رفعت وزارة الطاقة اللبنانية الأربعاء، أسعار المحروقات، للمرة الثانية في أقل من أسبوع، في سياق مواصلة سياسة رفع الدعم عن استيراد الوقود، في خطوة من شأنها أن تثقل كاهل اللبنانيين الغارقين في انهيار اقتصادي غير مسبوق.

وحدّدت المديرية العامة للنفط سعر عشرين ليتر من البنزين 95 أوكتان بـ202.400 ليرة، أي ما يعادل 13 دولارا تقريباً وفق سعر الصرف في السوق السوداء.

وكانت المديرية رفعت الجمعة الماضية، سعر المحروقات بنحو 40%.

وجاء رفع الأسعار الأربعاء، بينما أغلق عدد كبير من المحطات أبوابه، فيما لم يؤد رفع الأسعار تباعاً خلال الأسابيع الماضية إلى حلّ معاناة اللبنانيين الذين ما زالوا ينتظرون لساعات في طوابير طويلة لتعبئة خزانات سياراتهم، من دون أن يوفقوا في أحيان كثيرة.

ومنذ نهاية حزيران/يونيو، ارتفع سعر 20 ليترا من البنزين بمعدل أكثر من ثلاثة أضعاف. ومع السعر المعلن الأربعاء، بات الحد الأدنى للأجور المحدد بـ 675 ألف ليرة يكفي لشراء ستين ليتراً من البنزين تقريباً، وهي الكمية المطلوبة إجمالاً لملء خزان وقود سيارة من الحجم المتوسط، في بلد يعيش نحو 80% من سكانه تحت خط الفقر.

ومنذ أشهر، تعمل السلطات على رفع الدعم تدريجاً عن استيراد سلع رئيسية أبرزها المحروقات مع نضوب احتياطي مصرف لبنان بالدولار، على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مقابلة الجمعة مع محطة "سي أن أن" الأميركية، إن الدعم يجب أن يتوقف تماماً، مشيراً الى أنّ 74% من أموال الدعم خلال العام الفائت "أسيء استخدامها من قبل التجار والفاسدين".

ونقلت وسائل إعلام محلية عن عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس قوله إن زيادة الأسعار "ليست نهائية"، لافتاً النظر إلى أنّ رفع الدعم لا يعني اختفاء الطوابير التي يحددها كمية المحروقات المتوفرة في السوق.

وتنعكس أزمة المحروقات على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية. وتراجعت خلال الأشهر الماضية، قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً.

ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضاً إلى التقنين ورفع تعرفتها بشكل كبير جراء شراء المازوت من السوق السوداء.

ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار. وتعهدت الحكومة الجديدة في بيانها الوزاري "استئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتّفاق على خطة دعم".

ومنذ عام، يشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات بنيوية في قطاعات رئيسة مقابل توفير الدعم المالي.

أ ف ب