قامت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الثلاثاء، بجولة في عدد من العواصم الأوروبية لقيت خلالها تعاطفاً لكنها واجهت رفضاً قاطعاً لإعادة التفاوض حول اتفاق بريكست.

وغداة تأجيلها تصويتاً حاسماً في البرلمان البريطاني خشية رفض الاتفاق، قالت ماي أنها ستلتقي بنظرائها في الاتحاد الأوروبي في محاولة للحصول على "تطمينات" بأن البند الخاص بالحدود الأيرلندية سيكون مؤقتاً.

وصرح دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي أنه "بعد مناقشات طويلة وصريحة" مع ماي، فإنه لا يعلم ما يمكن فعله لمساعدتها.

وكتب في تغريدة أنه من الواضح أن القادة الأوروبيين يرغبون في المساعدة، مضيفاً "ولكن السؤال هو كيف؟".

وفي لاهاي وبرلين وبروكسل تم إبلاغ ماي أنه رغم إمكانية تقديم بعض التوضيح حول كيفية تفسير الاتفاق، إلا أن نص الاتفاق لا يمكن تغييره.

وعقب لقائها ماي، قالت ميركل لنواب من كتلة الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي بأنه "لا يمكن ابداً تغيير" الاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

وأكدت ميركل كذلك لماي أنه لا يمكن التوصل إلى أي اتفاقات بشأن بريكست إلا مع الاتحاد الأوروبي ككل، وليس بشكل ثنائي مع الدول الأعضاء.

وواجهت ماي انتقادات من جميع الجهات في البرلمان بسبب بنود الاتفاق المتعلقة بإيرلندا الشمالية التي تأمل في إقناع حزبها المحافظ المتمرد بدعمها.

وصرحت ماي للبي بي سي "مهما كانت النتيجة التي ترغبون بها، والعلاقة التي تريدونها مع أوروبا في المستقبل، فلا يوجد اتفاق متوفر لا يتضمن شبكة الأمان".

وأضافت "ولكننا لا نريد أن تستخدم شبكة الأمان، وإذا استخدمت نريد أن نضمن أن تكون مؤقتة، وهذه هي التطمينات التي أسعى للحصول عليها من زملائي القادة في الأيام المقبلة".

وقبل لقائه ماي قال رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر أنه "متفاجئ" من الطلب منه إجراء مزيد من المحادثات بعد أن وافق قادة الاتحاد الأوروبي على الاتفاق في قمة استثنائية في 25 نوفمبر.

وصرح أمام البرلمان الاوروبي في ستراسبورغ "الاتفاق الذي توصلنا إليه هو أفضل اتفاق ممكن، وهو الاتفاق الوحيد الممكن".

وأضاف "لا مجال مطلقاً لإعادة التفاوض ولكن بالطبع هناك مجال في حال استخدم بذكاء، لإعطاء مزيد من التوضيحات والتفسيرات".

الحكم أو الاستقالة

كان من المقرر أن يصوت مجلس العموم على الاتفاق مساء الثلاثاء، إلا أن ماي قررت تأجيل التصويت معترفة بأنها تتوقع خسارة التصويت "بهامش كبير".

وأعلن متحدث باسم رئاسة الحكومة البريطانية، الثلاثاء، أن الاتفاق سيُطرح لتصويت النواب البريطانيين "قبل 21 يناير".

ويواجه جيريمي كوربن زعيم حزب العمال البريطاني وهو حزب المعارضة الرئيسي، ضغوطاً يمارسها عليه نواب من حزبه ونواب من أحزاب معارضة أخرى، لإطلاق مذكرة حجب الثقة للإطاحة بالحكومة، الأمر الذي يستبعده حتى هذه اللحظة لأن الحزب يعتقد أنه من المرجح أن تفوز ماي.

وأطلق النواب الذين يعارضون الاتحاد الأوروبي من حزب ماي المحافظ دعوات متكررة باستبدالها، وقالوا إن عليها أن "تحكم أو تستقيل".

ودعا توسك إلى اجتماع لقادة دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 الآخرين الخميس لمناقشة آخر تطورات البريكست .

ومن المقرر أن يشارك هؤلاء في قمة المجلس الأوروبي بمشاركة ماي الخميس والجمعة، ويتوقع أن تستغل ماي هذه الفرصة لتجديد مطالبها.

إعلان سياسي

قال وزير الخارجية الأيرلندي سايمون كوفيني إن حكومته استبعدت أي تغييرات على صيغة اتفاق بريكست، إلا أنه قال إن "المجلس الأوروبي قد يطلق إعلاناً سياسياً".

وأضاف "الحكومة الأيرلندية ليس لديها مشكلة في توفير تطمينات إذا كان ذلك يساعد".

ومن المقرر أن تتوجه ماي إلى دبلن، الأربعاء، للقاء رئيس الوزراء ليو فارادكار.

ويمكن لما يسمى بـ "شبكة الأمان" ربط بريطانيا بالاتحاد الجمركي في الاتحاد الأوروبي لسنوات بعد بريكست، وهو ما يرفضه المعارضون للاتحاد الأوروبي الراغبين في الانفصال عنه بشكل تام.

وقال وزير الدولة لشؤون بريكست مارتن كالانان في بروكسل، الثلاثاء، إن ماي "تريد ضمانات قانونية إضافية لا تجد المملكة المتحدة نفسها بموجبها عالقة بشكل دائم في شبكة الأمان الأيرلندية".

وشدد على أن هذه الضمانات يجب أن تكون "ملزمة قانوناً".

ويشعر العديد من البريطانيين بالحيرة بعد آخر التطورات السياسية.

حتى لو لم تتم الموافقة على الاتفاق، فإن بريطانيا تسير على الطريق لمغادرة الاتحاد الأوروبي في 29 مارس، وهو السيناريو الذي حذرت الحكومة من أنه سيضر بالاقتصاد بشكل كبير.

وأكدت وزيرة الشؤون الأوروبية في فرنسا ناتالي لوازو، الثلاثاء، من بروكسل أن اتفاق البريكست هو "الاتفاق الوحيد الممكن" والاتحاد يجب أن "يستعد لبريكست من دون اتفاق".

أ ف ب