كشف استطلاع رأي نفذته جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات "إنتاج" نيّة شركات عاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات مُغادرة السوق المحليّة أو تقليص كوادرها، أو نقل عملياتها من الأردن، والإبقاء على مكاتب إقليميّة فقط لها في الأردن.

وجاء في الاستطلاع، الذي استند على توجيه أسئلة لشركات أعضاء في جمعية "إنتاج"- تبرير تلك الشركات نيّتها الانسحاب؛ بسبب ضعف مبيعاتها في السوق المحليّة، نتيجة رفع الضرائب، والصعوبات الاقتصاديّة التي تواجه المُستثمرين.

" الحوافز الاستثماريّة الممنوحة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، رافقها انعدام للثقة في القرارات والتشريعات الحكوميّة؛ الأمر الذي انعكس سلبا على البيئة الاستثماريّة في الأردن" وفق الشركات المشاركة في الاستطلاع.

ووصفت الشركات البيئة الاستثماريّة في الأردن بـ "غير الجيدة" بسب قوانين ضريبة الدخل والمبيعات، والجمارك والرسوم الإضافيّة التي جعلت من الأردن الأعلى مقارنة بين الدول المحيطة، وسط البيروقراطيّة الحكوميّة التي لاتزال موجودة.

وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مثنى الغرايبة، قال في تصريحات صحفية سابقة خلال افتتاح أعمال شركة بريد أسترالي ، إن الأردن منح قطاع التكنولوجيا حوافز وإعفاءات ضريبية، ومزايا استثمارية، لجذب المزيد من الاستثمارات في القطاع، مؤكداً أن الأردن يسعى، وبكل الإمكانات بأن يصبح مركزاً إقليمياً لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وأعلن الوزير انتهاء دارسة العبء الضريبي على قطاع الاتصالات، وبدء الحوار مع الشركات.

ولم يتسن الحصول على تعليق حكومي على الاستطلاع.

المدير التنفيذي لـ "إنتاج"، نضال البيطار، قال لـ "المملكة" إن الاستطلاع يهدف إلى "نقل صوت القطاع".

وأضاف أن "إنتاج تعمل بجد على جذب استثمارات لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن، وتهدف لازدهار القطاع".

وبين: "الإعفاءات التي حصل عليها القطاع عام 2016 كانت إيجابية، والعام الماضي طالبنا بوضع هذه الإعفاءات في إطار قانوني، ولم يُقبل طلبنا، لكن وُعدنا بإبقائها".

وقال البيطار إن "إنتاج" تتطالب بمزيد من "الحوافز واستقرار التشريعات".

وبحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الاتصالات، يتمتع قطاع تكنولوجيا المعلومات بإعفاءات وحوافز استثمار، منها إعفاء أنشطة قطاع تكنولوجيا المعلومات من ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية عند شراء السلع أو الخدمات من داخل الأردن أو الاستيراد من الخارج، إضافة إلى إعفاء أنشطة القطاع من ضريبة المبيعات عند بيع الخدمات.

ووفقا لاستطلاع "إنتاج"، فإن "البيئة الاستثماريّة أصبحت أضعف؛ نتيجة الرسوم الجمركيّة العالية بالمقارنة مع جميع الدول المحيطة" بالأردن.

واعتبروا أن البيئة غير ملائمة للاستثمار، وطاردة لرؤوس الأموال والخبرات؛ نتيجة تقلب التشريعات والقوانين دون اعتبار للأثر المستقبلي، ودون النظر لمنافسة الدول المحيطة بجذب الاستثمارات، وتقديم فرص حقيقية لتطوير الأعمال، بالإضافة إلى جاذبية أسواقها والقدرة الشرائية فيها.

وبحسب الشركات، فإن البيئة الاستثماريّة في الأردن تعاني من "انحدار شديد" في عدة نواحي أهمها: القوانين والتشريعات، وانعكاسها السلبي على كافة القطاعات التجاريّة والصناعيّة الأخرى.

" القطاع يعتمد بشكل أو بآخر على باقي قطاعات الأعمال المحليّة الأخرى" بحسب الشركات.

وفيما يتعلق بمبيعات الشركات العام الماضيّ، ذكرت الشركات أن الطلب في السوق المحليّة تراجع  خلال عام 2018؛ بسبب قانون الضريبة وتبعاته، في حين أن الشركات المتوسطة تعاني من صعوبة في الانخراط بمجتمع الأعمال، والتحول الرقمي؛ بسبب نقص التمويل، أو عدم إدراكها لأهمية الاستثمار بمكونات التحوّل الرقمي.

وأشاروا إلى أن نسبة كبيرة من مبيعاتهم تتجه إلى أسواق في المنطقة نتيجة كفاءة المنتج المحلي، والقدرة على الشراء في تلك الأسواق.

وحول تقييمهم لواقع الأرباح في عام 2018 مقارنة مع السنوات السابقة، قالت الشركات : "هناك تراجع كبير خلال العام الماضي؛ نظرا للتحديات على المستويين المحلي والإقليمي، بالإضافة للحركة البطيئة في السوق المحليّة، وارتفاع الكلف محليّا بسبب الضرائب ".

وحول توقعاتهم للعام الحالي، أجابت الشركات، بأن النهج الحكومي المُستمر في تعديلات قانون الضريبة، وضعف الإنفاق الحكومي، يدفعان إلى توقعات "ضبابية".

وشددت الشركات على أنها تقوم بتحديث خططها بشكل مستمر بالبحث الدائم عن الفرص، والبحث عن أسواق جديدة في المنطقة، وإطلاق خدمات جديدة تتواكب مع تطبيقات إنترنت الأشياء والواقع الافتراضي، إلا أن ذلك لن يقدم المنفعة الكبيرة من دون تحسن مؤشرات الاقتصاد الوطني.

وبالنسبة لأبرز المعوقات التي تواجه عملهم في الأردن، قالت شركات، إن أهم المعوقات تكمن في قوانين الضريبة والضمان الاجتماعي والعمل، في حين ترى أخرى أن المعوقات تتمثل في محدوديّة الموارد البشريّة ذات الخبرات التقنيّة، وارتفاع نسب الضرائب والأسعار، وعدم تبني الحكومات للأنظمة المحليّة، وتفضيل الحلول العالميّة برغم من كُلفتها العالية، وعزوف شركات ومؤسسات أردنيّة عن استخدام الحلول المحليّة كجزء من إيمانهم بأفضليّة الحلول العالميّة.

وشددت الشركات -بحسب الاستطلاع- على أن من المعوقات أيضا، صعوبة الحصول على تمويل، إذ إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى تمويل بنكي سريع دون تعقيدات، أو إجراءات روتينية طويلة، مُطالبين البنوك بتسريع التمويل للشركات الصغيرة بدون تعقيدات.

وأضافوا أن من المعوقات أيضا، عدم وجود خريجين جدد لديهم معرفة بمتطلبات العمل الجديدة، في حين أن المحافظة على الموظفين تعتبر تحديا،  فالمنافسون في الخارج يدفعون لهم 3 أضعاف الراتب المحلي.

وعلى الصعيد ذاته، كشف الاستطلاع عن تفضيل الشركات المحلية للاستثمار، والانتقال للعمل في دول كالإمارات والبحرين وقطر ومصر؛ لسهولة الإجراءات، وعدم وجود تعقيدات، ووجود قوانين تحفز الاستثمار، وحجم الإنفاق الجيد على التكنولوجيا، وانخفاض الكلف.

وطالبت الشركات الحكومة بإصلاح القطاع العام، وخفض نفقاته 40 %، ووقف "التغول الضريبيّ" على القطاعات التجارية، وتخفيض الضرائب الخاصة والعامة بما يسمح للقطاع التجاريّ الأردني بالاستمرار في المنافسة العالمية، وسن قوانين "رادعة" وواضحة لحماية حقوق الملكيّة الفكريّة، وإيجاد طاقم قانونيّ مُختصّ للتحكيم فيها.

ودعت الشركات الحكومة إلى التسهيل على المستثمرين من خلال قوانين تحفز الاستثمار، وتخفيض ضريبة المبيعات والدخل على بعض القطاعات لتنشيط الاقتصاد، وتحسين إجراءات الحصول تأشيرة دخول "الفيزا" إلى الأردن.

واقترحت الشركات تحصيل ضريبة المبيعات كل ستة أشهر، أو تحصيلها مع ضريبة الدخل على الشركات، وتخفيضها لتصبح 7 %، وتخفيض الرسوم الجمركيّة على كل الأجهزة المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وإلغاء ضريبة المشتريات الخارجية غير المستردة، وفتح باب المنافسة بين الشركات المحليّة في القطاعين العام والخاص من دون تمييز، بالإضافة لإعطاء المنتج المحلي الأفضلية عن الأجنبي.

وطالبت الشركات الحكومة بتخفيض نسبة مدخلات الإنتاج الأجنبيّة من مُشتريات الحكومة من تكنولوجيا المعلومات على حساب زيادة القيمة المُضافة للمنتج المحلي.

ودعت الشركات إلى دراسة العلاقة بين شركات التقنيّة والمؤسسات الرسميّة، واتخاذ خطوات باتجاه زيادة التفاعل مع المبادرات، وإحداث تغيير في النظرة إلى دور كُلّ طرف.

وأكدت الشركات على أهمية الاجتماع المُستمر مع الحكومة لتحقيق مطالب الأعضاء، والطلب من السفارات الأردنيّة والملحقيات التجاريّة في الخارج الاطلاع أكثر على المنتجات والقدرات المحليّة في المجال، ومن ثم تقديم توصيات حول الأسواق التي يمكن الولوج إليها.

هشام قطان، الذي يملك شركة تكنولوجيا معلومات ليست عضوا في "إنتاج"، قال إن الاستطلاع "يعكس واقع الحال الذي يمر به القطاع".

ويرى قطان أن "صناعة البرمجيات من السهل أن تنتقل من بلد لآخر، ولا يوجد حدود لعملها"، داعيا لتأسيس "شراكة حقيقية" بين القطاعين العام والخاص.

المملكة