أدانت محكمة سودانية السبت، الرئيس السابق عمر البشير بتهمتي الفساد وحيازة مبالغ بالعملة الأجنبية بصورة غير مشروعة وقضت بإيداعه مؤسسة للإصلاح الاجتماعي لمدة عامين.

وقال القاضي الذي ترأس المحكمة إنه تقرر إيداع البشير 75 عاما مؤسسة الإصلاح الاجتماعي وليس السجن نظرا لكبر سنه. وكان الجيش قد أطاح بالبشير في أبريل/نيسان في أعقاب احتجاجات حاشدة استمرت لشهور رفضا لحكمه الذي دام لثلاثة عقود.

وأمر القاضي أيضا بمصادرة ملايين من اليورو والجنيه السوداني عُثر عليها في مقر إقامة البشير بعد الإطاحة به.

البشير، مطلوب أيضا لدى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرتي اعتقال بحقه في عامي 2009 و2010 لتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في منطقة دارفور السودانية.

ومن داخل قفص الاتهام، تابع البشير الذي ظهر في جلباب تقليدي أبيض وعمامة، نطق الحكم.

وأقيمت عدة قضايا أخرى في السودان ضد الرئيس السابق. وفي مايو/أيار، اتُهم البشير بالتحريض والضلوع في قتل المتظاهرين وجرى استدعاؤه الأسبوع الماضي لاستجوابه في دوره في الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1989 وأتى به إلى السلطة.

ونشرت السبت، قوات أمنية كبيرة في شوارع الخرطوم. وقال الجيش في بيان محذرا "سنمنع وقوع أي عنف".

في الوقت نفسه، أعلنت السلطة الانتقالية في السودان السبت، حل مجالس النقابات والاتحادات المهنية التي أنشئت في عهد الرئيس السابق.

وتحكم السودان اليوم حكومة انتقالية يرئسها مدني ومجلس سيادي يضم عسكريين ومدنيين.

أول محاكمة

قال محمد الحسن الأمين أحد محامي البشير للصحافيين إنهم على قناعة بأن القضية ليست قانونية وإنما "سياسية". 

وذكر شاهد في القضية أن الرئيس السابق قدم حوالى 5 ملايين يورو إلى "قوات الدعم السريع".

واعترف البشير بحصوله على 90 مليون دولار من السعودية، لكن القضية التي سيصدر الحكم فيها السبت، لا تتعلق سوى بـ 25 مليون دولار تلقاها من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أشهر من سقوط حكمه.

وأشار البشير إلى أن المبالغ التي ضبطتها السلطات هي ما تبقى من مبلغ 25 مليون دولار وأن المبلغ هو جزء من علاقة السودان الاستراتيجية مع السعودية وضمن أموال الدعم التي تقدمها، ولم يكن "للاستخدام الشخصي". 

وأكد القاضي الصادق عبد الرحمن في بداية المحاكمة أن السلطات ضبطت 6,9 ملايين يورو و351 الف دولار إضافة إلى 5,7 ملايين جنيه سوداني (ما يعادل 128 الف دولار) في مقر إقامة البشير .

والسودان من الدول الأكثر تضررا بالفساد. وهو يحتل المرتبة 172 من جملة 180 دولة، وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية.

ورأى آدم راشد نائب الأمين العام لهيئة محامي دارفور أنه يجب محاكمة البشير "على جرائمه سواء كانت صغيرة أم كبيرة"، مؤكدا أن محاكمته بشأن الفساد "قضية صغيرة جداً بالنسبة للجرائم التي ارتكبها في دارفور".

وأضاف أن "ضحايا جرائمه في دارفور لا يهتمون بهذه القضية، وهي ليست في حجم التهم التي يواجهها في المحكمة الجنائية الدولية".

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق البشير لدوره في النزاع الذي اندلع في دارفور عام 2003  عندما حملت السلاح مجموعات تنتمي لأقليات ذات أصول أفريقية ضد حكومة الخرطوم التي ناصرتها القبائل العربية تحت دعاوى تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا.

وردت الخرطوم باستخدام مجموعات اعتمدت سياسة الأرض المحروقة ضد من تعتقد أنهم يناصرون المتمردين "عبر حرق القرى ونهب المملكات واغتصاب النساء"، وفق مجموعات حقوقية. 

واتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب لدوره في النزاع الذي خلف وفق الأمم المتحدة  300 ألف قتيل وشرد 2,5 مليون شخص من منازلهم .

رويترز + أ ف ب