توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خصومه الخارجيين الأربعاء بردّ "قاس" في حال سعيهم لمهاجمة روسيا، مع تصاعد التوتر مع الغرب بشأن أوكرانيا خصوصا ومصير المعارض المسجون أليكسي نافالني.

وبموازاة ذلك تظاهر آلاف الأشخاص في روسيا دعما لنافالني منتقد الكرملين المضرب عن الطعام منذ ثلاثة أسابيع. إلا أن الأعداد كانت أقل مما كانت عليه في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير عندما دفع توقيفه عشرات آلاف الروس إلى النزول إلى الشارع حيث تعرضوا لقمع عنيف.

وحذر الرئيس الروسي في خطابه السنوي خصومه الخارجيين الذين يتواجه معهم في ملفات عدة لا سيما سجن نافالني.

وشدد على أن "منظمي الاستفزازات التي تهدد أمننا سيندمون كما لم يندموا على شيء من قبل".

كذلك أعرب عن أمله بـ "ألا يخطر لأحد أن يتخطى خطا أحمر"، متوعداً برد "غير معهود وسريع وقاس".

وكانت روسيا هدفاً لعدد من العقوبات الغربية على خلفية النزاع في أوكرانيا وقمع المعارضة واتهامها بتدبير هجمات إلكترونية وبالتجسس والتدخل في الانتخابات.

ولم يتناول الرئيس الروسي في خطابه السنوي للجمعية الفدرالية، في شكل مباشر هذه الملفات، بل اكتفى بالتطرق إلى المحاولة المزعومة "للانقلاب واغتيال رئيس بيلاروس" الكسندر لوكاشنكو، والتي تم الكشف عنها في نهاية الأسبوع الماضي وفقاً لأجهزة الأمن في البلدين.

وندد بوتين بالصمت الغربي في هذه القضية، عشية استقباله في موسكو نظيره البيلاروسي المنبوذ في الغرب بسبب القمع الوحشي لحركة احتجاجية انطلقت في آب/اغسطس 2020.

ولم يستجب للنداءات الغربية لسحب عشرات آلاف الجنود الروس الذين نشرهم عند الحدود مع أوكرانيا ما عزز المخاوف من وقوع نزاع واسع النطاق.

واحتلت الأزمة الاقتصادية والصحية الناجمة عن كوفيد-19 حيزا واسعا من خطابه مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في أيلول/سبتمبر.

ووعد بمساعدات إضافية للأسر والحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقال إن "أهم شيء حالياً هو ضمان نمو مداخيل المواطنين"، في حين أن القدرة الشرائية للروس متراجعة منذ سنوات تحت تأثير العقوبات الدولية ثمّ الوباء.

وما زال فلاديمير بوتين يحظى بشعبية مع اقتراب الانتخابات، على عكس حزبه المتهم بالفساد. وحسب مؤشر معهد "ليفادا" في آذار/مارس، فإنّ نوايا التصويت لصالح حزب "روسيا الموحدة" لا تتخطى 21%.

وكان اليكسي نافالني يعوّل على الاستفادة من تراجع شعبية ذاك الحزب في الحملات الانتخابية.

تراجع التعبئة

وكما هو متوقع، لم يتطرق بوتين إلى مصير المعارض اليكسي نافالني الذي دخل في إضراب عن الطعام قبل أقل من شهر احتجاجا على ظروف توقيفه، في وقت تطالب العواصم الغربية بالإفراج عنه بعدما جرى اتهام أجهزة روسية بمحاولة تسميمه في آب/اغسطس 2020.

اعتبر أربعة خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة الأربعاء أن نافالني في "خطر كبير"، وحضّوا السلطات على السماح بنقله إلى خارج البلاد لتلقي العلاج فيما يؤكد المقربون منه أنه معرض للموت في أي لحظة.

ونظم أنصاره تظاهرات في نحو مئة مدينة الأربعاء لكن التعبئة شهدت تراجعا.

إلا أن آلاف الأشخاص تظاهروا في العاصمة وفي سان بطرسبرغ وحتى في أقصى الشرق الروسي مرورا بالأورال وسيبيريا مرددين شعارات منها "بوتين قاتل" أفرجوا عنه" و"الحرية".

في موسكو تجمع عدة آلاف مساء عند مشارف الكرملين على ما أفاد صحافيو وكالة فرانس برس.

وقالت المتظاهرة أولغا يلاغينا (54 عاما) "أريد أن يفرج عن نافالني أو على الأقل أن يحصل على العناية".

في سان بطرسبرغ تظاهر نحو ألف شخص بحسب مراسلة وكالة فرانس برس ولم يخف بعضهم إحباطهم. وقالت آنا كوسياكوفا (57 عاما) "لا أظن أن تظاهرنا سيغير شيئا. لا أعرف ما عساني أفعل لكن لا ينبغي أن نسكت".

وانتشرت الشرطة بأعداد كبيرة في هاتين المدينتين.

وأحصت منظمة "او في دي-انفو" غير الحكومية ما لا يقل عن 400 عملية توقيف عند الساعة 16:45 بتوقيت غرينتش أي أقل من توقيفات كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير عندما أوقف عشرة آلاف شخص.

وتبدي السلطات الروسية عزمها على القضاء على الحركة المؤيدة لنافالني. ويشرع القضاء الأسبوع المقبل في النظر بطلب النيابة حول تصنيف المنظمات المرتبطة بنافالني بأنّها "إرهابية"، ما سيعرّض ناشطيها لعقوبات قاسية.

أ ف ب