يحيى الأردن والعالم، في الرابع من شباط/ فبراير من كل عام، مناسبة اليوم العالمي للسرطان، الذي يُعتبر فرصة لنشر التوعية حول مرض السرطان، الذي يعتبر ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم.

منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، قالت إن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) كان لها تأثير "عميق" على تشخيص وعلاج مرض السرطان في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أن سرطان الثدي أصبح أكثر أنواع المرض شيوعا.

الوكالة الدولية لبحوث السرطان التي تتبع منظمة الصحة العالمية، بينت أنه في عام 2018 ارتفع العبء العالمي لمرض السرطان إلى 18.1 مليون حالة جديدة، و 9.6 ملايين حالة وفاة بسبب المرض.

وحسب آخر إحصائية عالمية لحالات السرطان المسجلة لعام 2018، سجلت حوالي 18 مليون حالة جديدة سنوياً، و9.6 ملايين وفاة بالسرطان، ومعظم حالات الإصابة والوفيات كانت في الدول النامية.

محليا، قال مدير عام مركز الحسين للسرطان عاصم منصور، إن السرطان هو السبب الثاني للوفيات بعد أمراض القلب والشرايين محليا، ومسؤول عن 15.7% من الوفيات في الأردن، والبالغة 3084 سنويا.

"حملة توعية وطنية"

وأطلقت سمو الأميرة غيداء طلال، رئيسة هيئة أمناء مؤسسة ومركز الحسين للسرطان، حملة وطنية توعوية تحت شعار "كلّ شي بيتعوض إلا الصّحّة" بمناسبة اليوم العالمي للسّرطان، بهدف نشر الوعي بأهميّة الصحة، وضرورة وضعها على رأس أولوياتنا، وتكثيف الجهود حول الوقاية من مرض السّرطان.

وتهدف الحملة إلى تشجيع جميع قطاعات وأفراد المجتمع على تبنّي خيارات صحية فيما يتعلّق بسلوكياتهم اليومية، من بينها إجراء فحوصات الكشف المبكر عن السّرطان، والإقلاع عن التدخين، واختيار الأغذية الصحية وممارسة الرياضة.

وركزت الحملة هذا العام على أهمية تحمّل المسؤولية تجاه الصحة من خلال الاشتراك في تأمين "رعاية" التكافلي الاجتماعي.

وضمن جهود الحملة، وتماشيا مع الظروف الراهنة في تفعيل الأنشطة الافتراضية، أنشأت مؤسسة الحسين للسرطان الموقع الإلكتروني، لتمكين الأفراد والشركات من المشاركة في الحملة، واختيار التحدي المناسب لهم، للمساهمة في رفع مستوى وعي المجتمع عن أهمية تبني نظام حياة صحي، واتّخاذ خيارات تلعب دورا مهما في الوقاية من السرطان.

"سرطان الثدي أكثر الأنواع انتشارا محليا"

ووفقا لآخر تقرير للسجل الوطني للسرطان لعام 2016، بلغ عدد الحالات الجديدة 8152، منها 5999 لمرضى أردنيين، و2153 حالة من دول عربية مجاورة، أي بمعدل 85.3 حالة لكل مئة ألف نسمة من السكان، وبلغ متوسط العمر عند التشخيص لدى الإناث والذكور 56 عاما.

وأشار منصور إلى أن سرطان الثدي ما زال على رأس القائمة كأكثر أنواع السرطان انتشارا في الأردن، ويشكل 39% من مجموع أنواع السرطان المشخصة لدى النساء، يليه سرطان القولون والمستقيم.

أما عند الرجال، فيشكل سرطان القولون والمستقيم 13% من مجموع الإصابات، يليه سرطان الرئة، ثم سرطان الغدد الليمفاوية، فيما تبلغ مجموع الحالات للأعمار ما دون 15 عاما 236 حالة، إضافة إلى 44.1% من الحالات المسجلة هي لأطفال دون سن الخامسة.

وأضاف: "أكثر أنواع السرطان شيوعا في الفئة العمرية ما دون سن 15 عاما، هو سرطان الدم 25.2%، ثم السرطانات الليمفاوية 17.1%، وسرطان الدماغ والأعصاب 15.8%، وسرطان العظم بنسبة 6.8%، وسرطان الكلى 5.9%".

وأكد منصور أن "السرطان يستنزف من 5% إلى 7% من تكاليف الرعاية الصحية في البلدان ذات الدخل المرتفع، إذ بلغت 290 مليار عام 2010"، وقدّر الأثر الاقتصادي للوفاة والعجز اللذين يسببهما السرطان على مستوى العالم بـ 895 مليار دولار.

منصور، قال إن مكافحة مرض السرطان تتطلب استراتيجية شاملة للتعامل معه بدءا من الوقاية والتوعية إلى الكشف المبكر والتشخيص السليم والعلاج الشمولي وانتهاء بالرعاية التلطيفية والرعاية.

وبين أن اليوم العالمي للسرطان يأتي هذا العام، والعالم تحت جائحة كورونا التي لم تترك جانباً من جوانب الحياة إلا وأصابته بما فيه السرطان، وجرى توجيه معظم المقدرات لمُحاربة هذه الجائحة على حساب الأولويات الأخرى.

"رغم الظرف الاستثنائي الذي نمر به بسبب جائحة كورونا، والإغلاقات التي اتخذتها الحكومة مطلع العام الماضي للحد من انتشار الجائحة، إلا أن مركز الحسين للسرطان لم يتوقف عن تقديم خدماته لمرضى السرطان، وابتكر طرقاً لإدامة واستمرارية التواصل مع المرضى أثناء الحظر الشامل، واستحدث عيادات طبية تعمل عن بعد، ولم يتوقف علاج المرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي والإشعاعي، وعملت الصيدلية على إيصال الأدوية للمرضى إلى أماكن سكنهم".

"عبء اقتصادي هائل"

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن العبء الاقتصادي للسرطان على المجتمعات ضخم ومتزايد. في عام 2010، قدرت تكلفته بـ 1.16 تريليون دولار.

قال الدكتور أندريه إلباوي، من قسم الأمراض غير المعدية في المنظمة: "عام 2020، بلغ عدد الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالسرطان على مستوى العالم 19.3 مليون شخص، مع زيادة عدد الوفيات إلى 10 ملايين وفاة".

وبحسب الوكالة الأممية المعنية بالصحة، كان هناك 2.3 مليون حالة سرطان ثدي جديدة عام 2020، تمثل ما يقرب من 12 في المائة من جميع حالات السرطان. كما أنه السبب الرئيسي للوفاة من السرطان بين النساء في جميع أنحاء العالم.

وأشار إلباوي إلى أنه "لأول مرة، يشكل سرطان الثدي الآن أكثر أنواع السرطانات شيوعا على مستوى العالم، يليه سرطان الرئة، والذي كان تاريخياً السبب الرئيسي في معظم حالات السرطان، وسرطان القولون في المرتبة الثالثة".

وأضاف أنه منذ أكثر من عام منذ أن بدأت أزمة فيروس كورونا الجديد، كان تأثيرها على رعاية مرضى السرطان صارخا، حيث "تعطلت خدمات السرطان جزئيا أو كليا بسبب الجائحة لدى 50% من الحكومات التي توفر هذه الخدمات".

"التأخير في التشخيص أمر شائع. لقد زادت الانقطاعات عن العلاج أو التخلي عنه بشكل كبير"، مضيفا أن هذا من المحتمل أن يكون له تأثير في العدد الإجمالي لوفيات السرطان في السنوات المقبلة.

وحذر المسؤول في منظمة الصحة العالمية من أن يرتفع عبء السرطان أكثر في السنوات المقبلة لأسباب متنوعة بما في ذلك النمو السكاني، حيث من المرجح أن يرتفع عدد الحالات الجديدة في جميع أنحاء العالم في عام 2040 بنسبة 47% عن عام 2020.

وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان إن أكبر الزيادات ستكون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل حيث يشيع التشخيص في المراحل المتأخرة مع قلة فرص الوصول إلى التشخيص والعلاج الجيد وميسور التكلفة.

وسلطت منظمة الصحة العالمية الضوء على الجهود المبذولة لمعالجة سرطان عنق الرحم، وأشارت إلى أنه رابع أكثر أنواع السرطانات شيوعا بين النساء على مستوى العالم، مع ما يقدر بنحو 604,000 حالة جديدة عام 2020 و 700,000 إصابة و 400,000 حالة وفاة متوقعة عام 2030.

ويتأثر من يعانون منه من البلدان الفقيرة بشكل غير متناسب، حيث وقع ما يقرب من 90 في المائة من الوفيات العالمية عام 2020 بسبب سرطان عنق الرحم، في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

أهمية التشخيص والعلاج السريعين

وفي إطار التأكيد على فوائد التشخيص المبكر والعلاج المناسب، ناشدت منظمة الصحة توفير لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) بشكل أفضل واتباع نُهج منخفضة التكلفة لفحص ومعالجة السرطان "قبل أن يتطور إلى سرطان جائر"، بالإضافة إلى نهج جديدة في التدريب الجراحي.

"للمضي قدما في طريق القضاء على سرطان عنق الرحم، يجب أن نحقق ثلاثة أهداف بحلول عام 2030: تلقي 90% من الفتيات تطعيما كاملاً بلقاح فيروس الورم الحليمي البشري بحلول سن 15 عاما؛ وخضوع 70% من النساء للفحص عبر اختبار عالي الجودة لدى بلوغهن 35 عاما من العمر، وخضوعهن لاختبار آخر لدى بلوغهن سن 45؛ ومعالجة 90% من النساء المصابات بسرطان عنق الرحم".

وأوضحت منظمة الصحة أن تحقيق هذه الأهداف سيؤدي إلى انخفاض الحالات بنسبة تزيد عن 70% بحلول عام 2050 ويساعد في تجنب 4.5 مليون حالة وفاة بسرطان عنق الرحم.

"حملة عالمية للإقلاع عن التدخين"

في كانون الأول/ ديسمبر 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية اعتزامها إنجاح مساعي الراغبين في التخلي عن عادة تعاطي التبغ عبر إطلاق حملة تستمر لمدة عام، وتوفر خلالها المنظمة الأدوات والموارد اللازمة لذلك.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، أعلن نحو 780 مليون شخص في العالم اعتزامهم الإقلاع عن تعاطي التبغ، غير أن 30% منهم فقط لديهم إمكانية الوصول إلى الأدوات التي يمكن أن تساعدهم في تلك المهمة.

وأطلقت المنظمة حملة تحت شعار "التزم بالإقلاع عن تعاطي التبغ أثناء جائحة كوفيد-19" تستمر لمدة عام، وستدعم الحملة، التي تأتي استعدادا لليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ 2021، ما لا يقل عن 100 مليون شخص يحاولون التوقف عن التدخين، عدة دول في العالم منها الأردن وإيران والولايات المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، إن التدخين "يتسبب في هلاك ثمانية ملايين شخص سنويا، ولكن إذا كان متعاطو التبغ بحاجة إلى المزيد من التحفيز للتخلص من هذه العادة، فإن الجائحة توفر الحافز المناسب".

وتركز الحملة على البلدان ذات العبء الثقيل التي يعيش فيها غالبية متعاطي التبغ في العالم، وستساعد على تهيئة بيئات صحية مواتية للإقلاع عن تعاطي التبغ من خلال الدعوة إلى اعتماد سياسات جريئة وزيادة فرص الحصول على خدمات الإقلاع ورفع الوعي بشأن الأساليب التكتيكية التي تنتهجها دوائر صناعة التبغ.

ومن الدول التي ينصب عليها التركيز: الأردن وإيران وباكستان والهند وتركيا والولايات المتحدة.

المملكة