلفة بشكل سريع لأن المنتجات تنضج بشكل سريع، مما يتيح للمزارع بيع محصوله بسرعة وتعويض رأسماله"، يبين جوابرة.

تساعد الزراعة المائية على إنتاج محاصيل ذات نوعية ممتازة، وتسريع عملية الإنتاج نفسها. على سبيل المثال، تم إنتاج خيار بعد 21 يوماً من زراعته، بالرغم من أن العملية تستغرق عادة 40 يوماًالمهندس نعيم مزاهرة، مساعد المدير العام لشؤون البحث، المركز الوطني للبحوث الزراعية

وينصح المركز الوطني للبحوث الزراعية بزيادة الإنتاج الزراعي ضمن الموارد المائية المتاحة، وذلك باتباع وسائل وتقنيات حديثة تكفل رفع كفاءة استخدام المياه مثل استخدام الري بالتنقيط والزراعة المحمية والزراعة المائية.

"المحاصيل التي يمكن زراعتها باستخدام الزراعة المائية من دون تربة هي نفسها التي تزرع داخل البيوت البلاستيكية، خاصة المحاصيل ذات القيمة الاقتصادية العالية مثل الفراولة والبندورة الكرزية والفلفل الملون وأزهار القطف والزراعات التعاقدية"، حسب مزاهرة.

ووضح مزاهرة أن نظام الزراعة المائية "آمن للبيئة لأن الأسمدة الراشحة يعاد استخدامها ولا تتسرب للتربة أو للمياه الجوفية، مسببة تلوثاً".

التف البركاني

ويشرع المركز الوطني للبحوث الزراعية حالياً باستخدام مادة "التف البركاني" في نظام الزراعة المائية. والتف البركاني هو نوع من الصخور البركانية الترسبية نتجت عن مقذوفات بركانية قديمة، تحتوي على مواد عضوية ضرورية لنمو النباتات، بالإضافة لتوفيرها وتنقيتها للمياه.

ووفقاً لمزاهرة "أثبتت الدراسات نجاحاً كبيراً في توفير استهلاك المياه حينما طبقت على هذه البيوت المحمية نظم الزراعة المائية باستخدام التف البركاني كوسط زراعي".

"انخفض معدل استهلاك المياه المستخدمة في ري الفلفل الملون، على سبيل المثال، والمزروع على التف البركاني داخل البيوت المحمية لأكثر من 40%، مقارنةً مع الزراعة التقليدية".

ويبلغ احتياطي الأردن من مادة التف البركاني  نحو 1340 مليون طن، بحسب سلطة المصادر الطبيعية، فيما يقدر متوسط سعر الطن الواحد من هذه المادة بين 8-50 ديناراً وفق هيئة تشجيع الاستثمار.

وتتوفر هذه المادة بكثرة في مناطق عديدة في شرق الأردن.

المملكة