توجه نحو مليونين و400 ألف طالب وطالبة، الأحد، إلى المدارس في أول أيام العام الدراسي 2019-2020، في حين تعمل أسرهم جاهدة على توفير الأفضل لهم في ظل إمكانات مالية محدودة.

سحر، أم لطفلتين في المرحلة الأساسية، وطفل في رياض الأطفال، من ضمن أولئك الأهالي.

"في بداية كل عام دراسي، أتفق مع قسم المحاسبة في المدرسة على تقسيط المستحقات المالية، بواقع قسط كل 3 شهور، تزامنا مع حوافزي في العمل" تقول الموظفة في وزارة الصحة لـ "المملكة".

تدفع سحر أكثر من 2000 دينار لتعليم ابنتيها، وهو مبلغ سيزداد هذا العام "بما لا يقل عن 600 دينار" مع دخول ابنها مرحلة رياض الأطفال.

وبالرغم من ذلك، تقول سحر، إنها لا تفكر في نقل أبنائها إلى مدارس حكومية، أسوة بـ 30 ألف طالب وطالبة، بحسب وزارة التربية والتعليم.

"أعتقد أن المدارس الحكومية والخاصة، على حد سواء، تواجه تحديات في تعليم الطلبة ... " تضيف سحر، مبينة أنها تسعى إلى توفير فرص تعليم شاملة لأطفالها، إضافة إلى نشاطات لا منهجية.

الأسبوع الماضي، ارتفع حجم الطلب على شراء المستلزمات المدرسية، التي ينفق عليها الأردنيون 35 مليون دينار سنويا.

بعكس سحر، نقل هاشم القيسي، أطفاله الـ 4 حديثا من مدارس خاصة إلى حكومية؛ بسبب وضعه المالي.

"لم يعد بإمكاني دفع أثمان رسوم ومستلزمات المدارس الخاصة ... الكلفة السنوية لتعليم أطفالي تتجاوز 5 آلاف دينار" يقول القيسي، وهو متقاعد كان يعمل في إحدى مؤسسات الدولة.

"لا أخشى على مستقبل أطفالي التعليمي، فقد تلقوا تعليما قويا في المراحل الأساسية، لكن عليهم أن يجتهدوا ويتعبوا في دراستهم أينما كانوا، سواء في مدارس خاصة أو حكومية" يضيف القيسي.

جودة التعليم

في نهاية عام 2017، وافق البنك الدولي على برنامج مساندة إصلاح التعليم في الأردن بقيمة 200 مليون دولار؛ لإفادة نحو 700 ألف تلميذ وتلميذة، والإسهام في تدريب نحو 300 ألف معلم ومعلمة في الأردن، الذي "قطع على مدى العقدين الماضيين، أشواطاً واسعة من حيث معدلات الالتحاق بالمدارس والتحصيل العلمي".

لكن بالرغم من ذلك التحسُّن المطرد، يواجه النظام التعليمي في الأردن تحدياً رئيسيا يتمثَّل في تدني فرص الحصول على تعليم جيد في مرحلة الطفولة المبكرة، وفقا للبنك الدولي.

قبل 3 أعوام، أطلق الأردن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025 التي ترتكز على 4 محاور تركز على التعليم المبكر وتنمية الطفولة، والتعليم الأساسي والثانوي، والتعليم والتدريب المهني والتقني، والتعليم العالي.

ومن ضمن جهود تجويد التعليم، أشرف المركز الوطني لتطوير المناهج على استحداث كتب علوم ورياضيات جديدة للصفين الأول والرابع، للعام الدراسي الجديد؛ تهدف إلى الارتقاء بمستوى الطلبة وتعليمهم مهارات النقد والابتكار، على أن تقيّم هذه التجربة، وتعمم على مساقات دراسية أخرى.

مديرة المركز ربى البطاينة، قالت، إن المناهج الجديدة بدأت بكتب العلوم والرياضيات؛ لأن "الامتحانات الدولية أظهرت تراجعاً كبيرا في تحصيل المواد العلمية لدى الطلاب (في الأردن) في السنوات الأخيرة الماضية".

تحديات التعليم

يواجه قطاع التعليم في الأردن تحديات عديدة أبرزها ضعف تدريب المعلمين حديثي التخرج، إضافة إلى اتباع غالبية المناهج أساليب "تقليدية" في طرح الأفكار، وفق محمد الخوالدة، وهو مختص في التربية والمناهج.

"الكثير من مناهجنا تخلو من المحتوى، وتعتمد على طرح الأسئلة فقط ... فهي لا يمكن أن تكون مرجعا للطالب عند الدراسة"، بحسب الخوالدة، الذي أوضح أن اتباع طرق غير تقليدية يعني "التخلص من المواضيع التي لا تفيد الطلبة في حياتهم العملية".

ويضيف أن "اكتظاظ المدارس الحكومية، وتردي حالة مرافق بعضها، خاصة في المناطق البعيدة عن مراكز المدن، يخفض من جودة المواد التعليمية التي يتلقاها الطلبة".

ولتسليح المعلمين بالمهارات اللازمة، تعمل أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين على تطوير برامج تدريب وتنمية مهنية خضع لها مئات المعلمين خلال السنوات القليلة الماضية.

مدير التعليم العام في وزارة التربية والتعليم بالوكالة، خالد محارب، قال إن الوزارة "تركز على إعداد المعلمين وتدريبهم، وخاصة بما يتعلق بالصفوف الثلاثة الأولى" موضحا أن التدريبات "تراعي احتياجات الطفل ونظريات التعلم ومعارف أكاديمية مختصة في المباحث الدراسية".

وأضاف مؤخرا لـ "المملكة" أن الوزارة "تواجه تحديات كبيرة في ظل تزايد أعداد الطلبة، خاصة مع تدفق اللاجئين السوريين ... أدى ذلك إلى حاجة فعلية إلى بناء مدارس، وإجراء أعمال صيانة".

أما الطلبة السوريون الملتحقون بمدارس حكومية  فيبلغ عددهم نحو 130 ألف طالب، وفقا لخطة الاستجابة الحكومية للأزمة السورية.

تجهيزات العام الدراسي

وزارة التربية والتعليم قالت إنها أنهت تجهيزاتها لبدء العام الجديد، بما في ذلك التحاق نحو 100 ألف معلم ومعلمة بالمدارس قبل أسبوع من بدء العام الدراسي لتهيئتهم.

وأضافت أنها تسلّمت 17 مدرسة جديدة جهزت للتخفيف من اكتظاظ بعض المدارس، يضاف إلى ذلك زيادة 388 غرفة صفية في مدارس قائمة لاستيعاب الطلبة.

الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم، وليد الجلاد، قال لـ "المملكة" إن الوزارة اتخذت إجراءات "في إطار الجهود التي تبذلها لضمان استقرار العملية التعليمية في المدارس مع بداية العام الدراسي الجديد، ومواجهة تحديات توفير المزيد من المدارس؛ نتيجة للزيادة الطبيعية الكبيرة لأعداد الطلبة في كل عام، وارتفاع أعداد المنتقلين من المدارس الخاصة للحكومية".

وأضاف الجلاد أن الوزارة عينت 3600 معلم ومعلمة خلال العطلة الصيفية، "ولديها مخزون من المعلمين للتعليم الإضافي، عقدت لهم امتحانا تنافسيا للاستعانة بهم في حال وجود نقص، مع التنسيق مع ديوان الخدمة المدنية لتوفير الشواغر أولا بأول".

وأجرت الوزارة عمليات صيانة لـ 256 مدرسة، بحسب الجلاد.

مدير الصيانة في وزارة التربية والتعليم، أحمد الصباح، قال، إن قيمة عطاءات صيانة مباني المدارس الحكومية في عام 2019 بلغت 10 آلاف دينار، مشيرا إلى أن عمليات الصيانة "مستمرة على مدار العام" عبر عطاءات يصل عددها إلى 1200 سنويا.

الصباح قال لـ "المملكة" إن زيادة أعداد الطلبة "يشكل ضغطا على مرافق المدارس، ومن ثم يخلق حاجة كبيرة للصيانة"، مشيرا إلى أن عدد المدارس الحكومية في الأردن يصل إلى 4 آلاف مدرسة، موزعة على 42 مديرية تربية.

المملكة