حقق المنتخب الكرواتي بقيادة لوكا مودريتش انجاز بلوغ نهائي كأس العالم في كرة القدم للمرة الأولى في تاريخه، بفوزه الأربعاء على انكلترا، ليحجز موعدا مع فرنسا التي حرمته هذه الفرصة قبل 20 عاما.

وفازت كرواتيا على انكلترا 2-1 بعد التمديد (التعادل 1-1 في الوقت الأصلي)، في مباراة نصف النهائي بينهما على ملعب لوجنيكي في موسكو، والذي سيكون الأحد مسرحا لمباراة نهائية طرفها الثاني فرنسا الفائزة على بلجيكا 1-صفر في أولى مباراتي نصف النهائي الثلاثاء.

وفي مباراة الأربعاء، تقدمت انكلترا بهدف في الدقيقة الخامسة عبر المدافع كيران تريبيير من ركلة حرة مباشرة، قبل ان تعادل كرواتيا عبر ايفان بيريشيتش في الدقيقة 68. وفرض التعادل تمديد المباراة الى شوطين اضافيين حسمت فيهما كرواتيا النتيجة بهدف لماريو ماندزوكيتش (109).

وحرم الفوز الكرواتي المنتخب الانكليزي من بلوغ المباراة النهائية للمرة الثانية في تاريخه والأولى منذ 1966، عندما توج على أرضه بلقبه الوحيد.

وكانت كرواتيا تخوض نصف نهائي المونديال للمرة الثانية في تاريخها، والأولى منذ عام 1998 عندما وصلت الى هذه المرحلة في المونديال الفرنسي، قبل ان تخسر بنتيجة 1-2 أمام أصحاب الأرض، وتنهي البطولة في المركز الثالث على حساب المنتخب الهولندي.

وبعد 20 عاما على حرمان فرنسا لكرواتيا من فرصة بلوغ المباراة النهائية في مشاركتها الأولى كدولة مستقلة، ستكون الأخيرة أمام فرصة الثأر وهذه المرة عندما تنافس على ما هو أهم: الكأس الذهبية التي يحلم بها الجميع.

وتمكن الجيل الكرواتي الموهوب بقيادة مودريتش وايفان راكيتيتش وماندزوكيتش، من الذهاب الى أبعد مما حققه الجيل الذهبي لتسعينات القرن الماضي بقيادة دافور شوكر، أي بلوغ المباراة النهائية.

وقال ماندزوكيتش "الأمر لا يصدق. اعتقد اننا لم نستوعب بعد ما حصل للتو. هذه ليست أعجوبة، لقد حققنا أمرا لا يمكن ان يتحقق سوى من قبل لاعبين كبار. لعبنا من كل قلبنا".

ومع صافرة نهاية المباراة، انطلقت في العاصمة الكرواتية زغرب ومدن أخرى، الاحتفالات بما اعتبره معلق تلفزيوني كرواتي "معجزة المعجزات".

- انكلترا تضيع الفرصة -
وفي إزاء تفوق الجيل الكرواتي الحالي بقيادة المدرب زلاتكو داليتش، فشلت التشكيلة الشابة للانكليزي غاريث ساوثغيت في معادلة إنجاز جيل 1966 لمنتخب "الأسود الثلاثة" الذي كان يخوض الأربعاء نصف النهائي الثالث بعد 1990 عندما خرج أمام ألمانيا الغربية بركلات الترجيح.

وقال قائد المنتخب هاري كاين ان الخسارة "مؤلمة، مؤلمة جدا (...) ستسبب ألما لبعض الوقت بالطبع. لكن يمكننا ان نرفع رأسنا عاليا. كانت مسيرة مذهلة، ووصلنا الى أبعد مما كان يعتقد أي أحد".

وكانت انكلترا أمام فرصة ذهبية للفوز الأربعاء، لاسيما بعدما تقدمت بهدف مبكر في الشوط الأول الذي شهد بعض الضياع الكرواتي. الا ان التشكيلة الكرواتية الموهوبة قلبت الأمور رأسا على عقب في الشوط الثاني، أكان على صعيد الأداء أو النتيجة.

وحافظ ساوثغيت على التشكيلة نفسها التي بدأ بها مباراة الدور ربع النهائي ضد السويد (2-صفر)، بينما أجرى داليتش تبديلا واحدا بالدفع بمارسيلو بروزوفيتش بدلا من أندري كراماريتش.

وبدأ الانكليز الشوط الأول بضغط سريع، بينما افتقدت كرواتيا اللمسة الحاسمة في منطقة منتخب "الأسود الثلاثة"، وغاب التواصل الفعال بين نجمي خط وسطها مودريتش وراكيتيتش وماندوزكيتش.

وأتى الهدف الأول سريعا بركلة حرة من على حافة المنطقة بعد خطأ من مودريتش على الانكليزي ديلي آلي. وانبرى تريبيير للركلة وسددها رائعة من فوق الحائط البشري على يسار الحارس دانيال سوباشيتش (5).

وواصلت انكلترا بعد الهدف اعتمادها الكبير على الضربات الثابتة في المونديال الروسي. وكان هدف تريبيير لاعب توتنهام هوتسبر، التاسع للمنتخب من ضربة ثابتة (ركلة ركنية أو حرة أو ضربة جزاء) من أصل 12 هدفا سجلها "الأسود الثلاثة" منذ انطلاق نهائيات المونديال الروسي.

واحتاجت كرواتيا الى نحو عشر دقائق لاستيعاب الهدف، وبدأ لاعبوها بالتحرك بشكل أفضل على أرض الملعب، لكن مع مواصلة الاعتماد على التسديدات البعيدة التي غالبا ما كانت خارج المرمى أو أبعدها الدفاع قبل ان تشكل خطورة على مرمى جوردان بيكفورد.

وكانت الفرص نادرة في هذا الشوط، ولم يسدد كل من المنتخبين سوى مرة واحدة بين الخشبات الثلاث لمرمى الخصم على امتداد الدقائق الـ 45. 

- بيرشيتش الأفضل -
وفشل المنتخب الانكليزي في استغلال تراجع فعالية مودريتش وراكيتيتش، ودفع الثمن في الشوط الثاني مع ازدياد خطورة ماندزوكيش وبيريشيتش.

وأتى هدف التعادل عبر بيريشيتش، عندما حول بقدمه ومن وضعية صعبة أقرب الى "ركلة كاراتيه" بالقدم اليسرى، كرة عرضية رفعها شيمي فرساليكو، على رغم محاولة المدافع كايل ووكر قطعها برأسه.

وامتدت المباراة الى شوطين اضافيين. وكانت انكلترا قريبة من التقدم في الدقيقة 98، عندما تابع المدافع جون ستونز برأسه كرة اثر ركلة ركنية الا ان فرساليكو ابعدها برأسه وهي في طريقها الى المرمى. وكاد ماندزوكيتش ان يمنح بلاده الهدف الثاني عندما تابع بيمناه كرة عرضية لبيريشيتش قرب المرمى، الا ان بيكفورد صد محاولته بأعجوبة.

ولم يتأخر لاعب يوفنتوس الايطالي في تسجيل هدف التفوق لكرواتيا. فبعد محاولة تشتيت خاطئة من ووكر، أعاد بيريشيتش الكرة برأسه الى خلف المدافعين الانكليز، ليلاقيها ماندزوكيش ويتابعها بقوة في مرمى بيكفورد.

واختير بيريشيتش لاعب نادي انتر ميلان الايطالي، أفضل لاعب في المباراة، علما انه كان قريبا من تسجيل هدف شخصي ثان في الدقيقة 72 بعد مراوغة في منطقة الجزاء، الا ان تسديدته ارتدت من القائم الايسر.

وأكمل الانكليز الدقائق الأخيرة من الشوط الاضافي الثاني بعشرة لاعبين بسبب إصابة تريبيير واستنفاد ساوثغيت كل التغييرات القانونية. 

أ ف ب