خفض البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة الرئيسية على كافة أدوات السياسة النقدية بمقدار 25 نقطة أساس (ربع نقطة مئوية)، ابتداءً من الخميس الماضي. كيف سيؤثر خفض أسعار الفائدة على أرباح البنوك والنشاط المصرفي بشكل عام؟.

القطاع المصرفي حيوي للاقتصاد لدوره في حشد المدخرات المحلية والأجنبية وتعبئتها، وقوته ومتانته معيار للحكم على سلامة الاقتصاد.

تؤدي البنوك دورا مهما  يتمثل في تمويل المشاريع الإنتاجية والاستثمار، وهو  عصب النشاط الاقتصادي، إِذ تمنح البنوك تسهيلات مصرفية وقروضا لعملائها مقابل فوائد؛ مما يساهم في زيادة السيولة في الاقتصاد، وتحسن النشاط الاقتصادي.

تحقق البنوك أرباحها المصرفية بشكل رئيسي من خلال الفارق بين الفوائد التي تحصل عليها مقابل منح القروض، وبين الأموال التي تدفعها للمودعين لديها. من هنا، تأتي الأهمية الكبيرة لسعر الفائدة، وتأثيرها الكبير في ربحية البنوك، وفقا لارتفاعه أو انخفاضه، بموجب قرارات البنك المركزي الأردني، التي تعدل بحسب بيانات ومعطيات اقتصادية، إضافة إلى تطورات الأسواق العالمية.

مفهوم سعر الفائدة

سعر الفائدة من أهم الأدوات المستخدمة للتأثير على النشاط الاقتصادي، ومن خلاله يمكن تنفيذ أدوات السياسة النقدية، وتحقيق الأهداف الاقتصادية؛ لأنه يؤثر  في رغبات الناس في الاستثمار أو الادخار.

وتؤثر أسعار الفائدة في قرارات المستثمرين والأفراد، إذ يقوم المقترض أو المستثمر بمقارنة سعر الفائدة بعوائد النشاطات الاستثمارية الأخرى المختلفة. إذا كانت كلفة الاقتراض قليلة مقابل الحصول على عوائد أكبر من استثمارات، سيؤدي ذلك إلى حدوث موجه من التوجة للاقتراض؛ مما ينعكس على تحسن سوق الائتمان بشكل عام، وبالتالي زيادة النشاط الاستثماري والتجاري في  الاقتصاد.

كيف تتاثر البنوك؟

القروض والتسهيلات أهم بنود موجودات البنوك التجارية وأكثرها ربحية، ، فكلما ازداد حجم القروض، ازدادت الفوائد، ومن ثم الربحية.

على المدى القصير، سيحدث استقرار في أرباح البنوك بسبب انخفاض الفائدة على الودائع، إضافة إلى انخفاض الفائدة على الإقراض والتسهيلات.

في المقابل، خفض الفائدة سينعكس إيجابيًا على أرباح البنوك على المدى المتوسط والطويل؛ لأنه يسهم في مزيد من الطلب والإقبال على الاقتراض، وبالتالي زيادة حجم التسهيلات؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الإيرادات والأرباح البنكية.

أسعار الفائدة لدى البنوك الأردنية كانت مرتفعة، فقد كان لديها ودائع كبيرة بكلفة عالية، وكانت تحاول إقراض العملاء بكلفة أعلى لتحقق الأرباح؛ مما أدى إلى عدم نمو التسهيلات بشكل كبير بسبب ارتفاع الفوائد.

التحول الجديد في التخفيض من قبل البنك المركزي الأردني سيسهم في زيادة حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك، وبالتالي تحسن ربحيتها على المدى المتوسط والطويل؛ مما ينعكس إيجابيا على نمو الاقتصاد الأردني.

تخفيض عجز الموازنة

الحكومة من أكثر المستفيدين من خفض الفائدة، من خلال انخفاض متوقع في أسعار الفائدة على السندات التي تصدرها الحكومة من أجل الاقتراض، الأمر الذي قد ينعكس إيجابيا على خفض عجز الموازنة، وتقليل فوائد الديون، وتكاليف خدمة الدين  بشكل عام.

بورصة عمّان

انخفاض الفوائد على إيداع الأموال في البنوك عامل مهم في انتقال السيولة من البنوك إلى استثمارها في بورصة عمّان، إذ يصبح عائد الإيداع (الودائع في البنوك) أقل ربحية و جاذبية من استثمار تلك الأموال في السوق المالية، خاصة مع وصول التوزيعات النقدية إلى مستويات قياسية تجاوزت 800 مليون دينار في عام 2018. ويبلغ عائد التوزيعات النقدية في بورصة عمّان حاليا نحو 6%، وهذا عامل جاذب للاستثمار في البورصة.

القروض الشخصية

أصحاب القروض الشخصية من البنوك  من  أهم المستفيدين من خفض الفائدة، خاصة أن هذا النوع من القروض الاستهلاكية لا يدر عوائد مالية، وبالتالي كلما كانت الكلفة أقل، يستفيد المقترض أكثر.

قد يشجع خفض الفائدة على الاتجاه لهذا النوع من القروض؛ مما يؤدي إلى تنشيط القطاع الاستهلاكي الذي عانى في السنوات الأخيرة من تراجع القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار، المتزامنة مع برنامج الإصلاح الاقتصادي.

قطاع العقارات

بعد خفض أسعار الفائدة، قد يزداد حجم القروض العقارية بكلفة أقل على الأفراد؛ مما قد يسهم في تنشيط قطاع العقارات، الذي يعاني في الفترة الأخيرة مع ارتفاع الأسعار، وزيادة المعروض، وتراجع الطلب.

*محلل مالي

المملكة